كاريزما الإنسان

«كاريزما» كلمة يونانية تعني «هدية» أو«مصلحة إلهية» بحيث تصف شخصية نادرة لافتة للانتباه، يتميز بها الإنسان سواء في المظهر الخارجي أو التمكن من فن التواصل وقدرة الإقناع، فصاحب الكاريزما يتمتع بالثقة والتركيز والطاقة الإيجابية والشخصية الجاذبية.

عند قدماء الإغريق تعتبر الكاريزما «نعمة» وهي هِبة فطرية من الإله مرتبطة بالإنسان، ولذلك فهي مؤثرة بشكل مباشر بين الأفراد وعلى المجتمع، ففي وقتنا الحاضر أخذت الكاريزما تتطور وأصبحت محط أنظار علماء الاجتماع من خلال دراسة خصائصها وأنواعها وكيفية الاستفادة منها لتطوير الذات في شتى المجالات، ودخلت الوسط الإعلامي والفني في نقل الأخبار بصور جاذبة وأشكال متعددة، وانتشارها في المسرح وصناعة الأفلام.

تناقلت وسائل الإعلام موهبة الطفلة مريم أمجون التي اشتهرت بفوزها في مسابقة تحدي القراءة العربية عندما سألها الصحافيون عن القراءة أجابتهم وهي لا يتجاوز عمرها تسع سنوات، بأن «القراءة مستشفى العقول، لأنها تطرد الجهالة والبلادة والتفاهة»، فهذه الطفلة قد أبهرت الجمهور وأصبحت خير مثال يفسر لنا كيف يمتلك الشخص كاريزما تجذب الآخرين، بدليل أنها تفوّقت على 300 ألف متسابق في المغرب و16 متسابقاً في الدور نصف النهائي، و5 متسابقين في النهائي. هناك كاريزما الجاذبية الفكرية، تميز بها أدباء وفلاسفة وعلماء في مختلف إنجازاتهم الفكرية، وأدى ذلك بدوره إلى بروز شخصيات عملوا اليوم على تطوير ما قدمه أسلافهم لخدمة المصلحة العامة، وفيما يخص القادة نجد أن السلطة الكاريزمية ممن يمتلكون الحنكة في فن القيادة التي تضفي لهم الطاعة والولاء، مثل رجال الدين أو السلطة السياسية، ويقول عالم الاجتماع «ماكس ويبر» إن السلطة الكاريزمية لا تعزى إلى حد كبير إلى سمات شخصية القائد الكاريزمي بل إنها تتطور من علاقة القائد وأتباعه.

كيف يمكننا إذاً اكتشاف الكاريزما لدينا؟ هناك الكثير من الناس لا تعرف ما نوع الكاريزما لديه، من المهم ملاحظتها بداخلنا والعمل على تعزيزها عن طريق الرغبة الداخلية، فالشخص الذي لديه صفات مميزة وجميلة سيعرفها من خلال ملاحظة الناس المحيطين به والإطراء عليه، وكيفية تقبلهم له من خلال المظهر الخارجي ولغة الجسد أو نبرة الصوت وطريقة الكلام بأسلوب فريد، وفي قول عالم الاجتماع علي الوردي «ولعلنا لا نغالي إذا قلنا إن الشخصية الناجحة هي التي تتخيل النجاح الذي تريده».

ناصر بدر ناصر