رياح وأوتاد: الدور المرتقب للنواب الوزراء

نشر في 03-01-2022
آخر تحديث 03-01-2022 | 00:09
على الوزير النائب أن يكون عادلاً بين موظفيه خصوصا في الترقية وفي تولي المناصب القيادية، وألا يفضل ناخبيه عليهم، لأن علاقته بناخبيه ومفاتيحه الانتخابية لا شأن لها بموظفي الوزارة وحقوقهم، والقواعد العامة الموضوعة من قبل مجلس الخدمة المدنية هي التي يجب أن تطبق عليهم.
 أحمد يعقوب باقر عندما ينتقل النائب إلى منصب الوزير بإرادته ورغبته يكون قد انتقل إلى مسؤولية أكبر وأشمل، فقد أصبح عضواً في السلطة التنفيذية بالإضافة إلى عضويته في التشريعية، وهذه السلطة تحمل القدر الكبير من المسؤولية التي سيُسأل عنها وعن آلاف الموظفين فيها أمام زملائه النواب.

وأول ما يجب على النائب الوزير أن يعلمه أنه حر فيما يطرحه من آراء في مجلس الوزراء بشأن جميع مرافق وسياسات الحكومة، أما في مجلس الأمة فهو مقيد بما يتخذه مجلس الوزراء من قرارات بالأغلبية، حيث إن الأقلية تلتزم برأي الأكثرية ما لم تستقل (المادة 128 من الدستور)، فالالتزام برأي الأكثرية هو حكم الدستور إذا رأى النائب الوزير أن استمراره في الوزارة أفضل من الاستقالة منها.

وعلى الوزير النائب أن يحذر كل الحذر من أي مخالفة للدستور إذا طرحت من خلال الحكومة أو المجلس، فقد يعمد بعض الأعضاء إلى طرح بعض الاقتراحات أو الاستجوابات التي قد تحمل شبهات دستورية دون دراسة كافية بسبب نزاعات سياسية مع الحكومة، أو بعض أعضائها، لذلك يجب على الحكومة وجميع وزرائها، خصوصاً المنتخبين منهم، الرجوع إلى العلماء الدستوريين لتحديد الحكم الدستوري السليم سواء في عملهم أو فيما يطرح في المجلس، وبناء عليه لا بد من الوقوف أمام أي إجراء غير دستوري وقفة صلبة وعدم المضي فيه.

وعلى النائب الوزير أن يستمع إلى آراء ومواقف الأجهزة الفنية في وزارته بشأن القوانين المطروحة ويناقشها على أساس علمي وبحيادية تامة، ويسعى إلى التوافق والتقريب بينها وبين ما يحمله من أفكار ومواقف سابقة عندما كان نائباً، وعليه ألا يأنف من تبنيها والدفاع عنها في مجلس الأمة إذا تبين أنها أصلح وأكبر فائدة للبلاد من آرائه السابقة.

وكذلك فإن على النائب الوزير وقد خرج من رحم الأمة أن يصغي إلى جميع المواطنين ويستمع إلى شكواهم ويرفع الظلم عن المظلومين منهم فقد صح عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «مَنْ ولَّاهُ الله -عز وجل- شيئاً مِنْ أَمْر المسلمين فاحْتَجَبَ دُونَ حاجَتِهم وخَلَّتِهِم وفقرهم، احْتَجَبَ الله عنه دون حاجَتِه وخَلَّتِهِ وفقره».

وأيضاً على الوزير النائب أن يكون عادلاً بين موظفيه خصوصا في الترقية وفي تولي المناصب القيادية، وألا يفضل ناخبيه عليهم، لأن علاقته بناخبيه ومفاتيحه الانتخابية لا شأن لها بموظفي الوزارة وحقوقهم، والقواعد العامة الموضوعة من قبل مجلس الخدمة المدنية هي التي يجب أن تطبق عليهم ويضاف لها معايير العدالة والاستحقاق والبعد عن الظلم، لأن الظلم هو من ظلمات يوم القيامة، والوزير الناجح هو الذي لا تبطل قراراته في المحكمة الإدارية.

ولا يجوز أن يتجاهل الوزير تقارير ديوان المحاسبة، إذ إن عليه تصحيح ما تراكمت الإشارات إليها من أخطاء في وزارته، كما أن عليه الحفاظ على علاقة إيجابية ومستمرة مع مراقبي الديوان بشأن ملاحظاته قبل أن تتحول إلى أخطاء مكلفة للمالية العامة.

وعلى الوزير أن يشجع موظفيه على الإبلاغ عن أي تجاوز للقوانين واللوائح في جميع زوايا الوزارة، وقد ثبت أن هذا الإجراء من أفضل طرق اكتشاف ومكافحة الفساد.

إن الإبداع وتطوير العمل هو من أهم واجبات الوزير، فلا يجوز أن تطغى الأعمال اليومية على هذا الواجب الذي من شأنه وقف الهدر وتقليص الدورة المستندية وتطوير أداء الموظفين والتخفيف على المراجعين.

وحبذا لو استطاع النائب الوزير التقريب بين موقف الحكومة التي أصبح عضواً فيها وبين زملائه أو أعضاء كتلته السابقة في مجلس الأمة، وذلك بتجنب الصدام واللجوء إلى الحوار والمناقشة العلمية مع المتخصصين الثقات ومن الكويتيين أصحاب الخبرات في كل مجال، ولا شك أن النجاح في هذا التوسط سيطيل عمر الحكومة والمجلس.

لنأمل أن يقوم الوزراء المنتخبون بهذا الدور وأكثر، والله الموفق.

● أحمد باقر

back to top