لبنان: الأزمة الحكومية تهدِّد بانقسام مسيحي - إسلامي

نشر في 15-06-2021
آخر تحديث 15-06-2021 | 00:00
سيارات تقف في طابور للحصول على الوقود في محطة وقود في بيروت ، لبنان
سيارات تقف في طابور للحصول على الوقود في محطة وقود في بيروت ، لبنان
على وقع دعوات لإضرابات وتحركات احتجاجية وتظاهرات في الأيام المقبلة، والارتفاع الكبير الذي سجّله سعر صرف الدولار بالأسواق؛ وجد لبنان نفسه أمام المكاسرة المفروضة، والتي لا مفرّ منها.

الانقسام بشأن تشكيل حكومة جديدة، يمكن أن ينعكس «التهاباً ميدانياً»، وسط تخوف من أن يُستخدم «الشارع» لحسابات سياسية.

وعلى ما يبدو فإن «المعركة» قابلة للتصاعد أكثر في المرحلة المقبلة، بين رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري المدعوم من رئيس مجلس النواب نبيه بري، والمجلس الإسلامي الشرعي الأعلى، ورؤساء الحكومة السابقين، وتيار المردة برئاسة سليمان فرنجية، ونواب مسيحيين مستقلين، في مواجهة رئيس الجمهورية ميشال عون وفريقه.

في المقابل، يقف «حزب الله» على الحياد، مع تمسكه بالعلاقة الجيدة مع الطرفين، في حين يحتفظ وليد جنبلاط بملاحظات على أداء الحريري، رغم أنه يدعمه لرئاسة الحكومة.

ولم تظهر أي بوادر تشير إلى إمكانية تحقيق خروقات، على الرغم من محاولة برّي الأخيرة للعمل على وضع صيغة حكومية جديدة بالاتفاق مع الحريري، وتسليمها لعون، لكن هذا الخيار لم يحسم بعدُ ولا يزال التفكير به قائماً، وسط استبعاد لإمكانية الوصول إلى اتفاقات، وهذا يعني أن الأزمة السياسية ستتفاعل مما سيقود إلى رفع الأسلحة الطائفية.

وينفي رئيس مجلس النواب، وفق ما تنقل عنه مصادر، أي طابع طائفي للانقسام، مؤكداً أن مبادرته تحظى بموافقة داخلية ودولية وإقليمية، وهو ينسق تحركاته مع البطريرك الماروني بشارة الراعي، كما أن هناك نواباً مسيحيين يؤيدون مسعاه.

ويشير المقربون من برّي إلى أنه حريص على التوافق، ولذلك هو يتمسك بالتفاهم بين الحريري وعون، من مبدأ أن أي ولادة للحكومة يجب أن تتم بتوافق بين المسلمين والمسيحيين.

رغم ذلك تتخوف مصادر من أن تنتج الأزمة انقساماً إسلامياً

- مسيحياً، خصوصاً بعد «المبايعة» السنية من المجلس الشرعي للحريري، التي أعطت انطباعاً بأن الحريري حصل على دعم طائفته في مواجهة رئيس الجمهورية، الذي قد يعمل أيضاً على رفع منسوب الخطاب الطائفي دفاعاً عن صلاحيات الرئيس المسيحي.

وتعتبر المصادر أن الحريري يلجأ إلى هذه الخطوات لتحصين نفسه في مواجهة رفض رئيس الجمهورية له، وربما في وجه كل من يضع عليه «فيتو» ويقدم نفسه على أنه يشكل إجماعاً سنياً وإجماعاً وطنياً، نظراً لحصوله على دعم بري والسنة، موالاةً ومعارضةً، وكذلك المسيحيون المستقلون، إضافة إلى مباركة «حزب الله».

في المقابل، لا يريد وليد جنبلاط أن يكون جزءاً من هذا الانقسام الإسلامي - المسيحي، لذلك يفتح قنوات التواصل والتنسيق مع «القوات» و«التيار الوطني الحرّ».

وفي كل الأحوال، فإن هذا الانقسام سيؤدي إلى تعميق الأزمة السياسية، وقد ينعكس توتراً في الشارع، وهو بالتأكيد لن يؤدي إلى أي خرق في جدار الأزمة.

وتشير المصادر إلى ضرورة النظر في موقف القوى المسيحية الأخرى، وخصوصاً «القوات اللبنانية»، إذا كانت ستصطف إلى جانب رئيس الجمهورية في مواجهة «المعسكر المسلم»، أم ستبقى خارج هذا الانقسام. وثمة من يقول إن تجربة «حرب التحرير» قد تتكرر، في إشارة إلى إمكانية التقاء قواتي - عوني على هدف محدد، بينما أبعدت «الكتائب» نفسها عن هذا الانقسام.

في ظل هذا الواقع، يظهر مساران واضحان، إما الانهيار التام وسقوط السقف فوق رؤوس الجميع، مع تقاعد حكومة تصريف الأعمال عن إيجاد حلول مؤقتة وتقنية للتخفيف من معاناة المواطنين، وهو ما ينذر بانفجار اجتماعي، وإما الذهاب إلى خيار حكومة انتخابات برئاسة شخصية سنية غير مرشحة للاستحقاق الانتخابي، وتحظى بدعم وغطاء سنّيين من قبل الحريري، الذي يتخذ خيارات سياسية وشعبية تحافظ على كتلته النيابية في الاستحقاق المقبل.

من جهة أخرى، يستمر الاهتمام الدولي بلبنان، من بوابة الحرص على الجيش والأجهزة الأمنية، وهو ما سيترجم عملياً في المساعدات، التي سيقدمها المؤتمر الدولي لدعم الجيش، والذي سيعقد يوم 17 الجاري بهدف تعزيز وضع الأفراد والرتباء والضباط في مواجهة الأزمة المالية الخانقة، ليتمكنوا من ضبط الأوضاع الأمنية لتجنيب لبنان الدخول في الفوضى الشاملة.

منير الربيع

back to top