«المجتمع التجاري» يوثق تاريخ الكويت بالقرن الـ 19

الكتاب يركز على الجانبين الاقتصادي والاجتماعي عبر 300 أسرة في البلاد

نشر في 19-05-2021
آخر تحديث 19-05-2021 | 00:02
غلاف الإصدار
غلاف الإصدار
يتطرق كتاب «المجتمع التجاري في الكويت في سبعينيات القرن التاسع عشر من خلال دفتر حسابات سليمان بن إبراهيم العبدالجليل (1868 – 1879)»، إلى أهمية دفتر الحسابات من الناحية التاريخية، حيث يمكن معرفة جوانب متعددة من ماضي الكويت على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، إذ تسطر فيه أسماء كثيرة للمشتغلين في التجارة والملاحة بالكويت وبعض المناطق المحيطة بها.
أصدر مركز البحوث والدراسات الكويتية كتاباً جديداً بعنوان "المجتمع التجاري في الكويت في سبعينيات القرن التاسع عشر من خلال دفتر حسابات سليمان بن إبراهيم العبدالجليل (1868 – 1879)"، إعداد د. فيصل عادل الوزان وم. صلاح علي الفاضل.

ويقع الكتاب في 315 صفحة، وتضمَّن ملحقاً لصور صفحات دفتر الحسابات، وفهرس الأسر والإعلام، وفهرس البلدان والفرجان والمحلات والمواقع.

يبدأ الكتاب بمقدمة مفادها "تحتفظ أسرة العبدالجليل بأحد أقدم الدفاتر الحسابية التي تم اكتشافها في الكويت حتى الآن. وهو دفتر المرحوم سليمان بن إبراهيم العبدالجليل (عاش في الفترة بين 1825 تقريبا – 1896م)، ويخص تجارة النقل البحري. وقد كتب سليمان في هذا الدفتر معلومات تجارية واجتماعية وفيرة تتعلق بفترة النصف الثاني من القرن التاسع عشر، خلال عهد الشيخ عبدالله الصباح، وبالتحديد ما بين السنوات 1285هـ -1296هـ/ 1868م – 1879م.

ويضم الدفتر في أوراقه أسماء أكثر من ثلاثمئة أسرة وشخصية من الكويت وما حولها، ما يجعله أقدم سجل لأسماء الكويتيين.

ويقيد هذا الدفتر أسماء آباء وأجداد شخصيات معروفة تاريخيا، فعلى سبيل المثال، يذكر والد الشيخ يوسف بن عيسى القناعي، وعم رئيس الحرس صباح السوق، ووالد قائد الجيش صقر الغانم، وجد الشاعر خالد الفرج، ووالد وجد السيد طالب النقيب، وغيرهم.

ويفاجئنا الدفتر بذكر أسماء شخصيات استمر صيتها إلى ستينيات وسبعينيات القرن العشرين على ألسنة الرواة، مثل: عثمان العنقري، عثمان الفريح، عثمان التمار، علي العامر، محمد المخيزيم، خالد الخضير، عيسى العبدالجليل، جبر الغانم، علي المانع، عبدالعزيز الزبن، صباح السعود، سليمان اليعقوب، سالم بن سلطان، وغيرهم ممن لهم إسهامات في المجتمع والسياسة والاقتصاد الكويتي".

ناحية تاريخية

وتطرق الكتاب إلى أهمية دفتر الحسابات من الناحية التاريخية، حيث يمكن معرفة جوانب متعددة من ماضي الكويت على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، إذ تسطر فيه أسماء كثيرة للمشتغلين في التجارة والملاحة بالكويت وبعض المناطق المحيطة بها.

