فاروق الفيشاوي... «برنس السينما المصرية» (9 - 10)

«لينا» تنضم إلى أسرة «الولد الشقي» بحكمٍ قضائي

نشر في 19-05-2021
آخر تحديث 19-05-2021 | 00:00
اجتاز الفنان فاروق الفيشاوي عقبات كثيرة في بداية التسعينيات، وبعد دخوله إلى المستشفى للعلاج من متاعب صحية، طاردته الشائعات بعودته مرة أخرى إلى الإدمان، لكنه استعاد بريقه الفني، وتألق على شاشة السينما وخشبة المسرح، وقدّم العديد من المسلسلات التلفزيونية الناجحة، وبعد توقيفه في مطار القاهرة، استطاع أن يثبت براءته من تهمة تحرير شيكات من دون رصيد، وتوالت الرحلة.
تعددت ألقاب فاروق الفيشاوي، ومنها «الحاوي» و«برنس السينما» و«الولد الشقي» وخلال مشوار حافل بالإبداع، واجه بجرأة غير مسبوقة أزماته الخاصة، ورفض أن يزيف الحقائق، بخلاف الكثير من النجوم الذين يخشون اعترافهم بالخطأ، وفقدوا رصيداً كبيراً من حب الجمهور لهم، وظل الفنان المغامر يحقق تراكمه في قائمة أهم الأعمال الفنية، ويبحث دائماً عن التفرد.
كان فاروق الفيشاوي على موعد في عام 1989 مع إضافة جديدة إلى رصيده الفني، حين قرأ سيناريو مسلسل «قابيل وقابيل» للكاتب محفوظ عبدالرحمن، والمخرج إبراهيم الصحن، وتحمس لأداء شخصية التوأم في دراما اجتماعية تنزع الأقنعة عن بعض السلبيات الاجتماعية، وشارك في بطولة هذا العمل كوكبة من النجوم، منهم أحمد مظهر وسميحة أيوب وآثار الحكيم وعبدالله فرغلي.

وفي عام 1991، ظهر في فيلم «شياطين المدينة» للمخرج سعيد مرزوق، وشاركت في بطولته الفنانة بوسي ومحمود الجندي وأحمد حلاوة، ولعب الفيشاوي دور الشاب «عوضين» الذي يلتقي مصادفة مع «جليلة» العاملة بإحدى الكافيتريات، وتتفق معه لوضع خطة، لكشف جرائم «إسماعيل» تاجر المخدرات صاحب شركة التصدير والاستيراد التي يتخذها ستاراً لتجارته غير المشروعة، والمتورط في جريمة قتل أسرتها.

اقرأ أيضا

«الدكتورة منال ترقص»

والتقى الفيشاوي أيضاً المخرج سعيد مرزوق في فيلم «الدكتورة منال ترقص»، قصة الكاتب اللبناني المعروف محمد بديع سربيه، وسيناريو وحوار شريف المنباوي، وشارك في البطولة كمال الشناوي وصلاح ذوالفقار وسامي العدل وماجدة نورالدين ونجوى فؤاد، والفيلم يروي قصة «سلامة» مالك ملهى ليلي يخفي حقيقة عمله عن ابنته «منال» التي تعيش في مدينة الإسكندرية (شمال شرقي القاهرة)، ويدّعي أنه من رجال الأعمال، وتتعرف ابنته إلى الشاب علاء عوني (فاروق الفيشاوي) ويتفقان على الزواج، ويفاجأ بحقيقة الأب.

وفي عام 1992، قدم الفيشاوي فيلم «شفاه غليظة» مع النجمة سهير رمزي والمخرج شريف يحيى، وجسَّد دور «المحامي علاء» الذي يتعرض للسرقة من فتاة، ولكنه يكتشف أنها تعيش في ظل ظروف اجتماعية بالغة الصعوبة، وتحاول دون جدوى أن تحصل على مصدر شريف لكسب الرزق، ويبحث عنها في كل مكان لتعاطفه مع حالتها، ويحاول انتشالها من عالم الانحراف.

