جو بايدن يُغضب فرنسا والصين ويعلن حلفاً مع بريطانيا وأستراليا

● كانبيرا تلغي عقداً فرنسياً مقابل غواصات نووية أميركية... وباريس تندد بطعنة «ترامبية» في الظهر
● بكين تحذّر من «حرب باردة» والاتحاد الأوروبي لم يبلّغ بالاتصالات بين ثلاثي «أوكوس»

نشر في 17-09-2021
آخر تحديث 17-09-2021 | 00:05
وزيرا الدفاع الأميركي والأسترالي خلال لقائهما في البنتاغون أمس الأول (رويترز)
وزيرا الدفاع الأميركي والأسترالي خلال لقائهما في البنتاغون أمس الأول (رويترز)
يبدو أن إعادة التموضع الأميركية لا تشمل منطقة الشرق الأوسط فقط، فقد صدمت واشنطن فرنسا وحلفاءها الأوروبيبن بالإعلان عن حلف ثلاثي مع بريطانيا وأستراليا التي ألغت عقداً مع فرنسا مقابل الحصول على غواصات أميركية نووية. وبدا أمس أن تداعيات الخطوة الأميركية التي تهدف إلى رفع التوتر مع الصين أحدثت صدى في أوروبا أكثر منه لدى بكين التي اكتفت بالتحذير.
في خطوة أثارت غضب الصين وفرنسا ومفاجأة لدى الحلفاء الأوروبيين، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، ورئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون، ونظيره البريطاني بوريس جونسون عن تحالف جديد، عرف اختصارا باسم «أوكوس»، لـ «حماية مصالح» الدول الثلاث في المحيطين الهندي والهادئ، وسيسمح لها بتبادل التكنولوجيا التي تشمل الأمن الإلكتروني والذكاء الاصطناعي والأنظمة تحت الماء وقدرات الضربات البعيدة المدى.

وقال القادة، خلال اجتماع افتراضي، إن الجزء الأول من الاتفاقية الأمنية التاريخية سيشهد جهداً ثلاثياً مدة 18 شهراً «لتحديد المسار الأمثل» لحصول أستراليا على غواصات تعمل بالطاقة النووية.

وشدد بايدن، الذي يخطط لنقل الاهتمام من الشرق الأوسط والمحيط الأطلسي إلى المحيط الهادئ، على أن «مبادرة أوكوس ستمكن الدول الـ3 من الحصول على أحدث القدرات للمناورة وصد التهديدات السريعة التطور، كما ستمكنها من الحفاظ على قدراتها العسكرية وتوسيعها».

وجاء الإعلان عن التحالف ضمن خطوات حثيثة تسعى الإدارات الأميركية لاتخاذها بهدف احتواء تمدّد بكين التي يتوقّع أن تتخطى واشنطن لتصبح أكبر اقتصاد على مستوى العالم في غضون 4 سنوات.

ومن المقرر أن يستضيف الرئيس الأميركي، رئيس الوزراء البريطاني، في البيت الأبيض الأسبوع المقبل.

وذكر موقع «أكسيوس» أن الاجتماع المقرر عقده في أوائل الأسبوع المقبل، سيكون جزءا من أسبوع حافل من الدبلوماسية لبايدن، حيث يستعد أيضا لاستضافة زعماء أستراليا والهند واليابان، في 24 الجاري، بالبيت الأبيض، لحضور اجتماع ما يسمى بـ «التحالف الرباعي» الذي ينظر له على أنه مناهض لبكين.

جونسون

من جانبه، أكد جونسون أمام البرلمان البريطاني، أمس، أن اتفاق الشراكة الأمنية مع الولايات المتحدة وأستراليا (أوكوس) ليس موجها ضد أي دولة، في إشارة الى الصين، موضحا أن الاتفاق لا يؤثر على علاقة لندن بحلف ناتو.

وأوضح أن علاقة بلاده العسكرية مع فرنسا لا تزال ثابتة رغم الاتفاق، مشيرا إلى أن الدولتين لديهما تعاون مشترك لمكافحة الإرهاب في مالي.

غواصات نووية

وأفسد التحالف صفقة مع باريس لتزويد كانبيرا بغواصات تقليدية تقدر بـ66 مليار دولار. وحاول رئيس الوزراء موريسون التهدئة مع فرنسا، قائلا إن بلاده فسخت العقد معها «لا لتغير برأي لكن لتغير بالاحتياجات». وقال إن بلاده تفضل أن تبني بمساعدة من واشنطن ولندن غواصات تعمل بالدفع النووي.

لكنّه جدد - في الوقت نفسه - نفي بلاده السعي لامتلاك أسلحة نووية أو إنشاء قدرة نووية مدنية، مؤكدا مواصلة الالتزام بعدم انتشار الأسلحة النووية.

ولفت إلى أن أستراليا ستحصل على صواريخ كروز أميركية من طراز توماهوك. كما وجه رئيس الوزراء الأسترالي، للرئيس الصيني شي جين بينغ، «دعوة مفتوحة» للحوار.

«طعنة ترامبية»

وبينما أكد «الاتحاد الأوروبي» أنه لم يبلغ بالشراكة الدفاعية الثلاثية، مما دفع فرنسا لاتهام الرئيس بايدن، الذي تعهد في وقت سابق برص صفوف الحلفاء بمواجهة «الخطر الصيني»، بطعنها في الظهر، واستخدام أسلوب سلفه دونالد ترامب.