ويبين الكتاب البضائع المتبادلة، وكمياتها وأسعارها، والعملات المستخدمة وصرفها، والشركات بين التجار والموانئ التي تعاملوا معها، وتقاليد البيع والشراء، وأجور النقل، ورسوم الجمارك، وغيرها من التفاصيل، كمعاملة الرقيق وطريقة الاستدانات والرهن. كما يرصد بعض الظواهر الاجتماعية. ويوثق وجود تجار الكويت في عدن وبومبي وغيرهما.

ويُعد الكتاب إضافة نوعية تبين لنا الحالة الاقتصادية للكويت قبل الطفرة الاقتصادية في عهد الشيخ مبارك، أي المرحلة التمهيدية لها. وهناك الكثير من الأسماء التي سيراها القارئ سبق أن تكلم عنها باقتضاب رجالات الكويت الذين سجلت شهاداتهم في برنامج الأستاذين سيف مرزوق الشملان ورضا الفيلي "صفحات من تاريخ الكويت"، وفي البرنامج الإذاعي "ذكريات من الماضي" تقديم الأستاذ محمد حبيب، وفي برنامج "رجال من بلدنا" تقديم د. عبدالعزيز المنصور، وغيرها من برامج.

وصف الدفتر

وذكر الكتاب وصفاً لدفتر الحسابات والغرض منه، وهو جمع المعلومات المتناثرة المكتوبة في عدد كبير جدا من الأوراق والمراسلات والحوالات والسندات، وتقييدها في مكان واحد، لتسهل معرفة ما لهم وما عليهم، حرصا منهم على حفظ الحقوق.

وتطرق إلى دفتر حسابات التاجر سليمان العبدالجليل، الذي يحتفظ به ورثته، من 156 صفحة، مجلدة بغلاف كرتوني أسود، وقياس الورق 14.5 × 9.5 سم. يفتح الدفتر من أسفل إلى أعلى، وله قافل معدني.

وفي الصفحة الأولى والثانية والثالثة من الدفتر كتب فهرس لبعض الأسماء وأرقام الصفحات على شكل خانات مربعة.

الصلات الاقتصادية

وفي وصف الصلات الاقتصادية مع موانئ الشرق، اشتمل دفتر الحسابات على ذكر عدد من الموانئ الشرقية التي تعامل سليمان معها، منها: شط العرب، حيث رد ذكر الفاو والمعامر والبصرة والقرنة والشلهة، وهي بالجانب العراقي الغربي. أما بالجانب الشرقي، فقد ذكرت القصبة والمحمرة. وامتدت التجارة إلى بلدة سوق الشيوخ، وهي ليست بميناء. وقد كانت هذه المناطق المصدر الأساسي لشراء العبدالجليل ومعظم الكويتيين التمور، والسوق الثاني ربما لتسويق بضائعهم من منتجات الهند واليمن وشرق إفريقيا.

وجاء ذكر عدد قليل من الموانئ الخليجية، فذكرت القطيف التي كانوا يرسلون إليها قهوة وشلبا (أرزا) تحمله سفن خالد العدساني، وأخرى يقودها النواخذة ابن محميد ومحمد بن عبدالرحمن. وذكرت الاحساء ضمن الأماكن التي أرسلوا لها قهوة. وكانت البحرين أيضا من الموانئ الخليجية المذكورة في الدفتر. وعلى الساحل الشرقي من الخليج قيد الدفتر تعاملاً مع بندر ديلم المقابل للكويت، حيث ارتبطت بتصدير القمح والشعير.

أما بشأن الأسر الكويتية التي غيَّرت أسماءها أو انقرضت ممن ورد ذكرهم في الدفتر، فقد وثق وجود شخصيات تنتمي لأسر، إما غيَّرت لقبها العائلي، أو انقطع نسلها، فمن انقطعت ذريتهم أسرة علي عبدالله مانع عيسى البدر. ولأسرة المفيد أو ابن فيد ذكر الدفتر، وهي أسرة كويتية قدمت من نجد، ولم يعد لها ذكر في وقتنا، فهي إما أن تكون قد انقرضت أو تغيَّر اسمها.

