فايزة أحمد... كروان الشرق الحزين (4-4)

صراع في الحياة والفن... و«السرطان» آخر معاركها

نشر في 06-05-2021
آخر تحديث 06-05-2021 | 00:00
عاشت فايزة أحمد بعد طلاقها من محمد سلطان حياة صعبة مع زوجها الأخير ضابط المرور، الذي تزوجته مباشرة بعد طلاقها، وسرعان ما انتهى هذا الزواج بالطلاق أيضاً، بعد أن دفعت فايزة الكثير، الأمر الذي أثر عليها معنوياً وصحياً ومادياً. ولسوء حظها، أصيبت بالسرطان وتوفيت بعد فترة قصيرة منه، تاركة إرثاً فنياً كبيراً لأجيال قادمة.
طلبت فايزة أحمد الطلاق من زوجها محمد سلطان، لتتزوج من ضابط المرور عادل عبدالرحمن، والذي عاشت معه تجربة قاسية، فكان يصغرها بعشر سنوات، وتوقع الجميع أن تفشل هذه الزيجة لعدم التكافؤ، حيث كان يعاملها بقسوة ويعرضها للضرب والإهانة، حتى إنه في إحدى المرات كاد يرميها من الطابق السادس، مما جعلها تطلب الطلاق، وساومها لتدفع 35 ألف جنيه مصري، وهو رقم ضخم في ذلك الوقت، إضافة إلى أخذ سيارتها، ليوافق على الانفصال.

وفي تلك المحنة وقف زوجها السابق محمد سلطان إلى جانبها، حيث ساعدها في تقديم محضر بالاعتداء والضرب، ثم توسلت فايزة إلى عبدالرحمن لإنهاء العلاقة، فقام بابتزازها، فاضطرت لتنفيذ طلباته وخسرت كل ما تملك تقريبا مقابل الطلاق، وقد أثرت تلك المحنة على حالتها النفسية، فأصيبت بانهيار عصبي، ثم تطور مرضها لتصاب بالسرطان، كما ذكرت بعض المصادر، لتعود مجددا لحب حياتها سلطان، الذي أصر على العودة لها حين علم بمرضها، وبقي معها حتى توفيت.

اقرأ أيضا

نصائح الأطباء

من جهة أخرى، وفي رواية ثانية، اعتُبرت فايزة أحمد من ضحايا عمليات التجميل، حيث كانت تعاني من النحافة الشديدة، فقررت أن تجري جراحة نفخ الخدود، والتي كانت تجرى لأول مرة في مصر، وأخذت هذه الخطوة حرصاً منها على أن تظهر بشكل أفضل، إلا أنها سرعان ما عانت مرض السرطان، الذي ظلت تتعالج منه حتى آخر أيامها، كما أشيع أيضاً أن السبب هو إجراؤها عملية تكبير للثدي، وفور علمها بالمرض سافرت للعلاج بالخارج وإجراء جراحة، لكنها لم تنجح بل تمكن المرض منها، وعادت لتسجّل أغنية «لا يا روح قلبي»، التي أعجبتها كثيراً، ولم تستمع لنصائح الأطباء لتكون آخر أغنية تسجّلها.

اللحن الأخير

قالت فايزة أحمد في حوارها الأخير عام 1982 مع عائشة صالح، إنها عاشت عمرها كله تتمنى لحظة حنان، فزوجها الأول خطف منها ابنتها وهي بعمر ست سنوات، حيث أودعها في مدرسة داخلية في بيروت، وكانت فايزة كلما تشتاق إليها تنظر إليها من خلف سور المدرسة، ثم زوجها الثاني الضابط السوري الذي أخذ ولديها إلى سورية ومنعها من رؤيتهما، فلم ترهما منذ سنين، ورحلت دون أن تراهما.

أفرغت فايزة أحزانها في آخر ما لحن لها رياض السنباطي وهو أغنية «لا يا روح قلبي»، التي كتبها حسين السيد، حيث غنتها فايزة بأجمل ما يمكن، رغم تمكن السرطان منها. وأكمل تنفيذ المقدمة والفواصل أحمد السنباطي ابن رياض، وكان متزوجا من ابنتها فريال، فايزة كانت سعيدة بأن تغني من ألحان السنباطي، حيث أدت الأغنية وهي تجلس على كرسي متحرك. ونذكر عنا أنها تنافست من قبل مع وردة على أغنية من تلحين السنباطي وهي «لا تقلي ضاع حبي من يدي»، بينما ذهبت الأغنية لوردة، كما دخلت سباقا في أغنية «انتظار» من ألحان السنباطي وكلمات إبراهيم ناجي، لتذهب الأغنية إلى سعاد محمد.

