تحذير من بقاء روسيا قوةً عظمى وحيدة بالقطب الشمالي

واشنطن تراجع قرار انسحابها من «الأجواء المفتوحة» وبوتين يؤكد خروجه منها

نشر في 13-05-2021
آخر تحديث 13-05-2021 | 00:04
اراضٍ روسية في القطب الشمالي (رويترز)
اراضٍ روسية في القطب الشمالي (رويترز)
حذّر خبراء في الأمن الدفاعي من خطة روسيا "المقلقة والمزعجة" للبقاء قوة عظمى وحيدة في القطب الشمالي، قائلين إن هذا الطموح يحمل تداعيات اقتصادية وعسكرية تمتد آثارها إلى شمال المحيطين الأطلسي والهادئ.

وقال الملحق الدفاعي في السفارة الفنلندية في واشنطن بيتري سيبالا: "الصراع المحتمل يتصاعد في القطب الشمالي، ونحن بحاجة إلى قدرات عسكرية لضمان اتّباع الجميع للقواعد في منطقة هادئة تقليدياً".

وفي ندوة عبر الإنترنت لـ "مركز ويلسون"، نشر "المعهد البحري للولايات المتحدة" مقتطفات منها، وصف سيبالا الإمكانات العسكرية لمنتدى القطب الشمالي بـ "المحدودة للغاية".

ويتكون المنتدى، الذي أسس عام 1996، من 8 دول أعضاء تمتلك أراضي في المنطقة، فضلاً عن عدد من الدول المراقبة، مثل الصين وكوريا الجنوبية واليابان وسنغافورة، التي لديها مصالح تجارية.

ويقول المعهد البحري: "تاريخياً، ركز المنتدى على العلوم والبحوث والمسائل البيئية لتغير المناخ والتنمية الاقتصادية، لا سيما في مجال الطاقة، وتحسين الاتصالات والتعاون في البحث والإنقاذ".

كما أنشأت الدول الأعضاء الـ8، عام 2015، منتدى خفر السواحل للتعامل مع المخاوف المشتركة بشأن إنفاذ القانون وإدارة مصايد الأسماك والاستجابة للكوارث.

لكن الظروف تغيرت، حيث عزّزت موسكو وجودها العسكري البحري والجوي والبري شمالًا، حيث تستقر غواصاتها للصواريخ الباليستية، كما وسّعت عملياتها الجوية والبحرية وتدريباتها.

ولتوسيع استكشاف الطاقة والمعادن، وغالباً بالتعاون مع الصين، قامت روسيا ببناء أو تحديث المطارات والموانئ على طول ما يسمى بالطريق البحري "العابر للقطب" بين المحيطين الأطلسي والهادئ، حسبما يقول المعهد البحري.

واتفق المشاركون في الندوة على أن التعاون بين موسكو وبكين لا يعكس فقط منافسة القوى العظمى مع الولايات المتحدة، بل محاصرة الاستجابة الأميركية لظروف الأمن الإقليمي أيضا.

وتعد روسيا الدولة التي لديها أكبر مساحة من الأراضي في القطب الشمالي، حيث يقع طريق بحر الشمال داخل حدودها تماما.

إضافة إلى ذلك، فإنّ ما يقدر بنحو 80 بالمئة من صادراتها من الغاز الطبيعي، و17 بالمئة من صادراتها البترولية تأتي من القطب الشمالي.

وهذا الشهر، ستتولى روسيا رئاسة المنتدى ولمدة عامين، مما يضيف إلحاحا جديدا للمخاوف الأمنية في القطب الشمالي.

وقال النقيب في البحرية الملكية الكندية، جيه إف فرينش، إن "الحوار بشأن المخاوف العسكرية والأمنية الجادة محدود بسبب سلوك روسيا السابق واستمرار موقفها العدواني في أوروبا".

وتوقفت المحادثات العسكرية التي كانت منتظمة بشأن "إدارة الأمن الجماعي" بين دول حلف شمال الأطلسي (ناتو) وروسيا عام 2014 عندما استولى "الكرملين" على شبه جزيرة القرم، ودعم الانفصاليين في شرق أوكرانيا. ولم تبذل جهود مشتركة لإعادة هذه الاجتماعات.

ووفقا لنائب مساعد وزير الدفاع السابق لسياسة أوروبا وحلف شمال الأطلسي، مايكل رايان، فإنه "على مدى السنوات السبع الماضية، أصبح الطريق الروسي العابر للقطب المتجمد الشمالي حقيقة، وتستخدمه التجارة الدولية والسياحة، وفي الوقت نفسه، نحن مشغولون مسبقا بالصين، في كل مكان ما عدا القطب الشمالي".

فيما قال الأدميرال المتقاعد لارس ساونيس، القائد السابق للبحرية الملكية النرويجية وخفر السواحل: "مصلحة روسيا كبيرة في القطب الشمالي".

ويعتقد أن تحركات "الكرملين" لتأكيد هيمنته تهدد "السلام والاستقرار والقدرة على التنبؤ" في المنطقة.

ويرى أن خطر تنفيذ روسيا خطتها من دون رادع في أقصى الشمال يمكن أن يؤدي إلى "معركة"، مضيفا أن "موسكو تحتاج إلى أن ترى من حلف شمال الأطلسي ودول الشمال، مثل السويد وفنلندا، قرع طبول الردع الواضح والحاضر بشأن طموحاتها العسكرية في القطب الشمالي".

وهذا يعني المزيد من المناورات الكبيرة لحلف شمال الأطلسي، كتلك التي أجريت في النرويج عام 2018 بمشاركة أكثر من 70 سفينة و50 ألف عسكري، فضلا عن مظاهر الوجود في المنطقة، مثل كاسحة الجليد التي هي في الأساس في مهمة بحث علمي هذا الصيف.

من ناحية أخرى، أكدت الولايات المتحدة أنها باشرت مراجعة قرارها الانسحاب من اتفاقية "الأجواء المفتوحة" للمراقبة العسكرية، الذي اتُّخذ في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، وذلك بُعيد إطلاق روسيا مسار الانسحاب منها رسمياً.

وقال الناطق باسم "الخارجية" الأميركية نيد برايس: "لم نتّخذ قرارا بشأن مستقبل مشاركتنا في معاهدة الأجواء المفتوحة. نحن نجري مراجعة حثيثة للملف"، مشيراً خصوصاً إلى مشاورات مع حلفاء واشنطن.

وتابع: "مواصلة روسيا عدم احترام هذه الاتفاقية تُشكّل أحد العوامل المؤثرة الكثيرة التي نأخذها في الاعتبار"، داعياً موسكو إلى "اتخاذ تدابير للعودة إلى التقيّد بالمعاهدة".

وأمس الأول، أحال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على البرلمان مشروع قانون لإلغاء الاتفاقية التي أثار خروج واشنطن منها العام الماضي استياء موسكو وتنديدها.

وهذه المعاهدة التي دخلت حيّز التنفيذ عام 2002 وكانت حينها تضم 35 دولة، تتيح لكل دولة نشر طائرات استطلاع عسكرية في أجواء الدول المنضوية في الاتفاقية شرط قبولها بالمثل، وذلك بهدف مراقبة الأنشطة العسكرية.

back to top