مع السلامة ومن غير مطرودين

نشر في 20-06-2021
آخر تحديث 20-06-2021 | 00:18
 حسن العيسى لا تقاس ثروة الأمم بمواردها الطبيعية فقط، موردها البشري يكون في كثير من الأحيان أهم من الثروات الطبيعية، هناك دول كثيرة ثرية بمواردها الطبيعية، لكنّها فقيرة ببشرها، وناتجها القومي ضئيل، مقارنة بغيرها الغنية ببشرها وإدارتها الواعية، عدد من الدول الإفريقية غنية بثرواتها الطبيعية، لكنّها فقيرة ببشرها، دولة مثل سنغافورة فقيرة في مواردها الطبيعية، لكنها تعدّ من مصاف الدول الثرية والمتقدمة ببشرها.

في الكويت الدولة ثريّة بسلعتها النفطية، إلا أن الثروة البشرية ليس لها حساب، وسوء التعليم ومخرجاته دليل على ذلك، وفي الوضع الطبيعي تستغل الدول الوافدين المنتجين بمنحهم الإقامة الدائمة والجنسية كمصدر للثروة البشرية، ويدعمون بالتالي ثروتها الطبيعية الناضبة، وتمنحهم الإحساس بالأمان، كي يعطوا من روحهم للبلد، لكن هنا يقضي الوافد المنتج معظم سنوات عمره يخدم ويعمل وعيناه مسلطتان على جواز سفره؛ صفحة الإقامة واسم الكفيل الذي يرتهن وجوده، أما أمله في أن يحصل على جنسية أو إقامة دائمة فهو عشم إبليس في الجنة، هذا بفرض أنه ليست له واسطة ومعرفة خاصة بصاحب القرار، بصرف النظر عن جدارته.

أما الكويتيون البدون فوضعهم لا يقل سوءاً، فهم على كفّ عفريت الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية، وقبل أيام تم الاستغناء عن حوالي 200 من العسكريين البدون، لأن أوراقهم ناقصة حسب القوانين السامية للجهاز المركزي، تم الاستغناء عنهم بكل بساطة، دون النظر إلى أوضاعهم البشرية، والتزاماتهم الاجتماعية والمالية، كأنهم سلعة انتهت صلاحيتها، حصلوا آخر الأمر على جزاء سنمار!

الوافدون الذين قضوا أكثر من نصف قرن يخدمون في هذا الوطن، وبلغوا الستين من العمر، قالت لهم السلطة، بكل بساطة، وبسبب أوضاع الدولة المالية، وهي وحدها المسؤولة عن هذا الفساد المالي: مع السلامة وتفضلوا من غير مطرودين من بلد الإنسانية العظيم.

تذكّرت بهذه المناسبة أن الولايات المتحدة سمحت لأكثر من مئة ألف صيني بالجنسية الأميركية أو الإقامة الدائمة في السنوات الأخيرة، فهم ثروة بشرية ويمكنهم العطاء لبلدهم الجديد، هنا سنفلس من ثرواتنا النفطية، وبسقوط سعرها إذا لم يكن غداً فبعد الغد، فماذا سيبقى لهذا الوطن؟! هكذا تكون الإدارة السنغافورية الخليجية بكل عظمتها وإنسانيتها... يا بلاش.

حسن العيسى

back to top