«رئاسية» إيران... إقصاء للإصلاحيين أم انتقام لسليماني؟

نشر في 09-06-2021
آخر تحديث 09-06-2021 | 00:05
إيرانيون خلال طباعة صور لرئيسي (أ ف ب)
إيرانيون خلال طباعة صور لرئيسي (أ ف ب)
نشرت وزارة الداخلية الإيرانية القائمة النهائية للمرشحين في الانتخابات الرئاسية المزمع عقدها في 18 الجاري، وذلك بعد قبول 7 مرشحين فقط من أصل 592 واستبعاد شخصيات بارزة من التيارين الإصلاحي والمحافظ المعتدل، أبرزها الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد (وكان رئيسا لدورتين)، ورئيس مجلس الشورى السابق علي لاريجاني، والنائب الأول للرئيس روحاني؛ المرشح الإصلاحي إسحاق جهانغيري، فضلا عن النائب السابق علي مطهري، ومحسن رفسنجاني (نجل الرئيس الأسبق علي هاشمي رفسنجاني).

وبعد قرار شطب أغلب المرشحين من التوجهات كافة، أعلن التيار الإصلاحي عدم طرح أي مرشح يمثّل التيار.

ويبدو أن الأوساط السياسية في إيران باتت أكثر انزعاجا، حيث عبّــــــــر الرئــــيـــــــــس روحـــــــــــاني، الــــــــذي لا يحق له الترشح - وفق الدستور - لدورة ثالثة، عن امتعاضه الشديد، واصفا ما جرى بالاستبعاد الجماعي، وذلك في رسالة أرسلها الى المرشد الأعلى علي خامنئي، طالبا منه التدخل لتوفير منافسة بين مختلف المرشحين، وإلا فإن الانتخابات ستتحول إلى «جثة هامدة».

وانتقد رئيس تشخيص مصلحة النظام، صادق لاريجاني، وأحد أعضاء مجلس صيانة الدستور، وهو أيضا شقيق علي لاريجاني، قرار عدم تأييد أهلية المرشحين، وقال في تغريدة: «مر ما يقارب 20 عامًا منذ أول ظهور لي في مجلس صيانة الدستور عام 2001، وطوال هذا الوقت، دافعت عن المجلس حتى خلال السنوات التي أمضيتها في القضاء، لكنّني لم أجد أبدًا اليوم قرارات المجلس قابلة للدفاع عنها؛ سواء في المرشحين الذين منحوا الصلاحية أو الذين تم استبعادهم».

بدوره، انتقد حسن الخميني (حفيد مؤسسة الجمهورية الإسلامية) قرار الشطب، وقال: «لا يمكنك أن تختار لي شخصا وتطلب منّي التصويت له»، واصفا عملية استبعاد المرشحين بـ«تجفيف جذور الثورة».

في حين عبّرت أستاذة الفلسفة في جامعة طهران، ابنه الخميني د. زهرة مصطفوي الخميني، أيضا عن غضبها من «القرارات المزاجـــيـــــــــــــة»، وحــــــــــــــــــذّرت مــــــــــــــــن أنــــــــه «لا يوجد نظام يمكنه أن يصمد أمام المشاكل والمخاطر دون الاعتماد على دعم الشعب وثقته»، متسائلة:» كيف لمجلس صيانة الدستور أن يرفض أهلية مسؤولي النظام أنفسهم؟».

38 % سيشاركون في الانتخابات

كشف مركز «ISPA» الرسمي لاستطلاعات الرأي في ‎إيران أن توقعات نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية صعدت بنسبة ضئيلة لتصل إلى 38 في المئة، بعد أن كانت 37 في المئة قبل المناظرة الأولى لمرشحي ‎الانتخابات السبت الماضي، وجرت أمس المناظرة التلفزيونية الثانية للانتخابات، المقررة في 18 الجاري، بحضور 7 مرشحين، بينهم 5 ينتمون للتيار المحافظ و2 غير بارزين محسوبين على التيار الإصلاحي.

ويبلغ عدد الناخبين في إيران 59 مليونا و310 آلاف و307 أشخاص، منهم مليون و392 ألفا و148 شخصا يشاركون لأول مرة في الانتخابات.

لكن بعد تأييد المرشد لقرار مجلس صيانة الدستور، بدا المشهد أكثر وضوحاً، حيث يرى المراقبون أن هذا التأييد سيؤدي الى عزوف الكثير من الناخبين عن الإدلاء بأصواتهم.

