روسيا وأميركا... مناورات قبل المفاوضات

موسكو تتهم كييف بالحشد في الدونباس... ولوكاشينكو يهدد مجدداً بقطع الغاز عن أوروبا

نشر في 02-12-2021
آخر تحديث 02-12-2021 | 00:04
بوتين خلال استقباله سفراء في «الكرملين» أمس الأول (رويترز)
بوتين خلال استقباله سفراء في «الكرملين» أمس الأول (رويترز)
قبل لقاء مرتقب بين وزيري خارجية أميركا وروسيا، يسبق قمة افتراضية بين رئيسي البلدين، وصل التوتر إلى أعلى مرحلة بين روسيا ودول حلف شمال الأطلسي، وسط مناورات عسكرية واتهامات متبادلة.
عشية لقاء وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره الأميركي أنتوني بلينكن في استوكهولم، لبحث التوتر العسكري عند الحدود بين روسيا وأوكرانيا، اتهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دول حلف الأطلسي (الناتو) بتجاهل قلق روسيا من توسع الحلف نحو حدودها، مشددا على أنه سيؤكد تمسكه بعدم السماح بذلك.

ولليوم الثاني على التوالي، هدد بوتين باتخاذ إجراءات عسكرية مناسبة، ردا على ما اسماه "استفزازات الناتو"، كما بدأت القوات الروسية مناورات واسعة مع دول "آسيان" في إندونيسيا، واتهمت أوكرانيا بنشر 125 ألف جندي على خطوط التماس مع منطقة "الدونباس" التي يسيطر انفصاليون مواليون لروسيا على أجزاء منها.

وقال بوتين، خلال مراسم اعتماد السفراء الأجانب، "التهديدات تقترب من حدودنا وفي هذه الحالة، نتخذ إجراءات عسكرية فنية مناسبة، لكن أكرر لسنا نحن من يهدد أحدا"، مقترحا بدء مفاوضات جوهرية لتحقيق ضمانات قانونية بعدم توسع "الأطلسي" باتجاه الحدود الروسية الشرقية.

وقبل ساعات، حذر بوتين "الناتو"، خلال عقده اجتماعا خاصا على المستوى الوزاري لبحث التوتر مع أوكرانيا، من "تجاوز الخطوط الحمراء"، مشيرا خصوصا إلى نشر الغرب صواريخ ضاربة في أوكرانيا.

حشود ومناورات

ميدانيا، حذرت وزارة الخارجية الروسية من نشر الجيش الأوكراني 125 ألف جندي ومعدات عسكرية ثقيلة بالقرب من منطقة دونباس، مؤكدة أن هذا الرقم يعادل نصف قواتها الموجودة على الحدود.

في موازاة ذلك، أطلق الجيش الروسي أمس أول تدريبات عسكرية من نوعها مع رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) في المياه الإقليمية لإندونيسيا قبالة سومطرة الشمالية، موضحا أنها ستستمر حتى الغد، وستجرى بشقين افتراضي وبحري.

وقال السفير الروسي لدى آسيان ألكسندر إيفانوف، خلال مراسم حضرتها السفيرة لدى إندونيسيا ليودميلا فوروبييفا وقادة التشكيلات البحرية، "تتعلق تلك التدريبات بالسلام والاستقرار والازدهار في المنطقة، إننا نفتح صفحة جديدة في شراكتنا الاستراتيجية".

تحركات دبلوماسية

وفي إطار جولة دبلوماسية مكوكية شملت حضوره اجتماع منظمة الأمن والتعاون في أوروبا بالعاصمة السويدية وحلف الأطلسي بالعاصمة اللاتفية، يلتقي وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن نظيره الروسي سيرغي لافروف في ستوكهولم اليوم، لبحث تجدد التوتر العسكري بين روسيا والغرب، وخصوصا الوضع في أوكرانيا.

وبعد اجتماعه مع بلينكن في العاصمة السويدية، طالب نظيره الأوكراني دميترو كوليبا دول الحلف بتقديم "حزمة ردع لروسيا من ثلاثة مستويات، أولها التدابير السياسية وتعزيز التعاون العسكري والتحذير من عواقب تحركاتها العدوانية المحتملة ضد أوكرانيا"، مضيفا: "نحن على ثقة بأننا إذا عملنا على تضافر الجهود، وتحركنا بطريقة منسقة فسنكون قادرين على ردع الرئيس بوتين وتثبيط همته عن اختيار السيناريو الأسوأ وهو عملية عسكرية".

