الفعل في زمن العُقم

نشر في 20-05-2022
آخر تحديث 20-05-2022 | 00:00
 ناجي الملا تسويق وفرض منتجات زراعية تأتي من بلدان لا تلتزم بالشروط الصحية... والري من مياه تصب فيها الملوثات الصناعية والصرف الصحي... ومنتجات كهربائية سواء توصيلات ومواصلات وأجهزة ومعدات وقطع غيار مقلدة، وبعضها رديء الصناعة يشكل خطراً مميتا ويتسبب في حرائق وكوارث... وعطور مزيفة عبارة عن سموم رخيصة الثمن، ومنتجات ممنوعة في الدول الحريصة على صحة الإنسان كالأجبان القابلة للدَّهن عالية الدسم، والقائمة تطول.

هذه الدائرة نستطيع أن نقول إن حركة وتحكم المواطنين وغير المواطنين من القاطنين في البلد حرة لأن لديهم القدرة على التحرك، فهم من يملكون الامتناع عن شرائها بحُر مالهم ويملكون القدرة على مقاطعتها مما يؤدي إلى إيقاف تسللها للبلد، وتعزيز رواج المنتجات والسلع ذات المواصفات الصحية والمطابقة لشروط ومعايير الجودة والأمان حسب ما هو معتمد ومطبق في الدول الأوروبية. ولكننا شعب احترف العويل والشكوى وتدبيج الخطب الرنانة، وإلقاء المحاضرات وصناعة الدراسات دون القيام بفعل منظم ومؤثر مع إصرار عارم على الاستمرار في هذا الفعل حتى نقضي على كل هذه الآفات. في هذه الآونة نجد من يتسيد الساحة السياسية هم أصحاب الخطابات الناقدة وملوك التنظيرات والخُطَب، ولكن لا نجد أصحاب تنظيم الفعل الشعبي الحر في الدائرة السابقة.

وكتفسير لعقم تحركنا سبق أن ذكرت في مقالي بتاريخ 2020/6/5 في تفسير الفعالية واختلافها بين المجتمعات وعلاقتها بالثقافة يذكر المفكر الفذ مالك بن نبي، رحمه الله، أن هتلر عندما احتل فرنسا امتدت سياساته العدائية لليهود في الجزائر التابعة للاستعمار الفرنسي حينذاك، فحرم اليهود من الدراسة في كل مراحلها، فلم يقف مثقفو المجتمع اليهودي في الجزائر موقف الشاجب المستسلم، بل استحالت بيوتهم الى صفوف للتعليم حتى سقوط هتلر فتجنب اليهود أمية التعليم.

المفكر مالك بن نبي قارن بين موقف المثقفين اليهود وموقف المثقفين العرب إزاء المشكلة نفسها وهي الأمية، المثقفون العرب انقطعت أنفاسهم من الخطب، ونفدت الأوراق التي تحوي دراساتهم في مشكلة الأمية وأهداف الاستعمار مع سلبية تامة في النشاط الفعلي، فلابد من التركيز في هذه الآونة على الفعل وتنظيمه وتوجيه الجماهير نحو فعل ملموس واقعي يلامس مشكلات ومصالح الناس، ويمكنهم بمحض قناعتهم وحريتهم من فرض إرادتهم ورغبتهم وضرب بؤر الفساد، ودفن منابع المزروعات الملوثة والسلع الضارة والسموم وغيرها.

الآن عبر منصات التواصل الاجتماعي يجب أن تنبري نخبة مخلصة وعالية الحرفية لتنظيم الفعل الجماهيري، فنحن لا نحتاج إلى الخطب والدراسات الفارغة.

ناجي الملا

back to top