في شأن «العلمانية»

نشر في 17-12-2021
آخر تحديث 17-12-2021 | 00:00
 ناصر بدر ناصر يثير مفهوم العلمانية جدلاً واسعاً بين الشباب الطامحين لتحقيق السلام في عالمنا العربي، رغم توافر طاقات عقلية هائلة وإمكانات مادية وأدوات من شأنها أن تسعى إلى حياة أفضل ذات معالم واضحة.

فالعلمانية في نظر المفكر د. سيد القمني: "هي أسلوب لتنظيم المجتمع بعقد اجتماعي يضمن سلامة المجتمع بما يتوافق عليه أعضاؤه، من أفراد وطوائف وأعراق وأديان، ويرضى الجميع بشروط هذا العقد مصوغا في دستور يضمن المساواة بين الجميع في تكافؤ الفرص وأمام موازين العدل وبالحقوق والواجبات ذاتها، وتبادل السلطة بطريقة سلمية عبر صندوق انتخابات خاضع لشروط ومقاييس عالمية صارمة تضمن نزاهة العملية الانتخابية ومن ثم السياسية، لاختيار مجلس نيابي وكيلا عن الشعب ليحكم الشعب نفسه بنفسه".

إن محاربة العلمانية واتهام من يتبنى أفكارها بأنه ضد الدين، وما يشاع بأنها تحمل في طياتها تياراً إلحادياً، أو بوصفها فصل الدين عن الدولة، ما هي إلا نظرة سطحية موروثة لأفكار تاريخية جامدة لا ترقى للدراسة النظرية والتطبيق العلمي.

كيف يمكن للعلمانية أن تعادي الدين، وفي المقابل نجد دولاً متقدمة تتبنى العلمانية منهجاً، ورغم ذلك تحتضن الكثير من اللاجئين أو المهاجرين بمختلف عقائدهم وأفكارهم، ومع هذا يعيشون وفق منظومة تكفل جميع حقوقهم وعلى رأسها الأمان، فلماذا يهاجر هؤلاء ويتركون أوطانهم إلى تلك الدول العلمانية؟

هذا يعني أن هناك خللاً فكرياً في دولهم نتجت عنه هجرتهم إلى دول علمانية تقدم ونحن تراجعنا، فهل من سبيل للعمل على تطوير أفكار منظومتنا الاجتماعية التي تشوبها اختلافات عقائدية، ليتسنى لنا مواكبة تطور العالم المتقدم؟

علينا مناقشة فكرة العلمانية من الناحية النظرية والتركيز على كيفية تطبيقها عملياً بصيغة جديدة، كونها قابلة للتحديث والتكيف مع ظروف الدولة التي تتبناها، ولا ينبغي أن يكون عالمنا العربي بعيداً عن تلك النقاشات، فالعلمانية لا تحمل عداء للأفكار والمؤسسات الدينية، ولا ترفض إقامة شعائرها، بل تكفل حرية جميع المعتقدات.

● ناصر بدر ناصر

back to top