الناتج المحلي للكويت.. من نمو بنسبة 0.4% إلى إنكماش بمعدل 9.9%

الهاشل: التراجع مدفوع بانخفاض متوسط سعر برميل النفط

نشر في 13-06-2021 | 17:23
آخر تحديث 13-06-2021 | 17:23
محافظ بنك الكويت المركزي الدكتور محمد الهاشل
محافظ بنك الكويت المركزي الدكتور محمد الهاشل
قال محافظ بنك الكويت المركزي الدكتور محمد الهاشل أن التقديرات والإحصاءات الأولية تشير إلى انكماش الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بالأسعار الثابتة بمعدل 9.9 في المئة خلال عام 2020 مقارنة بنمو بلغ معدله نحو 0.4 في المئة خلال العام 2019.

وأضاف محافظ المركزي في تصريح صحفي اليوم بمناسبة صدور التقرير الاقتصادي لعام 2020 أن قيمة الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية انخفضت بنحو 23.2 في المئة وقد جاء هذا التراجع مدفوعاً بشكل أساسي بانخفاض متوسط سعر البرميل من نفط خام الكويت التصديري ليصل إلى نحو 41.5 دولاراً للبرميل خلال عام 2020 وذلك بانخفاض معدله 35.2 في المئة.

وأوضح أن معدل التضخم مقاساً بالرقم القياسي لأسعار المستهلك سجل ارتفاعاً ليبلغ نحو 2.1 في المئة خلال عام 2020 بعد أن سجل نحو 1.1 في المئة خلال عام 2019 وتراجع إجمالي أعداد السكان بالكويت في نهاية عام 2020 بنحو 2.2 في المئة مقارنة بنمو معدله 3.3 في المئة في نهاية عام 2019.

وبين المحافظ أن الاقتصاد العالمي واجه عاماً استثنائياً بالغ الصعوبة بسبب جائحة كورونا التي أحدثت صدمة اقتصادية وصفت بأنها الأكثر حدة في آخر مئة عام وأدت إلى اتخاذ تدابير احترازية صارمة وصلت إلى مرحلة الإغلاق الكلي للكثير من الأنشطة الاقتصادية أثناء موجتيها الأولى والثانية.

وذكر أنه نتيجة هذه التدابير شهد الاقتصاد العالمي وفق تقديرات صندوق النقد الدولي انكماشاَ بنحو 3.3 في المئة خلال العام 2020 مقابل نمو بنحو 2.8 في المئة لعام 2019، مشيراً إلى أن الاقتصاد المحلي تأثر بالجائحة وبتداعياتها على الاقتصاد العالمي والإقليمي ودخول العديد من الدول في مرحلة الركود الاقتصادي الأمر الذي أدى إلى تراجع معدلات الطلب العالمي على النفط وانهيار أسعاره وهو ماانعكس بشكل مباشر أو غير مباشر على أوجه النشاط الاقتصادي بالكويت.

الآثار السلبية

وعلى صعيد التطورات النقدية والمصرفية خلال عام 2020، أشار المحافظ إلى أن السياسات النقدية والرقابية للمركزي شهدت تحركاً سريعاً وحاسماً منذ بداية انتشار وباء كورونا حيث وجه البنك المركزي جهوده وإمكانياته لمجابهة الآثار السلبية الناجمة عن الجائحة مستخدماً كافة الأدوات المتاحة لديه.

وأضاف أنه في ظل ما فرضته الجائحة من تداعيات تتطلب دعم القطاعات الاقتصادية ومساعدتها في احتواء هذه الصدمة وتوفير الأجواء الداعمة للثقة في الاقتصاد الوطني وتحفيز قدرته على التعافي من آثار الأزمة فقد تبنى البنك المركزي سياسات نقدية تيسيرية استثنائية حيث قام خلال شهر مارس 2020 بتحرك استباقي سريع بتخفيض سعر الخصم لمستويات هي الأدنى تاريخياً لتصل إلى 1.5 في المئة.

وذكر أنه تبع ذلك إجراء تخفيض في سعر الـ «ريبو» وأسعار التدخل في السوق النقدي لينعكس ذلك في انخفاض كافة مؤشرات أسعار الفائدة المحلية خلال العام 2020 مقارنة بالعام السابق.

الرقابة المصرفية

وعلى صعيد الإشراف والرقابة المصرفية وتعزيزاً لحزمة الإجراءات النقدية التي طبقها المركزي بهدف دعم القطاعات الحيوية للاقتصاد المحلي والمتضررين من أفراد، قال محافظ المركزي أنه قام بتعديل تعليماته الرقابية وأدوات سياسة التحوط الكلي بتخفيف متطلبات النسب الرقابية على صعيد معايير السيولة ومعايير كفاية رأس المال ومعايير الإقراض لمساعدة البنوك على أداء دورها الحيوي في الاقتصاد وتحفيزها على تقديم مزيد من القروض والتمويل للقطاعات الاقتصادية والعملاء المتضررين من الأزمة ومساعدة القطاع المصرفي على مواجهة الصدمات خلال عام 2020.

