1991... أول رمضان بعد التحرير

نشر في 06-05-2021
آخر تحديث 06-05-2021 | 00:10
 ‏‫وليد عبدالله الغانم قبل 30 سنة بالتمام وفي 18-3-1991 صمنا أول شهر رمضان بعد تحرير الكويت من الغزو العراقي الغادر (1411 هجري) وذلك بعد 20 يوماً من اندحار الغزاة وتطهير الكويت منهم، وكانت الحكومة الكويتية العائدة للوطن قد أعلنت الأحكام العرفية من يوم التحرير لمدة 3 أشهر، حيث استقر الشيخ سعد العبدالله في ديوان الشايع بالشامية بعد عودته بتاريخ 4-3-1991، واستقر الشيخ جابر الأحمد في ديوان البابطين بالنزهة، رحمهما الله، بعد أن عاد لأرض الوطن في 14-3-1991.

أول رمضان بعد التحرير كان مهيباً رغم الظروف القاسية للوطن والناس، الكويتيون ما زالوا مبعثرين في الخارج في مختلف الدول ولا يدري الناس من بقي في الكويت، وكيف هي حالتهم، ومن غادرها، وأين ذهبوا في الشتات، ومن هم تحت أسر القوات الغازية بعد أن تم خطف آلاف الصامدين من الشباب والرجال من أمام منازلهم عند اندلاع الحرب البرية، واعتقالهم في سجون البصرة وبغداد والموصل، ومن استشهد من أبناء البلد طوال فترة الغزو الهمجي، لم تبدأ رحلات العودة لمن هم بالخارج، في حين ابتدأت وزارة الداخلية آنذاك ومقرها في نادي كاظمة بالعديلية بإصدار تصاريح سفر مؤقتة لمرة واحدة تسمح لك بمغادرة الكويت برياً والعودة لها، وأذكر أننا أخذنا هذه التصاريح من أول يوم لإصدارها، ثم سافرنا إلى المملكة فوراً من طريق الخفجي حيث كانت إدارة المنافذ بوسائل بدائية جداً نظراً لتدمير مرافقها (بوابة مفتوحة وطاولة صغيرة جلس عليها عدد من الموظفين وسجل يدوي يقيد فيه الأسماء) وكنت بمعية الإخوان الأعزاء (محمد مبارك ومحمد العبدالله) نجوم لعبة كرة اليد في الكويت.

أول رمضان بعد التحرير كانت الكهرباء منقطعة واحتجنا لتناكر المياه أحياناً لتعبئة المنازل، كان الإفطار على ضوء الشموع، وكذلك الصلاة في المساجد بالإضاءة المؤقتة، ثم بدأت الكهرباء بالعودة تدريجياً للبلد، ولو بشكل غير كامل، في حين أن دخان حرائق آبار النفط زاد ظلام الليل سواداً حيث تلبدت سماء الكويت به عدة أسابيع مع استمرار نزول المطر لفترات متكررة، وكانت ملابسنا والسيارات والبيوت تتسخ بسواد البقع النفطية المختلطة بالأمطار، بدأت الحياة بالعودة التدريجية رغم تحديد ساعات لمنع التجول (حظر جزئي) من الساعة 10 ليلاً حتى الرابعة فجراً، وبدأت الأمور بالتحسن مع إعادة تشغيل الجمعيات التعاونية، ووصول دفعات المؤن والغذاء والمواد، والناس تتحرق شوقاً لاكتمال العودة الكاملة للحياة والاجتماع مع بعضهم من الداخل والخارج، ومما زاد الوضع ألماً عدم توافر وسائل الاتصال، فلا هواتف نقالة ولا إنترنت في تلك الأيام بعد، واستعان كثير من الناس آنذاك بالمكاتيب ورسائل البريد التي ترسل باليد مع الداخلين والخارجين لتقصي أخبار بعضهم، فاسأل من حولك ممن أدرك هذه الأيام ما ذكرياته عنها، فلقد كانت أياماً عظيمة في تاريخ الكويت سيخلدها التاريخ، فالحمدلله على نعمة التحرير، ورحم الله شهداءنا الأبرار، وتقبل الله طاعتكم.

‏‫وليد عبدالله الغانم

back to top