وجاء الدفتر أيضا على ذكر أسرة السكري، التي كانت تسكن في محلة ابن رشود في وسط الكويت، فقد سجل الدفتر اسم محمد بن سكري، الذي كان تاجرا يتعامل مع سليمان العبدالجليل. وذكرت الوثائق العدسانية أن لمحمد أخا يُدعى عبدالرزاق. ومن الأسر الكويتية المنقرضة أو التي تغير اسمها، أسرة الوطاوطة، التي سكنت الحي الشرقي.

الظواهر الاجتماعية

فرعي

رغم أن الدفتر يحتوي على معلومات اقتصادية وملاحية، فإنه ضم بعض المظاهر الاجتماعية الخاصة بالتكافل الاجتماعي والصرف على وجوه الخير، ومعاملة الرقيق، والاحتفال بالأعراس ونزول إحدى الأسر النجدية في الكويت، ويبين الدفتر أحد وجوه الإنفاق الخيري في الكويت.

ومن الظواهر الاجتماعية التي نلاحظها في الدفتر ما يتعلق بتقديم شركة العبدالجليل للقروض الحسنة للأهالي، وهو تصرف نبيل كان أفراد المجتمع بحاجته، في وقت لم تكن هناك بنوك ولا مؤسسات للدعم المالي.

وقد تنوعت العملات التي تداولها تجار الكويت والخليج والعراق وإيران والهند، كما يسجل هذا الدفتر. وقد تبين استخدام العملات التالية: القران الفارسي، الروبية الهندية، الريال الفرنسي، الشاهي أو الشامي، الليرة العثمانية، المجيدية العثمانية، وهي خمس الليرة الواحدة أو 20 قرشا، إضافة إلى البيشلك.

نبذة عن أسرة العبدالجليل والمرحوم سليمان بن إبراهيم

تعود أسرة العبدالجليل في نسبها إلى بني تميم. وعلى وجه التحديد إلى بطن تميمي يسمى "آل مزروع أو المزاريع، ومفردها المزروعي". وكتب د. عبدالله يوسف الغنيم كتابا مهما عن هذه الأسرة التجارية عنوانه "حديث الوثائق صفحات من وثائق أسرة العبدالجليل"، سلط فيه الضوء على وثائق العبدالجليل القديمة التي تخص بعض الأوقاف الخيرية والممتلكات.

وذكرت دراسة، أن سليمان أصبح المسؤول الأول في تجارة الأسرة بعد أبيه إبراهيم، وطوَّر شركة الأسرة مع إخوته، الذين توزعوا على عدة مكاتب في البصرة وبومبي وعدن.

وأصبحت شركة العبدالجليل أكبر مورد للسلع الضرورية للكويت، وامتلكت الأسرة أسطولاً من سفن النقل البحري. وكان سليمان العبدالجليل مقربا من الشيخ عبدالله والشيخ محمد الصباح، وكان موضع ثقة الكويتيين، الذين جعله كثير منهم وصياً على إرثهم لأبنائهم.

وذكر الشيخ يوسف بن عيسى القناعي (1946م) في كتابة باقتضاب، قائلا إن سليمان العبدالجليل ضمن مَنْ "ملكوا ثروات طائلة من التجارة"، وإنه "من أكبر مُلاك السفن الشراعية".

ومما ذكره الشيخ عبدالعزيز الرشيد "في تاريخ الكويت" عن سليمان العبدالجليل، أنه كان ذا دور مهم في التوسط لحل الخلاف المالي بين الشيخ مبارك وأخويه الشيخ محمد والشيخ جراح، حيث تشكل أول فريق لحل هذا الخلاف من كبار أعيان الكويت.

توفي سليمان العبدالجليل في 10 أكتوبر 1896 في بداية حكم الشيخ مبارك الصباح.

نموذج من الحسابات في الإصدار

فضة المعيلي

back to top