غُصَّة في أفراحنا

نشر في 25-02-2022
آخر تحديث 25-02-2022 | 00:09
No Image Caption
تحتفل البلاد هذه الأيام بعيدَي الاستقلال والتحرير، في احتفالات يعمّها الفرح في ظاهرها، والغُصَّة في باطنها.

غُصَّة بعد ستين عاماً من الدستور والمسار الديموقراطي، إذ نشاهد بأم أعيننا كيف تراجعت ديموقراطيتنا... غُصَّة على الدستور الذي أصبحنا نراه حبراً على ورق، ولا نرى تفعيلاً لمواده ومبادئه.

أصبح الناس حزانى على العبث بالديموقراطية وتفريغها من محتواها... والالتفاف على مواد الدستور والتحايل عليها... مجلساً وحكومة وحكماً.

... كم مرةٍ تداعى شرفاء البلاد وأهلها!... لكن لقد أسمعت لو ناديت حياً.

وكم هو الحزن أليم، ونحن نرى دولة الستينيات تتداعى إلى الوراء بعد أن كانت حلماً يتطلع الآخرون للوصول إلى مستواه.

لم نكن يوماً سبّاقين وسابقين للآخرين بما أنعم الله علينا من ثروة طبيعية بقدر ما كنا سبّاقين بتجربة فريدة ورائدة في مسارنا السياسي، في أصعب بقع العالم تعقيداً اجتماعياً.

تمر الذكرى ولم نتعلم من دروس الغزو أن الوحدة الوطنية هي التي تحمي الدول لا التشرذم والطائفية والقيم الاجتماعية البالية... القلوب حزينة؛ لأننا نرى أنه مثلما وحّدنا العسر فرّقنا اليسر وزادت عداوات الناس عداوة.

تحتفل البلاد والقلوب جريحة مما نشهده... فلا تخطيط ولا تدبير ولا إرادة... حزانى مما نراه من خلافات وتنازعات سواء في بيت الحكم، أو في غرف الحكومة، أو في بيت الأمة الذي لم يعد ممثلاً للأمة بأي شكل من الأشكال.

القلوب حزينة ونحن نرى أن البلاد لا تعليم فيها يحميها للمستقبل، ولا اقتصاد يحفظها للقادم من السنين، بلاد بلا رؤية ولا خطة ولا إرادة... تُحزِن مَنْ لا يَحزن.

وحين نستذكر الماضي الجميل ونتذكره بنهضته وسماحة أهله وتنوّرهم... يزيد الحزن حزناً... وتبقى الحسرة والألم عنواناً دائماً.

وأحلى ما يمكن أن نقوله في هاتين المناسبتين هو طلب الرحمة لأولئك الذين أسسوا البلاد وبنوها... والرحمة لشهدائها الذين ضحوا بأرواحهم دفاعاً عنها.

والعتب واللوم على كل مَنْ بيده السلطة ولا يحركها، فالساكت عن الحق شيطان أخرس... ولا نريد أن نصبح كلنا شياطين خرساً.

back to top