لابد من إصلاح نظام الانتخابات

نشر في 10-02-2020
آخر تحديث 10-02-2020 | 00:20
 أ.د. غانم النجار في علم الانتخابات المقارنة، يتربع النظام الانتخابي الأميركي كواحد من أكثر الأنظمة الانتخابية غرابة، وربما تخلفاً؛ لأنه لا يعبر بالضرورة عن إرادة الناخب، بل عما يسمى بالمجمع الانتخابي، وبالتالي صار اعتيادياً أن يفوز بانتخابات الرئاسة الحاصل على أصوات أقل. هو متخلف لأنه صُمِّم ليتعامل مع الماضي، ولم يتم تغييره بعد أن انتفت الحاجة إلى المندوبين الذين وُجِدوا بسبب التشتت الجغرافي. اللافت للنظر أن أقرب نظام إليه هو النظام الانتخابي الصومالي القائم على معادلة الأربعة والنصف، الفرق هو أن النظام في الصومال حديث ويتعامل مع التمثيل للقبائل.

نحن في الكويت بلد كله انتخابات، من اتحادات وجمعيات وروابط للطلبة، ثم الجمعيات التعاونية، والنوادي الرياضية وجمعيات النفع العام، وغرفة التجارة، والنقابات وصناديق الضمان والمجلس البلدي، وبالطبع أكثرها عمومية وأهمية مجلس الأمة.

وبمعنى آخر فإن الانتخابات مغروسة في تفاصيل المجتمع وفهمه للأشياء، الانتخابات ليست نبتاً غريباً، أو مستورداً، منذ أول انتخابات للبلدية، ثم المجلس التشريعي سنة ١٩٣٨، مروراً بالمجالس المتخصصة في الخمسينيات إلى المجلس التأسيسي سنة ١٩٦١.

لكن النظام الانتخابي قد ترهل، حتى ضاعت معالمه وصار باهتاً بلا لون ولا طعم ولا رائحة. هو نظام "اللانظام" ويحتاج إلى تعديلات كبيرة.

كانت المعركة الأولى حول عدد الدوائر لانتخاب المجلس التأسيسي سنة ١٩٦١؛ حيث أرادت الحكومة تقسيم الكويت إلى ٢٠ دائرة تنتج ٢٠ مقعداً بواقع نائب عن كل دائرة، بينما كان التوجه الشعبي يطالب بجعل الكويت دائرة واحدة، فتوصلا إلى اتفاق "حل وسط" لتكون عشر دوائر، إلا أن ما حدث كان مفاجئاً، حيث صدر قانون بعشرين دائرة، نتج عن ذلك تحرك معارض وتهديد بالمقاطعة وعدم المشاركة، فاستجاب الأمير حينئذٍ الشيخ عبدالله السالم وسُحِب القانون بعد شهر واحد، وأصدر قانوناً جديداً بعشر دوائر انتخابية، نائبان عن كل دائرة للمجلس التأسيسي وخمسة نواب لمجلس الأمة.

لم تكن الدوائر العشر نظاماً مثالياً، ولكن الناس اعتادوا عليها، وجرت الانتخابات الأولى بموجبها، أما الانتخابات الثانية في ٢٥ يناير ١٩٦٧ فقد شهدت تدخلاً مباشراً بتبديل صناديق بأخرى في بعض الدوائر، وكانت تلك الحادثة الضربة الأولى لقيمة الانتخابات ومصداقيتها. لم تتكرر حادثة التزوير المباشر تلك، ولكن كانت هناك إشكاليات أخرى تؤثر على مجريات الانتخابات، كان من أهمها الإدارة المطلقة للعملية الانتخابية برمتها من قبل وزارة الداخلية، وبالتالي انعدام الشفافية وعدم نشر أسماء الناخبين (حتى ١٩٨١) الأمر الذي ألقى بظلال الشك على العملية برمتها.

لكي تكون هناك انتخابات نزيهة معبرة عن رأي الناخبين لابد من إصلاح شامل للنظام الانتخابي، فأين هي مواقع الإصلاح المطلوبة؟ وللحديث بقية.

back to top