تحقيقات قضايا الفساد تزداد خطورة على جونسون

نشر في 13-05-2021
آخر تحديث 13-05-2021 | 00:00
 الغارديان يجب أن يقلق بوريس جونسون من التحقيق الذي تجريه اللجنة الانتخابية تحديداً، إذ تملك هذه اللجنة صلاحيات قانونية مستقلة وتستطيع استجواب الشهود وجمع الأدلة، وإذا تأكدت من حصول تجاوزات حقيقية، فلن تتردد في فرض الغرامات، وإذا وجدت أسباباً منطقية للاشتباه بحصول جرائم جنائية، فقد تحيل القضية إلى الشرطة. إنه التحقيق الذي يثير أكبر ضجة اليوم وينشر حالة من الهلع في مقر رئاسة الحكومة وفي أوساط حزب المحافظين،

حيث يزعم رئيس الوزراء أنه «غطى تكاليف» تجديد شقته في «داونينغ ستريت» من أمواله الخاصة، لكنه لم ينكر أن طرفاً آخر (عبر قروض أو تبرعات) دفع فاتورة كبيرة، فهو يتجاهل جميع الأسئلة المرتبطة بتصرفاته ويعتبرها مجرّد «تفاهة»، وفي الوقت نفسه، تعكس مواقف الكثيرين في حزب المحافظين جزءاً من المشكلة التي تُضعِف النزاهة في الحياة العامة.

لطالما كانت ردة فعل الناخبين عاملاً مؤثراً في فضائح الفساد، لكنّ اعتبار استطلاعات الرأي المقياس المهم الوحيد قد ينسف جميع المعايير الأخلاقية. تُعتبر الشفافية بشأن الجهات التي تقدم الأموال النقدية أو أي منافع أخرى إلى المسؤولين المُنتخَبين بالغة الأهمية، ولهذا السبب، تُحفَظ سجلات حول مصالح الأعضاء ولن يكون جونسون مُعفى منها، مع أنه معروف بنزعته إلى عدم تطبيق القوانين على نفسه، لذا صرّح عن مصالحه المالية في مرحلة متأخرة في تسع مناسبات على الأقل، ويجب أن يعرف الناس الأطراف التي يشعر المشرّعون وصانعو القرارات بالامتنان تجاهها، لا سيما رئيس الوزراء، ويجب أن يعرفوا أيضاً إذا حاول هذا الأخير إخفاء ديونه عن الرأي العام لتحقيق مصالحه الخاصة، وإذا كان أي مسؤول يعجز عن قول الحقيقة حول طريقة دفع ثمن أريكته، فلا مفر من التساؤل عن المسائل الأخرى التي كذب بشأنها.

لقد أصبحت طريقة الإشراف على تصرفات الوزراء ضعيفة بدرجة غير مسبوقة لأن المسؤولين في هذا المجال يتعرضون للضغوط كي يثبتوا نزاهة حكومة جونسون وحفاظها على المعايير الأخلاقية، حيث يتوقف الالتزام بالقواعد الوزارية حتى الآن على النظرية المشوهة التي تعتبر السياسيين «أشخاصاً محترمين»، مما يعني أن يتوقع منهم الناس تصرفات صائبة طوال الوقت، وعندما يسيئون التصرف يشعر الناس بالاطمئنان على اعتبار أن الموظفين الحكوميين يتمسكون دوماً بالمعايير الأخلاقية ويمنعون التجاوزات عبر قول الحقائق والتدخل في الوقت المناسب لمنع الوزراء من إساءة التصرف.

يحاول بعض المسؤولين طبعاً التمسك بهذا الدور الأساسي، لكن لا مفر من أن تتراجع حماستهم في أداء مهامهم بسبب أداء الحكومة البريطانية، فقد طُرِد عدد كبير من المسؤولين من أعلى مراتب السلطة منذ أن أصبح جونسون رئيس الوزراء، ومن غير المنطقي أن يتناسى المعنيون هذه الحقيقة حين يتناقشون حول تمتعهم بالشجاعة الكافية لمواجهة تصرفات الوزراء السيئة، لا سيما إذا ارتبطت التجاوزات برئيس الوزراء شخصياً، إذ يُعتبر هذا الأخير المسؤول الوحيد القادر على اتخاذ القرارات حول فتح تحقيق بشأن أي تجاوزات مزعومة للقوانين، وهو يملك الكلمة الأخيرة حول صوابية معاقبة أي مسؤول على تجاوزاته.

يسهل أن ينتج هذا الوضع تضارباً في المصالح، ويزداد الوضع سخافة حين يصبح رئيس الوزراء شخصياً محور التحقيقات، وحتى لو استنتج المحققون أن رب عملهم خالف القوانين وحتى لو أبدوا استعدادهم لرفض مطالبه، فلن يمنعه شيء من وضع أحكامهم جانباً وإعلان نفسه غير مذنب إلا شعوره بالعار، لكن من المعروف أن رئيس الوزراء مُحصّن ضد هذا النوع من المشاعر.

لهذا السبب، من الضروري أن يتسلم محققون مستقلون هذه القضية، مما يعني أن يجري التحقيق في محكمة لا يكون فيها جونسون القاضي الذي يصدر الحُكم النهائي.

* أندرو رونسلي

The Guardian

back to top