نفط للبيع... من يشتري؟

نشر في 22-05-2022
آخر تحديث 22-05-2022 | 00:09
 خالد الجري وسط ارتفاع أسعار النفط في الآونة الأخيرة نرى مدى ارتياح الحكومة إزاء إمكانية سد العجز الذي لطالما كانت تسوق له بحجة انخفاض تلك الأسعار وزيادة المصروفات غير المدروسة، إلا أن أي عاقل يجب ألا يفرح كثيراً بهذا الارتفاع الذي سينعكس علينا بالسلب، لما سيصاحبه من تضخم وغلاء للمنتجات والسلع الاستهلاكية المستوردة.

يأتي ذلك مع توجه العالم للطاقة النظيفة وتوقيع اتفاقيات دولية لتقليل الانبعاثات الكربونية للحد من الاحتباس الحراري الذي تسبب في ارتفاع غير مسبوق في درجات الحرارة، فضلاً عن الحرب الروسية الأوكرانية التي جعلت دول الغرب تقلل وارداتها من النفط والغاز من روسيا كوسيلة للضغط عليها للانسحاب من أوكرانيا، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الطاقة خلال فترة وجيزة.

كما أن للتذبذب الكبير في أسعار النفط وتطور التكنولوجيا الحديثة دوراً كبيراً في بحث دول العالم المتقدمة عن مصادر طاقة بديلة، صديقة للبيئة وأكثر استدامة، وأقل تكلفة من الوقود الأحفوري، مما جعلها تتوجه إلى تطوير الطاقة النووية لتكون أحد مصادر الطاقة النظيفة، خصوصاً أنه قد تم اعتبار المفاعلات النووية الطريق الأمثل لتلبية هدف الاتحاد الأوروبي المتمثل في انبعاثات صفرية بحلول عام 2050، في مقترحات طال انتظارها حول تصنيف الأنشطة الاقتصادية المستدامة بيئياً.

فالصين، على سبيل المثال، تعتبر أكبر مستورد للنفط الكويتي بنسبة تصل إلى نحو ثلث إجمالي صادراتنا النفطية وبقيمة تقديرية تصل إلى ما يقارب 10 مليارات دولار سنوياً، ورغم ذلك فها هي تحذو حذو الاتحاد الأوروبي، حيث تحتل المرتبة الثالثة عالمياً من حيث قدرة الطاقة النووية المركبة بعد الولايات المتحدة وفرنسا.

كان لدى الصين 53 محطة للطاقة النووية في نهاية عام 2021، بطاقة توليد إجمالية نحو 55 غيغاوات، وتخطط حكومتها لتوسيع النطاق إلى 70 غيغاوات بحلول عام 2025، ومن المتوقع أن تنمو السعة أكثر حتى تصل إلى ما بين 120 و150 غيغاوات عام 2030، وهو ما قد يكون كافياً لتجاوز الولايات المتحدة وفرنسا.

كما أنها تمتلك نحو 5٪ من إمدادات اليورانيوم القابلة للتطوير في العالم، وهي في المركز الثامن عالمياً من حيث المخزون، مما يساعدها في الوصول إلى الاكتفاء الذاتي من إنتاج الطاقة.

إن انخفاض قيمة صادرات النفط الكويتي بمبلغ 11.8 مليار دولار خلال خمس سنوات منذ عام 2015 حيث كانت تبلغ قيمة صادراته آنذاك 53.4 ملياراً مقارنة بـ41.6 ملياراً لعام 2020، في انخفاض بنسبة تجاوزت 22 في المئة، ما هو إلا مؤشر واضح لما ستؤول إليه الحال في المستقبل، حيث إن أي ارتفاع في أسعار النفط مستقبلاً لن يكون كافياً لسد قيمة العجز المرتقب ما لم يكن هنالك تحرك جاد وسريع لمعالجة القضايا والقوانين العالقة في البلاد.

إن ارتفاعات أسعار النفط ما هي إلا لأسباب مؤقتة ولن تستمر فترات طويلة، وهذا يأخذنا إلى السؤال الرئيسي وهو: إلى متى سيتم الاعتماد على النفط مصدراً رئيساً للدخل، مع تجاهل جميع الدراسات والمؤشرات الاقتصادية التي تؤكد قرب انهيار قيمة هذا المورد؟!

لا أريد أن أقارن بيننا وبين دول الخليج الأخرى من حيث التنوع في مصادر الدخل، حيث إن الجميع يعلم حجم الإنجازات التي قامت بها تلك الدول خلال فترات قياسية، والخوض فيها سيكون من باب التكرار.

ولا أعتقد أن أي مسؤول لدينا غافل عما يدور في هذه الدول، كيف لا ونحن نجدهم في كل مناسبة يتسابقون للسفر إليها سواء للسياحة أو للاستجمام؟! ألا يخجل مثل هؤلاء المسؤولين عند زيارتهم دول الجوار ورؤية مدى التقدم الذي وصلت إليه، لا سيما أنهم يملكون القرار لجعل بلادهم في مصاف تلك الدول والتفوق عليها؟!

بعد كل هذه القراءات أما آن الأوان لنستفيق من سباتنا وننفض الغبار عن أنفسنا لننهض باقتصاد بلادنا ومستقبل أبنائنا ونمسك بزمام أمورنا لكي تعود كويتنا كسابق عهدها عروس الخليج؟!

خالد الجري

back to top