العالم بحاجة إلى التحرك الآن لتجنب تغير المناخ الكارثي

نشر في 19-10-2021
آخر تحديث 19-10-2021 | 00:00
سامية أحمد الدعيج
سامية أحمد الدعيج
تسببت الأحداث المناخية القاسية التي حطمت الرقم القياسي هذا العام بأضرار جسيمة في جميع أنحاء العالم، من الفيضانات المدمرة في أوروبا والصين وشمال شرق الولايات المتحدة التي فاجأت المدن الكبرى، إلى حرائق الغابات في كاليفورنيا وجنوب أوروبا وتركيا، وبالقرب من الوطن، شهدنا الدمار الذي أحدثه إعصار شاهين في سلطنة عمان، فكانت هناك لحظة في شهر يونيو من هذا العام عندما سلطت CNN الضوء على التقارب في درجة الحرارة بين مدينة ليتون في كندا ومدينة الكويت عند 49.6 درجة مئوية. لقد اعتدنا على مشاهدة أحداث الطقس المدمرة في البلدان النامية، ولكن هذا العام لم تكن حتى أكثر البلدان تقدما مستعدة لما تخبئه الطبيعة لها.

مع استمرار ارتفاع درجات الحرارة العالمية ستصبح هذه الأحداث أكثر تكرارا وشدة، فكل التنبؤات التي توصل إليها العالم خلال العقود القليلة الماضية تحدث في وقت أقرب مما كنا نعتقد، فقد تم تقديم التقييم الواقعي لمستقبل كوكبنا من الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) التابعة للأمم المتحدة، وهي مجموعة من العلماء الذين أقرت حكومات العالم نتائجهم، وهذا التقرير هو أول مراجعة رئيسة لعلم تغير المناخ منذ عام 2013، ويأتي إصداره في الوقت المناسب تماما لقمة المناخ الرئيسة في غلاسكو المعروفة باسم COP26.

رسالة التقرير لا لبس فيها، وهناك حاجة ماسة لاتخاذ إجراءات عالمية لوقف ارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات خطيرة، يقول الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن التقرير "خط أحمر للإنسانية"، لكن العلماء يقولون إنه يمكن تجنب الكارثة إذا تصرف العالم بسرعة، فهم أكثر أملاً في أنه إذا تمكنا من خفض الانبعاثات العالمية إلى النصف بحلول عام 2030 والوصول إلى صافي الصفر بحلول منتصف هذا القرن، فيمكننا وقف ارتفاع درجات الحرارة وربما عكسه، ويتضمن الوصول إلى صافي الصفر تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري قدر الإمكان باستخدام التكنولوجيا النظيفة وتحسين كفاءة الطاقة ثم تعويض أي انبعاثات متبقية باستخدام احتجاز الكربون وتخزينه، أو امتصاصها من خلال الحلول القائمة على الطبيعة، مثل زيادة الغطاء الأخضر وحماية النظم البيئية الحيوية.

هناك أمل في أن تؤدي التخفيضات الكبيرة في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري إلى استقرار درجات الحرارة المرتفعة، فإذا تكاتفت الدول بقواها الآن، يمكن للعالم أن يتجنب الكارثة المناخية، لكن، كما أوضح التقرير، لا مجال للتأخير ولا للأعذار، فهنا في الخليج العربي، التزمت دولة الإمارات العربية المتحدة بأول هدف مطلق لخفض الانبعاثات على مستوى الاقتصاد في المنطقة، 23.5٪ بحلول عام 2030 والوصول الى الحياد الكربوني عام 2050، وتطلق المملكة العربية السعودية "المبادرة الخضراء" الطموحة التي تهدف إلى حشد المنطقة لمواجهة تغير المناخ، لذا فإن السؤال الذي ننتظر الإجابة له، ما المسار الذي سترسمه الكويت في COP26؟

وقعت معظم دول العالم تقريبا على أهداف اتفاقية باريس للمناخ في عام 2015، ويهدف هذا الاتفاق إلى الحفاظ على ارتفاع درجات الحرارة العالمية دون درجتين مئويتين هذا القرن ومتابعة الجهود لإبقائها تحت 1.5 درجة مئوية، ويأتي مؤتمر المناخ القادم في غلاسكو عندما تجدد الدول التزاماتها بخفض غازات الاحتباس الحراري، وفي حين أن هذه المفاوضات دائما ما تكون محل نزاع، إلا أن الأرقام واضحة ولا لبس فيها.

يتعرض زعماء العالم باستمرار لضغوط من مواطنيهم وخصوصاً شباب اليوم للعمل الآن لتجنب تغير المناخ الكارثي، حتى القادة الذين يمثلون جميع الأديان الرئيسة في أنحاء العالم، بما في ذلك الأزهر، وقعوا نداءً مشتركا للحكومات للالتزام بأهداف طموحة مع الوعد بقيادة أتباعهم إلى سلوك أكثر استدامة، فالشباب هم الناخبون والمبتكرون وقادة المستقبل وهم من سيتحملون وطأة آثار تغير المناخ وعلينا كمجتمع عالمي أن نفكر في العالم الذي سنتركه لهم.

* خبيرة بيئية

* سامية أحمد الدعيج

سامية أحمد الدعيج

back to top