خطة آسيا لخفض الانبعاثات في العالم

نشر في 23-01-2022
آخر تحديث 23-01-2022 | 00:00
نهدف، من خلال آلية انتقال الطاقة، إلى توضيح كيفية عمل البلدان على زيادة استثماراتها في مجال الطاقة النظيفة وخفض الانبعاثات بصورة متزامنة، ولن يتسنى لنا تحقيق هدف بلوغ صافي الانبعاثات الصفرية في جنوب شرق آسيا بشكل أسرع وأكثر إنصافاً إلا من خلال العمل معاً.
 بروجيكت سنديكيت في شهر نوفمبر الماضي، اجتمع قادة العالم في قمة غلاسكو لرسم مُخطط يهدف إلى التخفيف من أسوأ التأثيرات المترتبة على تغير المناخ، ومع ذلك، على الرغم من أن مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب 26) كان يُشكل لحظة تاريخية بلا شك، فإن معظم البلدان بدأت للتو بالعمل على تحقيق أهداف جديدة للحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.

ولهذا السبب، حظي الإعلان الصادر عن بنك التنمية الآسيوي (ADB) والحكومتين الإندونيسية والفلبينية في مؤتمر المناخ "كوب 26" باهتمام خاص، وفي إطار شراكتنا من أجل تنفيذ المشروع التجريبي لآلية انتقال الطاقة (ETM)، لم نتعهد بالتزام غامض بتحقيق هدف بعيد المنال، وبدلاً من ذلك، قمنا معا بتطوير خطة ملموسة لإطلاق مبادرة عادلة وقابلة للتطوير وميسورة التكلفة في مجال الطاقة لمساعدة الدول الآسيوية على وقف أو إعادة تشغيل نصف محطات توليد الطاقة التي تعمل بالفحم لديها وزيادة اعتمادها على الطاقة النظيفة، وتُعد آلية انتقال الطاقة مُخططاً مناخياً تحويلياً يمكن أن يصبح أكبر برنامج للحد من ثاني أكسيد الكربون في العالم.

ستتبع آلية انتقال الطاقة نهجا ماليا لوقف أو إعادة تشغيل محطات توليد الطاقة التي تعمل بالفحم قبل الموعد المُحدد، مع زيادة الاستثمارات في الطاقة النظيفة، وستعود هذه الاستراتيجية المزدوجة بالفائدة على المجتمعات والمستثمرين والاقتصادات الإقليمية والبيئة.

على الرغم من أن تكاليف الطاقة النظيفة تشهد انخفاضاً سريعاً في العديد من البلدان، فإن العديد من محطات توليد الكهرباء التي تعمل بالفحم تعمل بموجب اتفاقيات شراء آمنة وطويلة الأجل، وفي آسيا، تُعد هذه المرافق حديثة العهد: تحتوي المنطقة على 90٪ من جميع محطات توليد الطاقة التي تعمل بالفحم والتي تقل أعمارها التشغيلية عن 20 عاماً، وفي غياب التدخل السياسي، من غير المرجح أن يتم إيقاف تشغيل هذه المحطات في المدى القريب، وإن من شأن كل عام تظل فيه هذه المحطات نشطة أن يُسفر عن المزيد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وزيادة الطلب على مصادر الطاقة النظيفة والمُتجددة.

ستستخدم آلية انتقال الطاقة مزيجاً من الأموال العامة والخاصة والخيرية لتوجيه السوق نحو الاتجاه الصحيح: وقف استخدام الفحم في وقت مُبكر وخلق الطلب على المزيد من مصادر الطاقة النظيفة، ووفقاً لتقديراتنا، فإن هذا النموذج، إذا تم توسيع نطاقه في ثلاث دول فقط في جنوب شرق آسيا- إندونيسيا والفلبين وفيتنام- يمكن أن يُسهم في وقف تشغيل ما يصل إلى 50٪ من محطات توليد الطاقة التي تعمل بالفحم على مدى السنوات العشر إلى الخمس عشرة المُقبلة، ومن شأن ذلك أن يخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون السنوية بنحو 200 مليون طن، أي ما يعادل عدم تشغيل 61 مليون سيارة ركاب.

