العدوان العراقي وأوضاع المعاقين

نشر في 05-08-2021
آخر تحديث 05-08-2021 | 00:06
 أصيلة السيد زيد الرفاعي صحوت يوم الخميس المصادف 2/8/1990م في تمام الساعة الخامسة صباحا على رنين الهاتف، كان ابن أختي يتصل ليخبرني بأن الجيش العراقي قد دخل الكويت، وكغيري، كنت بين مصدقة ومكذبة للخبر، وقلت له هل تمزح؟ وأقسم لي أنه صادق 100%، كان الأمر متوقعا على ضوء التوتر في العلاقات والتهديدات التي سبقت الاحتلال، وضعت سماعة الهاتف وأيقظت زوجي وأبنائي وأخبرتهم بما حدث، فذهلوا من الخبر السيئ، كان الموقف صعبا جدا.

خرجنا إلى شرفة المنزل للاطلاع على ما يجري من حولنا، فوجئنا بالناس يخرجون وكأنهم يهرولون بشكل آلي لا شعوري لسماع الأخبار ومشاهدة ما يحدث من خراب في قصر دسمان وقصر السلام.

في اليوم التالي للعدوان تجمعنا في منزل بنت أختي في منطقة الروضة، لوجود سرداب في المنزل نختبئ فيه لسماع الأخبار المحلية والعالمية، ومراقبة ما يحدث ونحن جميعا في حالة صدمة وذهول من هول ما يجري في بلدنا الحبيب.

وفي يوم 5/8/1990م اصطحبت ابني وذهبنا إلى مقر عملي في مجمع دور الرعاية في الصليبخات، وتحديداً دار رعاية المعاقين، وفي الطريق كانت وحدات الجيش العراقي منتشرة في المناطق الداخلية والخارجية، ونقاط التفتيش موجودة في كل مكان، أوقفني جندي في إحدى النقاط وسألني إلى أين ذاهبة؟

فأجبته وأنا في حالة غضب شديد «ذاهبة إلى المعاقين»، فأجابني «هس عيني، بعد يومين ونرجع إلى العراق»، فقلت وأنا في شدة الضيق «روحه بلا رجعة»، ولم يستطع سماعي كلامي فقال لي شنو تقولين؟، فرد ابني وقال له «لم تقل شيئا».

في طريقنا إلى الدار رأينا العجائب التي يذهل لها العقل وتشمئز منها العين، رأينا الخراب والدمار في كل مكان، السيارات تم تهشيمها أو إحراقها، المحلات التجارية لم تنج من هذا الدمار فقد تعرضت للسرقة والنهب والتخريب، حتى من بطش الغزاة المعتدين، وعند وصولي إلى دار المعاقين، سارع الأبناء الذين رأوني وأنا أنزل من السيارة للقائي وهم يبكون ويصرخون، حتى أصحاب الإعاقات الشديدة كانوا على علم بما حدث وأحسوا بما فعله المجرم صدام مع جنوده الأوباش بدخولهم الكويت غزاة معتدين.

كان المشهد أكبر من قدرتي على الاحتمال فبكيت معهم، أشاركهم الأحزان، وصرت أربت على أكتافهم ورؤوسهم وأواسيهم وقلت لهم ادعوا الله سبحانه وتعالى أن يرفع عنا هذا البلاء وتعود دولة الكويت كما كانت حرة أبية في ظل قيادتها الشرعية. بعد ذلك قمت بالطواف على مقار جميع الأقسام وخاصة قسم النزلاء شديدي الإعاقة الملازمين لسريرهم بسبب عدم قدرتهم على الحركة، وقابلت المشرفات الكويتيات الموجودات في الدار، وكذلك بعض العاملات من الجنسيات الأخرى وطلبت منهن ضرورة الاهتمام بالأبناء ورعايتهم، ورجوني لتمكينهم من الاتصال بذويهم وأبنائهم للاطمئنان عليهم، غير أن خطوط الهاتف كانت مقطوعة فقدمت لهن هاتف سيارتي للاتصال بذويهم، ومكثت في رفقتهم بالدار حوالي ثلاث ساعات بعد أن قمت بتوفير جميع حاجاتهم الضرورية، وطلبت من المسؤولة -آنذاك- الاستمرار في العمل ومتابعة شؤون الدار وأوصيت المشرفات بالعناية بالمعاقين، فهم أمانة في أعناقهن، ولينالوا الجزاء الأوفي من الله ووعدوني خيرا.

وأخيرا قمت بتوديعهم، وطلبت منهم جميعا الصبر والمواظبة على الدعاء والتروي وطمأنتهم بأن الكويت ستعود لنا بإذن الله تعالى، ويرد كيد المعتدين في نحورهم.

أصيلة السيد زيد الرفاعي

back to top