حوار كيميائي: حَرَم المجتمع!

نشر في 05-06-2022
آخر تحديث 05-06-2022 | 00:20
 د. حمد محمد المطر للمجتمع «قداسة» ولمنظوماته «حُرمة»... تكرار محاولات التعدي على أنساقه الاجتماعية وتكويناته الوطنية عبر تقسيمه طبقياً وتكريس سياسات تلويثه فئوياً، يمثل إخلالاً بقواعد المواطنة ومبادئ الانتماء التي رسم مسارها الدستور، وحدد نطاقها في المادة 29 «الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين»، ويُشكل تعدياً لا على المتضرر أو الفئات المُراد عزلها أو تقزيمها وتهميشها حصراً، بل يُمثل تجنياً على كل مواطن يستشعر مسؤوليته تجاه وطنه، ويتطلع إلى أن يهنأ مع أجياله بأمان الوطن حتى لو كلفه أغلى ثمن!

أن تصدر هذه الانتهاكات من بعض الأعداء أو الجُهلاء ربما تجد من يتفهم دوافعها غير النزيهة أو السطحية، إلا أنها حين تصدر فيمن نتوسم أنه من النخبة التي تصنع الرأي وتوجه القرار ويفترض أن لها «دالة» على المجتمع فإن هذه النخبة التي كانت مُحنّطة في قضايا وطنية ذات أولوية تتحول إلى نخبة مُنحطة حين يكون حديثها عن حُرمات المجتمع ونسيجه دون وعي ولا إدراك إلى الانتهاك الصارخ للدستور ومآلات هذا الخطاب الشاذ عقلاً ومنطقاً، ويتسبب في مزيد من الإنهاك والاهتراء الذي نجنيه جميعاً.

لا ينبغي لقوى المجتمع الحية أن تكون عوناً للأطراف السياسية في منظومة أي حكم تسعى للإضرار بالمجتمع ومساعدته على الإخلال بهذه التوافقات والدوس على قواعد النسق الاجتماعي وخطوطه الحمراء، لقد نجحت دبلوماسية الكويت الفاعلة خلال العقود الأخيرة في إطلاق مبادرة #المواطنة-العالمية، والتي ترأسها الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي مون، حيث أطلقت من مركز جابر الثقافي، وشهدت حضوراً دولياً لافتاً، وتقوم على فكرة التعايش وإعداد المجتمعات لتقبل التنوع والتعدد الثقافي والحضاري في داخلها ومع بقية البيئات، وأن تكون للمواطن مساهمته الوطنية والعالمية في مواجهة التحديات الماثلة وقادة الكوكب نحو التقدم التطور.

إن النظام التربوي في الأسرة والمدرسة والمجتمع الذي لا يشجع على تطوير الإحساس والممارسة تجاه المواطنة، التي تعتمد على مبادئ التعاون ونبذ السلوك التنمري واحترام حقوق الإنسان والتسامح والديموقراطية والعدالة الاجتماعية، ويشجع التفكير الناقد ومسؤولية المشاركة الإيجابية في خدمة المجتمع المحلي والعالمي، هو في الحقيقة نظام يحتاج إلى مراجعة وإعادة تصويب البوصلة حتى يشعر المواطن بدوره، ويدرك موضعه في هذا العالم، ويحترم التنوع، ويفهم الكيفية التي تعمل بها منظوماته الاجتماعية، ويتشارك في أن يجعل الوطن مكاناً أكثر إنصافاً وعدالة.

«Catalyst» مادة حفازة:

تنمر مجتمعي + نخبة صامتة = دمار مؤسسي

د. حمد محمد المطر

back to top