High Light: نحو ديموقراطية حقة

نشر في 25-03-2022
آخر تحديث 25-03-2022 | 00:07
 د. حمود حطاب العنزي غير خفي عن أحد أن الفساد مستشر في كل مفاصل الدولة، والمؤلم أننا نعيش وهم أن نظاما ديموقراطيا لدينا في الكويت! فالسؤال الملحّ هنا: كيف السبيل إلى الديموقراطية الحقة؟

إن التعددية الحزبية في النظام النيابي في العالم المتقدم تفرض نفسها باعتبارها الصيغة المثلى لضمان تحقيق الديموقراطية بكل قيمها، ولكن الحقيقة الثابتة هنا تقول: إن السماح بتعدد الأحزاب ليس وحده العامل المحدد لقيام الديموقراطية الحقة، إنما هناك عوامل أخرى ينبغي توافرها ليسود المناخ المناسب للممارسة الديموقراطية، ومن المفيد هنا تسليط الضوء على تلك العوامل وهي على النحو التالي:

● درجة الوعي المطلوب التي تميز كل طبقة اجتماعية لتجعلها مدركة كل مسؤولياتها الوطنية، وحينما يكون هذا الوعي ناضجاً عند مختلف الطبقات فإن ذلك يسهل عملية استقرار المجتمع على أساس من السلم الاجتماعي، ما من شأنه قبول تقديم تنازلات متبادلة تضمن احتواء المواجهة لتكون حركة الحياة في المجتمع إلى الأمام، ولاسيما الطبقة المهيمنة على القرار السياسي الكويتي، فإن وعي هذه الطبقة بحركة التاريخ يجعلها تسبق الأحداث فتسمح بتقديم تنازلات تحوي مطالب الطبقات الأخرى ضامنة بذلك استمرار هيمنتها بفضل هذا الوعي المستنير!

● لا نعتقد أن الوعي المثالي يتم بدون تعليم، والتعليم الذي نقصده هنا ليس التعليم الحادث الآن في مؤسساتنا التربوية، إنما تعليم يسمح للإنسان الكويتي بأن يفهم حركة الحياة في مجتمعه، وأن يكون ملماً بتاريخه قادرا على تجديد تعليمه بنفسه، ويعرف جيداً ما له من حقوق وما عليه من واجبات، باختصار أن يكون متعلماً وعلى قدر من الثقافة.

● معرفة التاريخ السياسي للمجتمع الكويتي والخبرات والتجارب النضالية والسياسية ورصيده الفني والثقافي على مدى السنين، فبفضل فهم هذا التراث تتعمق أدوار المؤسسات المنوط بها حماية الممارسة الديموقراطية، كمجلس الأمة والمجلس البلدي والمحكمة الدستورية والصحف ودور النشر والتأليف والجمعيات السياسية غير الرسمية، وجمعيات النفع العام والنشطاء السياسيين... وغيرها.

● العوامل الاقتصادية والاجتماعية والدينية وغيرها، ولسنا هنا بصدد الحديث عن كل ذلك، إنما شغلنا الشاغل هو رصد العلاقة بين الأخذ بالتعددية الحزبية وتوافر إمكانية أكبر لتحقيق الديموقراطية الحقة.

ختاماً:

يسمح لنا التحليل السابق أن ندرك أن الطريق أمامنا طويل لبلوغ ممارسة ديموقراطية صحيحة، فإشهار الجمعيات السياسية كمرحلة ما قبل إشهار الأحزاب يعتبر تحولا مهما، كذلك العمل بكل إدراك وإيمان على المستويين الشعبي والرسمي لسد كل الثغرات فيما يتعلق بالعوامل سالفة الذكر، فحتى الدول المتقدمة التي قطعت مراحل نحو ممارسة الديموقراطية الحقة، لا تتوقف عن نقد ما تحقق والتنبية إلى أوجه القصور فيه وضرورة تجاوزه، اللهم احفظ الكويت وشعبها وأميرها من كل مكروه.

● د. حمود حطاب العنزي

back to top