أقنعة مسرحية

تعددت أقنعة الفيشاوي على خشبة المسرح، وحفلت مسيرته بأعمال مسرحية متميزة، وخلال بدايته شارك في مجموعة متنوعة من المسرحيات مثل «عيني في عينك» و«شباب امرأة» و«مسيلمة الكذاب» و«بداية ونهاية»، وفي منتصف الثمانينيات قدم مسرحيته الشهيرة «البرنسيسة»، ولعب دور كابتن السفينة التي استأجرتها البرنسيسة التي جسدت دورها ليلى علوي، بمشاركة محمود الجندي، سيد عزمي، سمير فريد، ومحمد متولي، وإخراج السيد راضي.

والتقى الفيشاوي وعلوي مرة ثانية في مسرحية «الدنيا مقلوبة» تأليف أحمد الأبياري وإخراج عادل صادق، وقدم مع الفنانة معالي زايد مسرحية «أنا والحكومة»، بمشاركة وحيد سيف، مجدي كامل، حجاج عبدالعظيم، وفاروق نجيب، وتأليف بهجت قمر، وإخراج حسن عبدالسلام.

وفي عام 1993، قدم مع المخرج حسن عبدالسلام، مسرحية «المنولوجست»، تأليف حسام حازم، بمشاركة غريب محمود، أحمد صيام، عزة شريف، ووفاء عامر، وفي عام 2000 تقمص شخصية الدكتور سعيد في مسرحية «اعقل يا دكتور» للكاتب لينين الرملي والمخرج عصام السيد، وشارك في البطولة عبلة كامل ويوسف داوود وعلا غانم.

وفي أحد أهم أدواره المسرحية، قدم الفيشاوي في عام 2001 مسرحية «الناس اللي في التالت» مع سيدة المسرح سميحة أيوب، سامي العدل، صلاح رشوان، رشوان توفيق، وعفاف حمدي، وهذا العمل كان من تأليف الكاتب المتفرد أسامة أنور عكاشة، وأشعار جمال بخيت، وألحان عطية محمود، وإخراج محمد الشريف.

وتدور أحداث المسرحية في مدينة القاهرة في إحدى العمارات القديمة المطلة على شارع رمسيس، والتي يعود تاريخ بنائها إلى ثلاثينيات القرن الماضي، حول عائلة وداد هانم وأولادها الأربعة الذين يستعدون لاستقبال أخيهم الأكبر «سعيد» العائد مع زوجته «منال» من حفل زفافه لقضاء أول أيام شهر العسل في غرفته المتواضعة التي لم يستطع توفير غيرها لضيق ذات يده.

وتنقلب الأحداث سريعاً حينما يصل أخوهم وحيد العائد من الخليج حيث أمضى 9 أشهر من دون أن يعلموا عنه أية أخبار، وعلى الرغم من أنها مفاجأة سعيدة فإن وحيد يفسدها برد فعله السلبي تجاه خبر زواج أخيه، ما يؤدي إلى مشادة قوية بين أفراد العائلة.

وفي عام 2010 قدم الفيشاوي على خشبة المسرح دور «البرنس حلمي شوكت» في العمل المسرحي «الأيدي الناعمة»، المأخوذ عن رواية الكاتب توفيق الحكيم، التي جرى تحويلها لفيلم يحمل الاسم ذاته، بطولة الفنان الراحل أحمد مظهر في دور «البرنس»، والعمل المسرحي من إعداد الكاتب والفنان محمود البزاوي وإخراج محمد عمر، وشارك في بطولته الفنان ماجد الكدواني.

«وداعاً يا بكوات»

واختتم الفيشاوي مسيرته المسرحية، التي انتهت برحيله بعد صراع مرير مع مرض السرطان، وجسد شخصية «لورد جلوستر» في رائعة وليام شكسبير «الملك لير» بطولة الفنان يحيى الفخراني، إخراج تامر كرم، وترجمة الدكتورة فاطمة موسى، وتدور أحداثها حول «لير» الذي قرّر أن يوزع أملاكه على بناته الثلاث، ولأن ابنته الصغرى لم تشأ أن تنافقه حرمها من أملاكه.