وانتقد باريس وأسفت من قرار استبعادها من التحالف الثلاثي الاستراتيجي في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

ووصف وزير الخارجية جان إيف لودريان، ووزيرة الدفاع فلورنس بارلي، الخطوة بأنها تتعارض مع روح التعاون بين فرنسا وأستراليا، والذي قالا إنها مبنية على الثقة السياسية.

وقال لودريان في تصريحات أمس: «أنا غاضب، إنه أمر لا يمكن فعله بين الحلفاء... إنها صفعة على الوجه»، مضيفاً أن «هذا القرار الأحادي والمفاجئ وغير المتوقع يشبه كثيراً ما كان يفعله ترامب».

وأضاف: «لقد أقمنا علاقة ثقة مع أستراليا، وقد تعرّضت هذه الثقة للخيانة»، مضيفاً أن كانبيرا يتعين عليها الآن أن تشرح كيف تعتزم الخروج من الصفقة التي وقعت عام 2016، وأطلق عليها «صفقة القرن»، حيث تبلغ قيمتها 66 مليار دولار لتزويد البحرية الأسترالية بـ12 غواصة؟

وشدد وزير الخارجية الفرنسي على أن القضية، التي تتعلق بالصفقة المبرمة بين شركة فرنسية حكومية وكانبيرا، لم تنته بعد.

من جهتها، وصفت وزيرة الدفاع فسخ أستراليا للعقد الضخم بالأمر الخطير، والنبأ السيئ جداً لاحترام الكلمة المعطاة.

نتفهّم إحباط باريس!

وفي محاولة لامتصاص انفعال باريس وامتعاض الحلفاء التقليديين بالمعسكر الغربي، أعرب وزير الدفاع البريطاني بن والاس، عن تفهّم بلاده لما وصفه بـ «حجم الإحباط الفرنسي» بسبب خسارة الصفقة الأسترالية، مشدداً على أن الصفقة، التي تحولت إلى مظلة نووية لأستراليا، ليست حرباً باردة مع الصين.

وذكر الوزير البريطاني أنه تحدث مع نظيرته الفرنسية وأبلغها بأن إعلان التحالف الثلاثي «لا يعني أن هناك خلافات استراتيجية مع فرنسا».

وأكد أنه «لا توجد أي نية لإغضاب الفرنسيين، لأنهم من أقرب حلفائنا في أوروبا، وقواتنا المسلحة متكافئة من حيث الحجم والقوة، ونحن نعمل مع بعض».

وبرر والاس الخطوة بالقول: «شركاؤنا في منطقة المحيطين الهندي والهادئ يرغبون في تعزيز قدراتهم من أجل الوقوف على أرضهم»، مضيفاً أن الصين باشرت مشروعاً للإنفاق العسكري سيكون واحداً من أكبر الإنفاقات العسكرية في التاريخ.

وذكر أن بكين تقوم بـ «تعزيز قدراتها البحرية والجوية بمعدلات ضخمة، ناهيك بدخولها في منافسة حول مناطق متنازع عليها»، في إشارة إلى ادعاءات بكين، من جانب واحد، بالسيادة على أجزاء واسعة من بحر جنوب الصين.

بكين تحذر: إنها الحرب

في المقابل، تسبب الإعلان عن التحالف في حالة من الغضب بالصين التي حذّرت من إطلاق «حرب باردة» على غرار التي دارت بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي السابق، عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية في بكين، أمس: «يجب على الدول المعنية التخلي عن عقلية المحصلة الصفرية للحرب الباردة»، مضيفاً أن القوى الثلاث لن تؤدي إلا إلى الإضرار بمصالحها الخاصة.

وأشار المتحدث إلى أن أستراليا ليست قوة نووية، لكنها ستقوم حالياً وفجأة باستيراد تكنولوجيا غواصات تعمل بالطاقة النووية، ذات قيمة عسكرية استراتيجية، مضيفاً أن هذا قد يدفع الدول الأخرى في المجتمع الدولي إلى التشكيك في التزام المجموعة بـ «عدم الانتشار النووي».

نيوزيلندا والحظر النووي

في موازاة ذلك، بدا أن هناك حليفاً آخر، ينتقد الصفقة أيضا بصورة ضمنية، وهو نيوزيلندا، حيث أعلنت رئيسة الوزراء جاسيندا أردرن أن بلادها، التي لطالما رفضت استخدام الطاقة النووية، لن تسمح للغواصات الأسترالية التي تعمل بالطاقة النووية، بدخول مياهها.

وقالت أردرن في العاصمة ولينغتون إن «موقف نيوزيلندا بشأن الحظر المفروض على الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية في مياهنا، لم يتغير».

موسكو تراقب

وأعلن المتحدث باسم الرئاسة الروسية، ديميتري بيسكوف، أمس، أن موسكو تدرس بعناية المعلومات حول التحالف الأسترالي/ الأميركي/ البريطاني، مشددا على أهمية فهم أهداف هذا التحالف.

وزير الدفاع البريطاني يتفهم إحباط باريس وموسكو تريد مزيداً من المعلومات حول أهداف التحالف
back to top