حكاية من عالم الجن

نشر في 24-05-2022
آخر تحديث 24-05-2022 | 00:20
 د.نجم عبدالكريم لا يستطيع أحد بعد النبي سليمان، عليه السلام، أن يزعم أنه على اتصال بالجن فيصدقه الناس. ومع ذلك وقعت بين يدي واحدة من هذه الحكايات التي كانت أحداثها بإحدى القرى الصغيرة في النمسا عام 1740، حيث ظهرت لصياد فقير شابة حسناء من البحر، وطلبت منه أن يسترها، ويساعدها في الزواج من ولي عهد النمسا - الأمير أوجست دي باد - فسألها الصياد:

- من تكونين يا ابنتي؟

- كل ما أعرفه أن اسمي الفيرا.

- منذ متى أنتِ هُنا يا الفيرا؟

- منذ أكثر من مئة عام.

- لكنك لا تتجاوزين ثمانية عشر عاماً يا ابنتي.

***

فأخذها الصياد إلى دير الراهبات، وقص على رئيسة الدير كيف وجدها على الشاطئ في الفجر، فما كان من رئيسة الدير إلا أن ضمتها إلى الدير، بعد أن أدهشها جمالها الفاتن.

لكن سرعان ما أصبح وجود الفتاة في الدير حديث القرية بأسرها، وأخذ الناس يرددون:

- إنها قديسة.

- بل هي ساحرة شيطانة.

- إنها ستجلب الخراب لقريتنا.

- لنطردها من القرية.

***

ولما سمع الأمير بقصتها جاء إلى الدير، وما إن رآها حتى أبدى رغبته بالزواج منها، بعد أن بُهر بجمالها، لكن أحد مرافقي الأمير صاح بعد أن رآها:

- يا صاحب السمو، إنها السجينة آن هوزر، ابنة القصاب في القرية المجاورة.

- سجينة؟

- نعم يا سمو الأمير، إنها لصة.

- كيف هذا وهي أمامنا؟

- لابد أنها هربت من السجن.

- أنت تكذب.

- يا سيدي، لنذهب معاً إلى سجن القرية المجاورة، لتتأكد بنفسك.

***

بالفعل ذهب الأمير ورئيسة الراهبات، بصحبة حارس الأمير إلى سجن القرية، وسألوا مدير السجن عن السجينة آن هوزر، فما كان منه إلا أن طلب من أحد الحراس إحضار السجينة رقم 170، فلما حضرت أصعقت الدهشة رئيسة الدير:

- يا إلهي، كيف جئتِ يا الفيرا إلى هُنا، وقد تركناكِ في الدير؟

- ما هذا الهراء؟ ومن الفيرا هذه؟

- ألستِ الفتاة التي عثر عليها الصياد على الشاطئ؟

- سيدتي الراهبة، هل جئتِ لتسخري مني؟

فيسأل الأمير، أنت لستِ الفيرا؟

وهنا تدخل مدير السجن ليقول للأمير:

- يا سيدي، هذه هوزر، في هذا السجن منذ سنتين، ولم تفارقه لحظة واحدة.

***

فعاد الأمير والراهبة ومن معهما فرحين بأن السجينة صورة طبق الأصل من الفيرا، لكنها ليست الفيرا.

بحثوا عنها في الدير، فلم يعثروا لها على أثر، ووجدوا ورقة في مكتب رئيسة الدير، جاء فيها:

وداعاً أيها الناس الطيبون. وددتُ أني من عالمكم، فهو أجمل من عالمي.

***

ولقد سمعت الكثير من القصص عمن يزعمون أنهم يتواصلون مع الجن ويتحدثون إليهم، بل هناك من يزعم أنه متزوج من جنية، وله منها أولاد، وهناك سيدة ظهرت في الهند زعمت أنها من عالم الجن، وطُلب منها أن تظهر بالهيئة الآدمية إلى أن يأتيها الأمر بالعودة إلى عالم الجن.

• مقال اليوم خارج عن المألوف، لكنه أهون من المألوف المزعج!

د. نجم عبدالكريم

back to top