إيران تريد عقد اتفاق لكنها تمنع إبرامه!

نشر في 16-03-2021
آخر تحديث 16-03-2021 | 00:00
 ذي ناشيونال لا شيء يجسّد خطورة لعبة حافة الهاوية التي تطبّقها إيران أكثر من جولة الاعتداءات الأخيرة ضد منشآت النفط السعودية، إذ تؤكد إدارة الرئيس جو بايدن اليوم رغبتها في تجديد التواصل مع طهران لمناقشة الملف النووي وتسعى بذلك إلى إنهاء الأعمال العدائية التي احتدمت بين إيران والولايات المتحدة خلال عهد دونالد ترامب، وفي المقابل يُفترض أن يثبت النظام الإيراني اهتمامه الصادق بإنشاء علاقة بناءة مع العالم الخارجي.

لكن بعد الهجوم على محطة البترول السعودية في ميناء رأس تنورة منذ أيام، تريد طهران على ما يبدو أن تثبت التزامها المستمر بتطبيق أجندة خارجية عدائية بدل تبنّي لهجة تصالحية.

ليست المرة الأولى التي تستهدف فيها إيران منشآت النفط السعودية عمداً، ففي سبتمبر 2019، كادت طهران تخوض مواجهة عسكرية مع القوات الأميركية في منطقة الخليج بعد إطلاق هجوم ضد منشأة "أرامكو" في مدينة البقيق الشرقية، مما أدى إلى ارتفاع أسعار النفط بدرجة قياسية.

غداة تصاعد الأعمال العدائية المدعومة من إيران في الشرق الأوسط، أصبحت فرص نجاح بايدن في استئناف المفاوضات حول برنامج إيران النووي ضئيلة.

بدل أن يثبت النظام الإيراني استعداده للتوصل إلى تسوية وعقد المصالحة، من الواضح أنه يتمسك بموقف عدائي وعنيد تجاه العالم الخارجي، واتّضح عجز إيران عن تقديم أبسط مبادرة حسن نية لخصومها الغربيين في قضية نازانين زاغاري راتكليف، المرأة البريطانية الإيرانية التي تقبع في السجن الإيراني منذ خمس سنوات بِتُهَم تجسس مفبركة.

بعد انقضاء فترة سجنها رسمياً في عطلة نهاية الأسبوع الماضي، كانت عائلتها في بريطانيا تأمل إطلاق سراحها والسماح لها بالعودة إلى ديارها كي تجتمع مجدداً مع زوجها ريتشارد الذي أطلق حملة متواصلة لتحريرها وابنتها غابرييلا البالغة من العمر ست سنوات.

لكن السلطات الإيرانية اكتفت بإزالة السوار الإلكتروني الذي اضطرت زاغاري راتكليف لوضعه حين كانت تنهي الحُكم الصادر بحقها في الإقامة الجبرية في منزل والديها في طهران.

أعلنت السلطات الإيرانية أن زاغاري راتكليف ستُحاكَم مجدداً داخل محكمة مغلقة بتُهَم مرتبطة بإطلاق حملة دعائية ضد النظام، وهي تواجه الآن احتمال العودة إلى السجن.

سبق أن أطلقت الحكومة البريطانية موقفاً غاضباً بسبب المحاكمة الجديدة، فطالب رئيس الوزراء بوريس جونسون بإطلاق سراحها "نهائياً" كي تتمكن من الاجتماع بعائلتها البريطانية، فإيران كانت تستطيع أن تقتنص الفرصة كي تثبت حسن نيتها تجاه الغرب، لكنها لم تفعل ذلك.

على صعيد آخر، قد يؤدي سوء تعامل طهران مع زاغاري راتكليف إلى نتائج عكسية على النظام إذا كان هذا الأخير يهتم، كما يدّعي، بإعادة إحياء المحادثات لإنقاذ الاتفاق النووي الذي شارك الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما في التفاوض حوله في عام 2015.

تقود بريطانيا، بالتعاون مع ألمانيا وفرنسا اللتين وقّعتا على الاتفاق أيضاً، الجهود الدبلوماسية الرامية إلى إقناع طهران بالمشاركة في محادثات استكشافية تمهيداً لاستئناف المفاوضات، لكن إذا أصرّ النظام على تعامله الوحشي مع زاغاري راتكليف، فستجد لندن صعوبة متزايدة في إعادة إطلاق المحادثات مع طهران ولن تتمكن من إقناع الرأي العام البريطاني بأنها تتخذ المسار الصحيح في هذا الملف.

انطلاقاً من تردد إيران في تقبّل هذا النوع من المبادرات الدبلوماسية البسيطة التي يطلقها الجانب الأوروبي، يبدو أن أشرس مناصري المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، ليسوا مستعدين لتقديم التنازلات، مع أن الموقف الإيراني الرسمي يؤكد رغبة طهران في إعادة إحياء الاتفاق النووي.

في وقتٍ سابق من هذا الشهر، رفضت إيران دعوة الاتحاد الأوروبي لحضور قمة غير رسمية لمناقشة ذلك الاتفاق. بعبارة أخرى، يرفض النظام الإيراني على ما يبدو مبدأ التفاوض ويفضّل الخيار المعاكس الذي يقضي بمتابعة الحرب ضد جميع الفرقاء الآخرين.

كون كوغلين - ناشيونال

back to top