الحوار... وما بعده

نشر في 05-11-2021
آخر تحديث 05-11-2021 | 00:00
 حبيب السنافي يوفر الحوار الذي جرى بين السلطتين مناخاً لأرقى أنواع الديموقراطية التطبيقية، لقاء السلطة بممثلي القاعدة الشعبية للنظام، هذا هو المطلوب، التواصل المباشر والالتقاء بين السلطتين بمنأى عن الرسميات والبروتوكولات ووميض آلات التصوير وحصار أسئلة الصحافة. رغبة التحدي في الإنجاز زخم معنوي للأطراف المشاركة لتقديم كل ما بوسعها من فرص للتوافق والاتفاق، وهي لن تميل إلى نزعة الغلبة بقدر إنجاز مطلب وطني يؤتي أُكله للسلطتين، وجني ثمار الحوار لدعم مواقفها السياسية المستقبلية وإحداث الفارق، وبالتالي سيحرص الكل على الظهور بالصورة المشرفة.

من حكمة السياسة عدم تعريض المصالح للهدم أو الانتقاص، وعلى السياسيين ربط مصالحهم بمصالح بقية القوى الفاعلة في المجتمع، بمعنى أن تكون للأطراف والجهات السياسية والاقتصادية مصالح متبادلة، ترضي الحد الأدنى من التوافق والانسجام بين السلطتين، وعليهم اعتبار أنه ليس هناك حل دائم، هناك حل قائم قابل للتغيير والتطوير بحسب الظروف المستجدة.

السلطة عليها أن تعي أن المعارضة في كل دول العالم باتت جزءاً أصيلاً من أي نظام سياسي، مهما تمادى الزمن، لذا عليها مراعاة مطالب المعارضة ومجاراتها في برامجها، ظناً منها بحتمية الصدام.

مهمة شاقة على السلطتين إنجازها، تجاوز علل ومسببات الاحتقان القائم- بعد إتمام الحوار- من خلال المبادرة لتغيير القوانين المنافية للدستور، والمجلسان لا يختلفان حول النظام السياسي الديموقراطي، هما يتباينان حول الأساليب المتبعة في توجيه الديموقراطية، والآليات، والأدوات، والحل لن ينأى عن الحوار المشترك، فهو الأساس الثقافي لإتمام النهج الديموقراطي وعموده الفقري ووجهه الحضاري.

إخفاق الحوار- ولا نتمنى ذلك- سيشرع باب المطالبة للتغيير في السلطتين، وإبدالهما بكفاءات قادرة على إصلاح الموازين بالحلول المبتكرة، والتغيير هنا له وجاهته وأسبابه، وسيحرج السلطتين بلا شك. الحوار خطوة ديموقراطية قصيرة، لكنها خطوة للأمام، تدفع بالسلطة لخطوات أخرى ترفع من مقام ديموقراطيتنا، وهي لن تتقدم إلا إذا واجهتها مصاعب وتحديات، ونحن نواجه هذا الواقع، لذا هي فرصة لتطوير مفاهيمنا وسلوكنا السياسي.

الحكومة من خلال الحوار تطبق روح الديموقراطية وقوامها، والحوار ذاته قد يهدف إلى ترتيب الأولويات عند الطرفين، وإن كان بعضها مراً، ولن تكون نتائج الحوار مرضية للطرفين، إنما النجاح والإنجاز الجزئي أفضل من الخسارة الفادحة.

● حبيب السنافي

back to top