آخر أغنياتها

سجلت أغنية السنباطي الأخيرة على مراحل لمدة أسبوع، وهي جالسة من فرط التعب. وفي تلك الفترة اتصلت بالمنتج محسن جابر، وطلبت ‏منه أن يفتح لها الأستوديو حتى تسجل، فرفض جابر بسبب سوء حالتها الصحية، التي تمر ‏بها من جراء جلسات الكيماوي، متهربا منها، خوفاً عليها من الإعياء، ‏ليفاجأ محسن جابر باتصال من الكاتب موسى صبري يطلب منه فتح الأستوديو والسماح لفايزة بالتسجيل، وعندما حاول المنتج ‏التهرب حفاظاً على صحة صديقته قال له موسى صبري نفس الجملة الشهيرة «فايزة تصعب على أي حد افتح وخليها تسجل»، وبعد ‏عدد من الاتصالات، التي دارت لفتح استوديو في الإذاعة خرجت للنور أغنية «لا يا روحي أنا» آخر أغنياتها.

في تلك المواقف كان محمد سلطان إلى جوارها، ولبّى رغبتها في العودة إليها زوجاً، لتعيش أيامها الأخيرة معه حتى وفاتها سنة 1983، تترنّم بكلمات آخر ألحانه لها: «أيوه تعبت، تعبت، تعبت... طَمّن قلبك، لسّه بحبك... زي زمان وأكتر بزمان».

ومن الأعمال الغنائية التي قدمتها فايزة أحمد مشاركتها ببطولة أوبريت «مصر بلدنا»، الذي قدمته على خشبة مسرح البالون عام 1978 من ألحان محمد سلطان، وعمل إذاعي غنائي على حلقات هو «خضرة الشريفة» ألحان سلطان أيضاً، وكان آخر ما غنت على المسرح أغنية «مش كتير على قلبي»، من ألحان سيد مكاوي، قبل رحيلها بشهور قليلة.

عمر بطيشة

قبل الرحيل وغناء آخر أغنياتها في ظل وضعها الصعب مع المرض، كانت فايزة أحمد في سنواتها الأخيرة قد غنت أغاني عديدة. لكن أغنية «غريب يا زمان» للشاعر عمر بطيشة كانت الأكثر شهرة حتى وقتنا هذا. وعن علاقة بطيشة بالراحلة فايزة أحمد يقول المذيع القدير رئيس الإذاعة المصرية سابقا، في تصريح خاص: لولا فايزة أحمد لظل مؤلف الظل طول حياته، متابعاً: كنت أكتب أغاني لأسماء مؤلفين آخرين ولا يُذكر اسمي على الأغنية، وكنت أصحح بعض الكلمات أو أضيف إليها أو أقوم بتغيير كلماتها، إلى أن جاءت أغنية «غريب يا زمان»، ولاحظت فايزة أحمد أنني لم أكتفِ بتصحيح مقطع أو كوبليه، بل قمت بإعادة كتابة الأغنية من أولها إلى آخرها، فأصرت أن يُكتب اسمي عليها، تأليف وكلمات عمر بطيشة! واستكمل حديثه قائلا: ترددت كثيرا في ذلك، حيث كان ممنوعا على المذيعين تأليف الأغاني، ولكني أول مذيع يكسر هذه القاعدة، ولقد أقسمت فايزة أحمد بأنها لن تغني الأغنية في الحفلة، التي ستذاع على الهواء، إلا لو أعلنت عن مؤلفها الأصلي وهو عمر بطيشة، وقد عارضها زوجها الموسيقار الكبير محمد سلطان في ذلك الوقت، قائلا لها: «ممنوع لمذيع في الإذاعة، أنتِ عايزة تضيعي مستقبله؟! ولكنها أصرت، وكانت صاحبة الفضل عليّ».

وأشار بطيشة إلى أن رئيس الإذاعة، في ذلك الوقت، عندما علم بأنه الذي كتب أغنية غريب يا زمان، والتي ستُغنى في الحفل، طالب لجنة النصوص بالإذاعة برفض النص، مما دفع فايزة أحمد لأخذ النص، وذهبت به إلى منزل وزير الإعلام السفير مراد غالب، وألقت بنفسها أمام سيارته، واستنجدت به، ثم عرضت عليه الأغنية، وطلبت منه أن يقرأ النص، وقال لها: نص حلو. فطلبت منه أن يكتب ذلك ويوقّع، وذهبت به إلى رئيس الإذاعة ووضعته على مكتبه، ولم يستطع أن يعترض.

«غريب يا زمان»

وأوضح بطيشة أن الإعلامية سهير شلبي، وقت الحفل، أجرت حوارا معه على الهواء وقدمته كشاعر جديد، بحضور أول رئيس لاتحاد الإذاعة والتلفزيون الدكتور مصطفى خليل، وكان منصبا مستحدثا في ذلك العام، لافتا إلى أن الأغنية نجحت نجاحا ساحقا، ومازالت حتى الآن تحظى بإعجاب المستمعين.