وأوضح الهاشل أن الدينار الكويتي حافظ على استقراره النسبي مقابل العملات الرئيسية في إطار نظام سعر الصرف القائم على ربط سعر صرف الدينار الكويتي بسلة خاصة موزونة من عملات أهم الشركاء التجاريين والماليين للكويت كما عززت تدخلات السياسة النقدية التحفيزية والسياسة الرقابية من أجواء الثقة وتجنب أزمات الائتمان ووفرت السيولة لدعم التعافي الاقتصادي.

وذكر أن ذلك يستدل عليه من مؤشرات أداء القطاع المصرفي لاسيما خلال النصف الثاني من عام 2020 حيث سجلت أرصدة الائتمان الممنوح للقطاع الخاص نمواً ايجابياً بنهاية العام 2020 وارتفعت وتيرة النمو في مستويات السيولة المحلية خلال العام المذكور حيث سجل عرض النقد بمفهومه الواسع (ن2) ارتفاعاً بمعدل 3.8 في المئة بعد انخفاضه بمعدل 1.2 في المئة في العام السابق.

وأشار إلى أن ودائع المقيمين لدى البنوك المحلية واصلت ارتفاعها وبوتيرة أسرع إذ ارتفعت بنسبة 3.8 في المئة مقابل نمو بنسبة 0.3 في المئة للعام السابق وبالرغم من تباطؤ وتيرة النمو في أرصدة الائتمان المحلي خلال العام 2020 إلا أنه استطاع الحفاظ على تحقيق نمو إيجابي معدله 3.5 في المئة وذلك بالرغم من فترة الإغلاق للأسواق ولاشك أن مواصلة التسهيلات الائتمانية لمعدلات نمو إيجابية يعكس فعالية إجراءات السياسة النقدية التيسيرية للمركزي.

ميزان المدفوعات

وأوضح المحافظ أن الحساب الجاري لميزان مدفوعات الكويت سجل فائضاً رغم تداعيات الجائحة وبنحو 6.8 مليار دينار (نحو 22.4 مليار دولار) خلال الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2020 بانخفاض قيمته 390.6 مليون دينار (نحو 1.2 مليار دولار) ونسبته 4.5 في المئة مقارنة بالفترة المناظرة من العام السابق.

وبين أن المركزي لا يزال يؤكد على أهمية الإسراع في تنفيذ الإصلاح الشامل للاختلالات الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد والمتمثلة بتنامي اختلالات المالية العامة حيث يحتل بند المصروفات الجارية «التي تشمل تعويضات العاملين والتحويلات والدعوم الحكومية المختلفة» الجزء الأكبر من الإنفاق العام فيما تعتمد الموازنة العامة للدولة إلى حد كبير على الإيرادات النفطية التي تشكل قرابة 90 في المئة وتشكل أيضاً نحو 90 في المئة من إجمالي الصادرات السلعية.

وقال أن «من بين الاختلالات كذلك هيمنة الدور الحكومي على النشاط الاقتصادي ومحدودية دور القطاع الخاص في دفع عجلة النمو الاقتصادي فعلى مدى العقود الماضية استمر الإنفاق العام عند مستويات عالية ازدادت تسارعا في السنوات الأخيرة».

وأضاف «شهدنا قفزات لافتة في بنود المصروفات الجارية حتى بلغت 88 في المئة من جملة المصروفات الفعلية في الموازنة العامة للسنة المالية 2020/2019 فيما تصل نسبة المصروفات الحكومية إلى الناتج المحلي الإجمالي نحو 52 في المئة وهي بذلك الأعلى خليجياً ومن الأعلى عالمياً».

وتابع المحافظ أن ثالث تلك الاختلالات يختص بهيكل سوق العمل الناتجة عن استقطاب الحكومة للجزء الأكبر من العمالة الوطنية وما يخلقه ذلك الوضع من تحديات للحكومة في توفير فرص العمل للأعداد المتزايدة من المواطنين حيث ييتحمل القطاع الحكومي وحده توظيف 81 في المئة من قوة العمل الكويتية وليس خفياً ما يجلبه ذلك من تضخم الموازنة وتفشي البيروقراطية وضعف الأداء وانخفاض الإنتاجية وانتشار البطالة المقنعة.

سوق العمل

وأشار إلى أن التقديرات تشير إلى أن السنوات الخمس القادمة ستشهد دخول نحو 100 ألف مواطن ومواطنة إلى سوق العمل ولذلك يتعين احتواء بند الأجور والمرتبات كجزء من جهود الإصلاح المالي على المدى المتوسط وذلك من خلال إحياء دور القطاع الخاص وتعزيز الشراكة معه ورفع تنافسيته ودعم قدرته على خلق فرص العمل بالتوازي مع التفعيل السريع للخصخصة ليغدو القطاع موظفاً رئيسياً للعمالة الوطنية.

وأشار إلى أنه يتعين على القطاع الحكومي تبسيط هيكل الأجور والمرتبات والتحقق من عدالته واتساقه بين الجهات الحكومية وبما لا يتسبب في عزوف العمالة الوطنية عن العمل في القطاع الخاص.

وقال الهاشل أنه «أمام هذه التحديات علينا جميعاً المبادرة إلى مواجهتها بجهود متكاملة قائمة على مرتكزات متينة لصياغة معالجة سليمة وفاعلة لتعزيز الاستقرار المالي والاقتصادي وتحقيق استدامة النماء والرفاه للجميع».

back to top