من المسؤول عن زرع الطائفية في الخليج؟

نشر في 24-05-2022
آخر تحديث 24-05-2022 | 00:09
من مصلحة أبناء الخليج ومن حقهم ألا يعيشوا وأوصالهم متقطعة وحدود بلدانهم مغلقة، فلتفتح الحدود لتنقل أبناءالخليج بين بلدانه بكل سلاسة كما يفعل الاتحاد الأوروبي مع أن سكان هذا الأخير ثقافتهم مختلفة ولغاتهم متعددة ودياناتهم متنوعة.
 د. أحمد العنيسي المذاهب الفسيفسائية للدين الإسلامي قدرنا في الخليج، كما تتنوع الديانات في معظم الدول العربية والعالمية، والمثير هذه المذاهب المتنوعة تتعايش مع بعض وتُكّوِن صداقات وعلاقات في المهجر، لكنها في الخليج تتناحر وتكون عداوات فيا تُرى ما السبب؟

لا أحد يدّعي ويقول إن التعليم والثقافة عنصران في تكوين هذا التناقض بين المذاهب لأنه حتى المتعلمين يسقطون في وحل العنصرية والطائفية، ولا أحد يتفلسف ويقنعنا أنه لا يوجد في الغرب تمييز أو أن حقوق الإنسان هي الأساس في المعاملة بين الناس، بل التمييز عندهم فاقع وهناك شواهد كثيرة سنتخطاها حاليا كونها لا تعني جوهر هذا المقال، إذاً ما السبب؟

السبب يا أعزائي تعرُضنا للفتن، التي عادة يكون مصدرها كما يقال بعض مشايخ الدين المؤدلجين عقائديا! طبعا هذه الفئة تلعب بأوراقها من أجل مصالحها وقد يتم استخدامها من البعض (اللبيب بالإشارة يفهم) لتكريس أجنداتها حتى لا تتفق الشعوب على منهج ومصير مشترك يحقق مصالحها.

كشعوب، لا أعتقد من المفيد أن نتصادم، وعلينا أن نبقى إخوة في السراء والضراء ونتعاون للوصول إلى حقوقنا الوطنية والدستورية.

فالخليجيون تربطهم علاقات وطيدة وبينهم روابط أسرية، وهناك صداقات للكثير منا في السعودية، كما للكثير من الشعوب أعمام في الإمارات وخوال في الكويت، فبعض العوائل لهم أخوات في الكويت متزوجات في قطر والعكس صحيح، وبعض الدول تجد أخاً في البحرين وأختاً في السعودية أو زوجة وآخر في الإمارات.

ما يحزننا أن تحدث بيننا مشاكسات وعداوات مع أننا بالمجمل نعتبر في الخليج شعبا واحدا ورهطا واحدا (لغتنا واحدة وديننا واحد) ذا حسب ونسب قبائلي تتفرع منه البطون والأفخاذ.

نرى تعايشاً في معظم مدن العالم التي تتكون من ديانات مختلفة ولغات متعددة وجذور قبائل مختلفة كالهند وأميركا وماليزيا وأوروبا والصين وروسيا (ديانات متنوعة)، فمن باب أولى أن نعيش هذا التعايش بل أقوى وأفضل منه.

باعتقادي أن الخطاب الطائفي هو ما يخلق الفوضى في مجتمعاتنا، وهو ما يعمل على عدم توحدنا، ودائما ما يتزعم هذه الخطابات بعض زعماء القبائل أو العشيرة أو الإثنية كونه يعيش في بحبوحة وينسى الغالبية من انتماءاتهم الحزبية التي غالبا ما تعيش حالة الفقر والعوز؛ لكنه يدفع بهم إلى مفاهيم الطائفية والعنصرية الممقوتة، ولا أعلم لماذا الناس دائما تتبع قائدها في ما يستهوي من طائفية وعنصرية من غير تفكير، ولم تحرر عقولها، للتخلص من براثن الكره والفتن بين الشعب الواحد، دعونا نتحد ونتفق على مقت الطائفية والعنصرية من بلداننا ونتعايش كإخوة ومصير مشترك.

الخطاب الطائفي لم يُجدِ نفعا لنا كخليجيين، ونحذر الجميع من أصحاب الفتن ولْتُنزع الطائفية من نفوسنا وفق مقولة تهمني معاملتك، ولا يهمني مذهبك، فصل الكلام، في قوله تعالى: «لكم دينكم ولي دين».

من مصلحة أبناء الخليج ومن حقهم ألا يعيشوا وأوصالهم متقطعة وحدود بلدانهم مغلقة، فلتفتح الحدود لتنقل أبنائهم بين بلدانه بكل سلاسة كما يفعل الاتحاد الأوروبي مع أن سكان هذا الأخير ثقافتهم مختلفة ولغاتهم متعددة ودياناتهم متنوعة.

* كاتب بحريني

● د. أحمد العنيسي

back to top