نحن نُدرك أن التحول إلى مستقبل منخفض الكربون يعتمد على الطاقة النظيفة يجب أن يكون مفيداً للجميع، ولهذا السبب ستُركز آلية انتقال الطاقة على الانتقال العادل والمنصف للطاقة من خلال تقديم المساعدات التقنية وإعادة تأهيل العمال بمن في ذلك العاملون في صناعة الطاقة، وخاصة النساء. نحن نعمل بنشاط مع المنظمات غير الحكومية والمنظمات المدنية وأصحاب المصلحة الآخرين لضمان عدم التخلي عن أي مجتمع أو عامل في مرحلة الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر.

يُعد النهج الذي تعتمده آلية انتقال الطاقة فريداً وغير مسبوق في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، ويستعين هذا المخطط ببنك التنمية الآسيوي للجمع بين المستثمرين من القطاع الخاص، والحكومات، وممثلي المجتمع المدني والحفاظ على شراكة ذات منفعة متبادلة قائمة على الشفافية والثقة.

وباعتبارها مبادرة بقيادة إقليمية، يتعين عليها أن تعمل لمصلحة السكان والاقتصادات المحلية، وهذا يعني ضمان توفير الكهرباء بأسعار معقولة، ومن خلال تحفيز الاستثمارات الخارجية، ستعمل آلية انتقال الطاقة على توسيع نطاق مشاريع الطاقة النظيفة دون الحاجة إلى إعانات مالية حكومية جديدة. وهذا يعني أنها ستسهم في مضاعفة الجهود التي تبذلها حكومات مثل حكومتنا بالفعل، مما يساعد في تسريع عملية الانتقال إلى الطاقة النظيفة في المنطقة.

وعلى سبيل المثال، أعلنت الفلبين في وقت سابق وقفاً اختيارياً لبناء محطات جديدة لتوليد الطاقة التي تعمل بالفحم، وتهدف إندونيسيا إلى التخلص التدريجي من هذه المرافق حيث تسعى إلى أن تصبح محايدة للكربون بحلول عام 2060، وفي حين كانت هناك نداءات عديدة تدعو إلى إنشاء آليات قائمة على السوق لمواجهة عمليات الانتقال إلى إنتاج الطاقة النظيفة، كانت معظمها غير عملية، وغالبا ما أخفقت في مراعاة معايير الإنصاف ومصالح المجتمعات المحلية المعنية، وستحل آلية انتقال الطاقة هذه المشكلة.

ومن خلال تقليص عمر ووقف تشغيل محطات توليد الطاقة التي تعمل بالفحم إلى حد كبير، ستُتيح "آلية انتقال الطاقة" استثمارات جديدة للطاقة المُستدامة والمُتجددة، وهذا من شأنه أن يجعل إندونيسيا والفلبين وجهات أكثر جاذبية لمشاريع الطاقة النظيفة في القرن الحادي والعشرين ويمنح المجتمعات أمن الطاقة الذي تحتاج إليه.

وفي نهاية المطاف، سيتم حسم المسألة بشأن كسب أو خسارة المعركة ضد تغير المناخ في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، فنحن واثقون من أن نموذج آلية انتقال الطاقة لن يساعد في مواجهة التحديات التي تواجهها المنطقة فحسب، بل يمكن أيضاً تطويره واعتماده في جميع أنحاء العالم، مما يُمكن البلدان النامية من الانتقال من الوقود الأحفوري إلى الطاقة المتجددة دون التضحية بأهداف إنمائية أخرى.

إن النمو السكاني والاقتصادي في منطقتنا يستدعي الاستجابة المناخية العالمية، ومن خلال آلية انتقال الطاقة، نهدف إلى توضيح كيفية عمل البلدان على زيادة استثماراتها في مجال الطاقة النظيفة وخفض الانبعاثات بصورة متزامنة، ولن يتسنى لنا تحقيق هدف بلوغ صافي الانبعاثات الصفرية في جنوب شرق آسيا- وبلدان أخرى- بشكل أسرع وأكثر إنصافاً إلا من خلال العمل معاً.

* ماساتسوغو أساكاوا رئيس بنك التنمية الآسيوي، وسري مولاني إندرواتي وزيرة المالية في إندونيسيا، ورئيسة ائتلاف وزراء مالية مجموعة العشرين للعمل المناخي، وكارلوس دومينغيز سكرتير المالية ورئيس لجنة تغير المناخ في الفلبين.

%90 من محطات توليد الطاقة في آسيا تعمل بالفحم وتقل أعمارها التشغيلية عن 20 عاماً

النهج الذي تعتمده آلية انتقال الطاقة يعد فريداً وغير مسبوق في منطقة آسيا والمحيط الهادئ
back to top