وأفاد المتحدث باسم الخارجية الأميركية بأن بلينكن ناقش مع ستولتنبرغ في ريغا التوحد في دعم أوكرانيا في مواجهة التهديد الروسي، وأهمية استمرار المشاورات في مختلف القضايا، فضلا عن إعداد مفهوم استراتيجي جديد للمراقبة، والحد من التسلح والأمن الإقليمي.

وبعد اليوم الأول من محادثات ريغا، قال الأمين العام لحلف الأطلسي ينس ستولتنبرغ: "أي عدوان روسي في المستقبل ضد أوكرانيا سيكون له ثمن باهظ وعواقب سياسية واقتصادية وخيمة على روسيا".

وذكر وزير الخارجية الدنماركي جيبي كوفود، فور وصوله لحضور جلسة حلف الأطلسي، أن أي عملية عسكرية تنتهك سيادة أوكرانيا ستقابل "بعواقب وخيمة"، وان الدنمارك مستعدة للمشاركة في عقوبات "قاسية".

وفي أوكرانيا، دعا الرئيس فولوديمير زيلينسكي أمس إلى "مفاوضات مباشرة" مع روسيا، معترفا بأنه بدون ذلك لا أحد في الحقيقة سيكون قادرا على وقف الحرب مع انفصاليي الشرق الموالين لها.

ودعا زيلينسكي، في خطاب أمام البرلمان، جميع القوى السياسية إلى توحيد الصفوف لإعادة الأراضي الأوكرانية، قائلا: "دعونا نناضل من أجل ذلك، من أجل هذه الأراضي، بكل إمكاناتنا، يدا بيد، ونعلم أن جيشنا هو الأفضل في العالم وسيحمينا".

وقبل لقاء بلينكن ولافروف، أمرت الخارجية الروسية موظفي السفارة الأميركية في موسكو منذ أكثر من 3 سنوات بالمغادرة بحلول 31 يناير، مبينة أن ذلك رد بالمثل على واشنطن.

وقالت ماريا زاخاروفا، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية في إفادة صحافية "نحن نعتزم الرد بالمثل. على موظفي السفارة الأميركية الموجودين في موسكو منذ أكثر من 3 أعوام مغادرة روسيا بحلول 31 يناير".

وأضافت، إن القواعد الأميركية الجديدة تعني أن الدبلوماسيين الروس الذين أجبروا على مغادرة الولايات المتحدة سيمنعون من العمل كدبلوماسيين لديها لثلاثة أعوام.

وتأتي هذه الخطوة بعد أن قال سفير موسكو لدى الولايات المتحدة الأسبوع الماضي، إن 27 دبلوماسيا روسيا وعائلاتهم طُردوا من الولايات المتحدة وسيغادرون يوم 30 يناير.

لوكاشينكو والقرم

في غضون ذلك، حذر الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو بولندا من تنفيذ تهديداتها بإغلاق الحدود مع بيلاروس، مؤكدا أنه جاد في وقف ترانزيت الغاز الروسي إلى أوروبا كرد على هذه الخطوة، متابعا: "عندما يخنقني البولنديون أو غيرهم، هل تعتقد أنني سأنظر في بعض العقود (عقود ترانزيت الغاز)؟ ما الذي تتحدث عنه؟ بالطبع سأقطع الغاز".

وقال لوكاشينكو، لوكالة "نوفوستي"، إن إغلاق الحدود ستكون له تداعيات على أوروبا أكثر من بيلاروس، مضيفا: "إذا قرر البولنديون إغلاق الحدود، فلا بأس، نحن لا نسافر كثيرا إلى الاتحاد الأوروبي، مصلحتنا اليوم هي مع روسيا والصين والشرق، وفي حال إغلاق الحدود ماذا سيحدث بتدفق البضائع من أوروبا الذي يمر بشكل أساسي عبر بيلاروس إلى روسيا والصين؟".

من جهة ثانية، اعتبر لوكاشنكو، الذي بقي حتى الأمس القريب غير ملتزم نظرة الكرملين لقضية شبه الجزيرة، أن شبه جزيرة القرم أصبحت في الأمر الواقع روسية، وبعد الاستفتاء عام 2014 أصبحت جزءا من الأراضي الروسية، مردفا: "القرم لي أيضا، واتفقنا مع بوتين على زيارتها"، وشدد على أنه من حقه زيارة المنطقة رفقة الرئيس الروسي قائلا إن "القرم لي أيضا".

موسكو تطرد دبلوماسيين أميركيين
back to top