لبنان: قتلى في اشتباكات بين محسوبين على «حزب الله» والعشائر

نشر في 02-08-2021
آخر تحديث 02-08-2021 | 00:04
جنود لبنانيون ينتشرون في عربات مدرعة وسط اشتباكات في منطقة خلدة جنوبي العاصمة
جنود لبنانيون ينتشرون في عربات مدرعة وسط اشتباكات في منطقة خلدة جنوبي العاصمة
قبل أيام من الذكرى السنوية الأولى لتفجير 4 أغسطس، الذي دمر مرفأ بيروت، دخل لبنان «النفق الأخطر»، وبات يقف على شفير الحرب الأهلية المذهبية والطائفية.

ويبدو أن كل عوامل الاستقرار تتلاشى، والمؤشرات على سقوط الدولة وانهيار مؤسساتها كثيرة، وآخرها الاشتباكات العنيفة في منطقة خلدة بين العشائر العربية ومحسوبين على «حزب الله»، والتي أدت إلى سقوط قتلى وجرحى.

لم يكن الاشتباك ابن ساعته، بل يعود إلى أكثر من سنة، بأشكال وظروف متعددة، فمنذ ثورة «17 تشرين» وقطع الطريق في تلك المنطقة، التي تعتبر منفذاً أساسياً للضاحية الجنوبية لبيروت وحلقة الوصل بين بيئة «حزب الله» وجمهوره في الجنوب، تشكَّل الاستفزاز الأكبر بالنسبة إلى الحزب، ولطالما حذّر أمينه العام حسن نصرالله من مخاطر قطع الطريق.

قبل سنة بالضبط، حصلت الاشتباكات الأولى بين بعض عائلات العشائر العربية ومجموعات محسوبة على «حزب الله»، على خلفية قطع الطريق، مما أدى إلى مقتل الفتى حسن زاهر غصن. وحصلت تدخلات عديدة لضبط النفس، واشترطت العشائر العربية تسليم القاتل للقضاء اللبناني، مهددة بأنها ستثأر لدم ابنها بنفسها، في حال لم يتم توقيف القاتل.

وعندما يسود منطق الثأر، فذلك يعني بكل وضوح وبشكل لا لبس فيه انتفاء منطق الدولة، وسيادة منطق الدويلات المذهبية والطائفية والعشائرية. وليلة السبت - الأحد، أقدم شقيق الفتى المقتول حسن غصن على قتل أحد المتهمين بقتل شقيقه، المدعو علي شبلي، وهو مسؤول في «سرايا المقاومة» التابعة لـ «حزب الله»، وسلّم نفسه للأجهزة الأمنية.

وأصدرت العشائر العربية بياناً لم تنفِ فيه صلتها بالأمر، بل أكدت أن قتل شبلي هو عملية ثأرية بعد تقاعس الدولة عن القيام بمهامها ومحاسبة القاتل، آملة وقف الأمور عند هذا الحدّ.

وخلال تشييع شبلي وقعت اشتباكات بين الطرفين مجدداً، وسارعا إلى تقاذف المسؤولية، ولكن بعيداً عن التفاصيل ولغة الشيطنة فإن الأرضية اللبنانية مهيأة لمثل هذه الإشكالات، ولطالما حذّرت الأجهزة الأمنية من الانفلات الذي أصبح ينطوي على مخاطر كبيرة، لم تعد معيشية واجتماعية فحسب، بل أصبحت قابلة للتحول إلى صراع مذهبي وطائفي وسياسي أيضاً.

ونتيجة الاشتباك سقط عدد من القتلى والجرحى، واتهم آل شبلي العشائر العربية بنصب كمين لموكب التشييع، وفي المقابل اعتبرت العشائر أن إطلاق النار من المحسوبين عليها حصل نتيجة استفزازات و«عرضات» عسكرية من المشيعين ورداً على إطلاق نار من جانبهم. كل هذا الكلام لم يعد له نفع في واقع بركاني كما هي الحال بالنسبة إلى الوضع في لبنان القابل للانفجار في أي لحظة.

سريعاً بدأت الاتصالات السياسية والأمنية والعسكرية والحزبية في سبيل تطويق الحادثة ومنع تفاقم الاشتباك، وعمل الجيش اللبناني على تسيير دوريات مؤللة والانتشار الموسع والكثيف في المنطقة، إلى جانب توفير أمن موكب التشييع وإخراجه من المنطقة.

وأدى الاشتباك إلى حالة تشنج واستنفار في صفوف «حزب الله» وبيئته، في وقت يعتبر الحزب أن ما يجري محاولة من خصومه لاستدراجه للعبة الأمنية في الداخل اللبناني. أما الجهات المعارضة للحزب فتعتبر أنه هو الذي يريد فرض أوامره على الجميع، وإثبات اختراقه لمختلف المناطق والبيئات الاجتماعية اللبنانية، كما أنه منذ فترة يسعى إلى السيطرة على طريق الجنوب لمنع أي جهة من قطعها عليه وعلى بيئته.

مصادر أمنية وسياسية لبنانية تتخوف من تفاقم الوضع أكثر، فالبعض يرى أنه رغم عدم سعي «حزب الله» إلى التورط في أحداث داخلية، فإنه لن يترك هذه الحادثة تمر بشكل عابر.

منير الربيع

back to top