راودت الفيشاوي أحلام مسرحية كثيرة، منها تجسيد شخصية «الملك لير» التي ذهبت إلى زميله النجم يحيى الفخراني، ولعل شغفه كفنان بروائع الأعمال المسرحية، دفعه لتجسيد شخصية محورية في هذا العمل، وقبل سنوات من رحيله، تحمس لإعادة عرض مسرحية «وداعاً يا بكوات» للكاتب لينين الرملي التي سبق أن قدمها مع النجم عزت العلايلي، وهي الجزء الثاني من مسرحية «أهلا يا بكوات» التي حققت نجاحاً كبيراً، ولعب بطولتها العلايلي مع النجم حسين فهمي في بداية التسعينيات.

ودارت أحداث «وداعاً يا بكوات» في إطار من الفانتازيا، حول عودة الزمن قرنين إلى الوراء وتحديداً إلى عصر المماليك، حيث أراد البطلان تنبيه الناس إلى المستقبل الذي قرأ كلاهما عنه وعاشا بعضاً منه ليغيرا المستقبل قبل أن يعودا إليه مرة أخرى.

وفي عام 2006، طلب الفيشاوي من الفنان أشرف زكي رئيس البيت الفني للمسرح ـــ آنذاك ــــ إعادة تقديم «وداعاً يا بكوات» أسوة بعروض مسرحية أخرى حققت نجاحاً قبل سنوات، ومنها رائعة الكاتب السوري سعدالله ونوس «الملك هو الملك» للنجمين صلاح السعدني ومحمد منير، ومسرحية «الملك لير» التي أعيد عرضها أكثر من مرة، انطلاقاً من أن تلك العروض ستعيد النشاط لمسرح الدولة مجدداً، بعد أن ظل بعيداً لسنوات تاركاً المجال مفتوحاً لمسرح القطاع الخاص.

قضية إثبات النسب

قدم الفيشاوي الكثير من الأعمال ذات البعد الاجتماعي، وفي «الشيطان يقدّم حلاً» 1991 للمخرج محمد عبدالعزيز، تناول هذا الشريط السينمائي قضية إثبات النسب، وهي من القضايا الشائكة، التي سبق أن ناقشتها السينما المصرية في العديد من الأفلام، منها فيلم «الخطايا» بطولة عبدالحليم حافظ، و«فاطمة» بطولة أم كلثوم وأنور وجدي، و«بيومي أفندي» بطولة يوسف وهبي وأمينة رزق، و«تزوير في أوراق رسمية» بطولة محمود عبدالعزيز وميرفت أمين، و«الجلسة سرية» بطولة محمود ياسين ويسرا، و«كيدهن عظيم» بطولة فريد شوقي وعفاف شعيب، و«العفاريت» بطولة عمرو دياب ومديحة كامل.

والطريف أن هذه الأفلام ظهرت قبل اكتشاف تحليل الحامض النووي «DNA»، وفي «الشيطان يقدم حلاً» تعرضت البطلة (لعبت دورها الفنانة تيسير فهمي) للظلم، فبعد أن أخفت على والد زوجها (كمال الشناوي) أن ابنه غير قادر على الإنجاب، تقرر وزوجها (فاروق الفيشاوي) الحمل من خلال بنك للقاحات في الخارج، فتلد طفلاً أسود البشرة ويتهمها حماها بخيانة زوجها مع صديقه الأسمر، ولو كانت استخدمت «DNA» لكشفت براءتها، وتهاوت الحبكة الدرامية للفيلم.

وبعد سنوات من عرض هذا الفيلم، تعرض الفيشاوي لأزمة مماثلة في حياته الخاصة، حين واجه ابنه «أحمد» قضية إثبات بنوة من مهندسة تدعى هند الحناوي، وخضع لتحليل الحامض النووي، وظهرت الحقيقة بثبوت بنوة طفلته، وشغلت القضية الرأي العام في مصر، وأثار بطلها أحمد الفيشاوي الجدل وهو في مقتبل مشواره الفني بعدما رفض الاعتراف بنسب ابنته من الحناوي. وساعده والده فاروق الفيشاوي على ذلك ولم يعترف هو الآخر بنسب حفيدته إليه، إلا أن المحكمة قضت بثبوت النسب، وفور ظهور نتيجة فحص «DNA» وإثبات أن الحفيدة من العائلة تغيرت المعاملة بشكل كامل معها، وفي إحدى لقاءات الفيشاوي التلفزيونية، أكد أنه يشعر بالأسى والحزن على موقفه من حفيدته «لينا»، معللاً ما حدث من رفض بأن العلاقة كانت سريعة وكان التأكد من أنها طفلة أحمد الفيشاوي ضعيفاً، لكن بعد الفحص انضمت الحفيدة للعائلة وحظيت بمعاملة مميزة.