وفي هذا الشأن أكد قائد الشرطة، اللواء حسين أشتري، أن قواته «ستتصدى، وفقا للقانون، لمن يدعون المواطنين إلى عدم المشاركة في الانتخابات».

جاءت هذه التهديدات بعد حملة أطلقها نشطاء وسياسيون لمقاطعة «الانتخابات الصورية».

واعتبر رجل الدين البارز، آية الله أحمد علم الهدى، (والد زوجة المرشح الأقوى، إبراهيم رئيسي) «كل من لا يشارك في الانتخابات كافرا».

وقال علم الهدى، (إمام جمعة مدينة مشهد): «إن إعلان بعض الأفراد والجماعات أنهم لن يشاركوا أو أنهم سيمنعون تياراتهم عن المشاركة في الانتخابات، علامة على الكفر والشرك بدين الله، لأنه كمن يمنع إقامة الصلاة التي فرضها الله».

يذكر أن مجلس صيانة الدستور هو هيئة غير منتخبة تضم 12 رجلا من رجال الدين؛ 6 منهم يتم تعيينهم مباشرة من المرشد علي خامنئي، والــ6 الآخرون هم محامون وقانونيون ذوو خبرة يختارهم رئيس السلطة القضائية، الذي يعيّن هو أيضاً مباشرة من المرشد.

وبعد كل هذه الإقصاءات الممنهجة، بات الطريق ممهدا أمام رئيسي الذي ينتمي الى التيار الأصولي للفوز، حيث تربطه علاقات وثيقة بالحرس الثوري، ويرى الكثيرون أنه سيكون خليفة خامنئي.

عيّن رئيسي الحائز على شهادة الدكتوراه في الفقه الإسلامي عام 2016 مديرا لأهم المؤسسات الدينية في إيران، وهي مؤسسة آستان رضوي، المسؤولة عن الإشراف الكامل على مرقد الإمام رضا في مشهد، ويشغل منصب رئيس السلطة القضائية حاليا.

وتشير بعض التقارير الى أن رئيسي هو واحد من مجموعة صغيرة من رجال الدين القضاة عرفت باسم «لجنة الموت»، الذين أصدروا أحكام إعدامات جماعية بحقّ آلاف السجناء السياسيين بعد انتهاء فترة سجنهم عام 1988. وأشار الى ذلك الرئيس حسن روحاني عام 2017 خلال منافسته مع رئيسي في سباق بكلمة أمام حشد بمدينة همدان، قائلا إن «شعب إيران سيعلن مرة أخرى أنه لن يعترف بأولئك الذين كانوا يدعون إلى الإعدامات والسجن طوال الـ 38 عاما الأخيرة». 

ويبقى السؤال الأهم: هل سيكون التفرد المطلق للمتشددين في سباق الانتخابات وقطع الطريق أمام الإصلاحيين للفوز تحسّبا لأي محاولة حوار مع واشنطن... هو الثأر والانتقام الحقيقي لمقتل قاسم سليماني؟! هذا ما ستكشفه الأيام القادمة.

الرئيس الجديد سيواصل المفاوضات النووية

في رسالة تطمين، على ما يبدو، قبيل انطلاق الجولة السادسة من مباحثات فيينا غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة برعاية مجموعة (4+1)، أكد المتحدث باسم الحكومة الإيرانية علي ربيعي، أن «السياسة العليا، ومن ضمنها الأنشطة النووية، يقررها المرشد الأعلى علي خامنئي»، لافتاً إلى أن أي رئيس جديد سيتولى السلطة عقب نهاية ولاية الرئيس الحالي حسن روحاني في أغسطس المقبل سيواصل التفاوض مع القوى العالمية.

لكن ربيعي أشار، خلال تصريحات أمس، إلى أن حكومة روحاني «تقترب من رفع كل أشكال العقوبات التي تتسق ولا تتسق مع الاتفاق النووي، بنتائج مشرفة». وقال: «نحرص على إنهاء مفاوضات فيينا قبل انتهاء اتفاق المراقبة المؤقت بين طهران والوكالة الدولية للطاقة الذرية»، مشدداً على أنه «لا يوجد ما يمنع روحاني من التوصل لاتفاق في فيينا قبل الانتخابات الرئاسية» المقبلة.

● حنان السعيدي

back to top