أما الفنانة سمية الألفي التي أحبها فاروق الفيشاوي بجنون رغم زواجه المتكرر، فاتخذت موقف طليقها، حيث رفضت الاعتراف بالحفيدة، إلا أنها عادت وقالت خلال حوار لها مع الإعلامية راغدة شلهوب في برنامج «فحص شامل» أنها ندمت كثيراً على هذا الموقف، لكن بعد ظهور الحقيقة «عوضت لينا عن كل ذلك بالحب والحنان والرعاية».

قرب لينا من جدها الراحل فاروق الفيشاوي، جعلها تعرب عن حزنها الشديد لوفاته، وعبرت عن ذلك عبر حسابها الشخصي بموقع إنستغرام، حيث نشرت صورة لها معه وقالت: «سأشتاق إليك، ستكون في قلبي إلى الأبد وفي قلب الآخرين الذين جلبت لهم السعادة والفرح، لقد توفيت مبكراً، لن تحضر معي حفل تخرجي، لكنني أعلم أنك ستكون معي وستشاهدني من المكان الذي تتواجد فيه، لقد مت بطلاً».

النجم الراحل يظهر على الشاشة بعد وفاته!

عرضت إحدى الشبكات المشفرة، واحداً من أواخر الأعمال الفنية للفنان الراحل فاروق الفيشاوي، عبر شاشتها، وهو مسلسل «مدرسة الحب» الذي شارك في موسمه الثالث، ويتكوّن من مجموعة قصص منفردة عددها خمس حلقات.

وشارك الفيشاوي في إحدى قصص المسلسل، الذي يجمع للمرة الأولى نجوم الدراما التركية والعربية، ومن أبرزهم مراد يلدريم، كما شارك في بطولة المسلسل، أمير كرارة، وخالد الصاوي، ومي سليم، ولقاء سويدان، وصفاء سلطان، وطلال مارديني، ويزن السيد، وهو من تأليف معتز فتيحة، وإخراج تامر إسحاق وليث ربايعة، ومن إنتاج الفنانة السورية، جومانا مراد التي تشارك في بطولته أيضًا.

وتدور قصص المسلسل حول علاقات الحب المختلفة، وعن العلاقة العاطفية بين الرجل والمرأة بصفة عامة وعن الحب بين الأخوة والعلاقة بين الابن وأمه والصديق وصديقه.

وكان المسلسل في الجزءين السابقين ينتمي إلى مسلسلات الثلاثيات، حيث يتم عرض قصة جديدة بأبطال جُدد كل ثلاثة حلقات من المسلسل، أما الجزء الثالث فيتكون من 32 حلقة قُسِمَت إلى سداسيتين وأربع خماسيات.

ومنح ظهور الفيشاوي في «مدرسة الحب» زخماً للمسلسل، وعرضت الحلقات التي شارك في بطولتها، بعد عام من رحيله، ولم يمهله القدر لمتابعة هذا العمل لدى عرضه على شاشة الشبكة المشفرة، حيث رحل عن عالمنا في 25 يوليو 2019، بعد صراع مع مرض السرطان.

أحمد الجمَّال

«قابيل وقابيل» لقاء استثنائي مع الكاتب الدرامي محفوظ عبدالرحمن

تعددت أقنعة الفيشاوي على خشبة المسرح وحفلت مسيرته بأعمال متميزة

الفيشاوي يتقمص شخصية أحمد مظهر في مسرحية «الأيدي الناعمة»

قصة فيلم «الشيطان» تتحول لحقيقة بعد ثبوت نسب حفيدة الفيشاوي
back to top