وعن أقرب الأغاني لقلبه، التي كتبها لفايزة أحمد، قال بطيشة: بالتأكيد «غريب يا زمان» لها مكانة كبيرة في نفسي، لكن الأغاني التي تلمس إحساسي مما كتبته لفايزة أغنية «هدى الليل بحبك بحبك وبتحبني»، وأعشق هذه الأغنية لأنها استحدثت مفردات جديدة، متابعاً: «أندهش من عدم انتشار أغنية «هدى الليل»، وأشعر أنها لم تأخذ حقها، أما الأغنية الثانية فهي «شارع الهوا» وفيها تجربة جديدة لأول مرة تقدم في الأغنية، وهي تجربة العاشقة التي تذهب إلى الشارع الذي كانت تقابل فيه حبيبها، لأنها تشتاق إليه، رغم أنها تعلم أن علاقة الحب بينهما انقطعت، ولكن الحنين والشوق والذكريات يجعلها تذهب إلى هناك، وفجأة تجده في نفس الشارع والمكان ولكن مع حبيبة أخرى، حيث تقول كلمات الأغنية: «شفتك يا حبيبي في شارع الهوى. اللي شاف لقانا وأيامنا سوا.

شفتك يا حبيبي. لقيتك يا حبيبي، جاي لقلب تاني، مواعدك على الهوا.

وأوضح بطيشة أنه ألَّف أغاني لمطربين ومطربات كثيرين، ولكن فايزة أحمد الأكثر تميزا، مضيفا: «فايزة في حته لوحدها خالص»، مشيرا إلى أن ميادة الحناوي وسميرة سعيد ووردة وصباح ونجاة مطربات كبار، لكنهن لا يمتلكن خامة صوت فايزة أحمد، فخامة صوتها ربنا سبحانه وتعالى ميزها ووهبها خامة مخملية حساسة جدا، وصوتا مشحونا بالعاطفة وجيد التعبير عن الإحساس.

محاربة فايزة

يقول سلطان عن زوجته الراحلة إنها كانت عنيدة ولا تتقبل الهزيمة بسهولة، مندفعة في بعض ردود أفعالها، خاصة في اتخاذ قرارات مصيرية، مؤكداً أن الساحة الغنائية تحولت في فترة من الفترات إلى ساحة معارك وقتال بين المطربين، والحرب ضد فايزة اتخذت وسائل غير شريفة أحيانا، وصلت إلى حد إثارة أعصابها في الحفلات العامة وقبل بدء وصلتها الغنائية بقليل، متحولة إلى معاكسات من جانب الفنيين لدرجة أنهم كانوا يقومون بالتشويش عليها وإفساد الميكروفونات وتأليب الموسيقيين عليها، حتى تظهر أمام الجمهور بصورة غير التي يعرفونها عنها.

ويضيف سلطان: وصلت المعارك إلى قمة المأساة بقطع الطريق عليها، وذلك بإبعاد كبار الملحنين عن التعامل معها؛ أمثال بليغ حمدي والموجي والطويل، حتى موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب، أول من اعترف بصوتها وموهبتها، رفض التعامل معها وهي في أوج مجدها. متابعاً: المطربون العجزة شعروا بأن فايزة تهدد مستقبلهم الغنائي، فبدأوا يحيكون ضدها سلسلة المؤامرات، بعضها خفي والآخر معلن، وكانوا يتلذذون بانفعالها وخروجها عن شعورها في أحيان كثيرة. ويقول: هل تتصورون الجرأة والبجاحة بأن تتصل مطربة معروفة بفايزة، حيث كانت تقضي أواخر حياتها في مستشفى القوات المسلحة بالمعادي، لتخبرها بحقيقة مرضها! رغم أننا جميعا تكتمنا عنه أو رفضنا الإفصاح، وبعد أن عرفت فايزة أنها تعيش أيامها الأخيرة انهارت عزيمتها، وخارت قواها، واستسلمت لليأس وأدركت النهاية... إنها حرب نفسية!

حملة إعلامية

وعن حادثة إغلاق فايزة لمحل فول وطعمية يقع أسفل شقتها، بحجة أن زيت الطعمية يؤثر على حنجرتها، يقول سلطان إن هذه الإشاعة تأتي ضمن الحملة الإعلامية التي تزعّمها خصومها ضدها، وأنا بصفتي زوجا لها عشت هذه الواقعة بتفاصيلها، وأشهد الله أن ذلك لم يحدث أبدا، لدرجة أنها لم تتحمل آثارها وكانت تبكي بمرارة وتقول دائما إنهم يحاربونني حربا غير شريفة.

ومن جهتها، أكدت فايزة أحمد أيضاً أن هناك تسلطا شديدا من أحمد فؤاد حسن صاحب الفرقة الماسية، فهو يفرض إرادته عليها وعلى عملها، ويتدخل في بروفات أغنياتها الجديدة تدخلاً ضاراً، ويتحكم في عدد البروفات مما لا يمكنها من هضم واستيعاب اللحن، ويثور ويغضب لو طلبت بروفات على الأغاني التي ستقدمها، ووصل به الأمر إلى أن يتحكم في عدد الأغنيات التي تغنيها في الحفلات، وألا تزيد على اثنتين، وفي أحد الفنادق الكبرى غنت فايزة أغنيتين وطلب الجمهور منها أغنية ثالثة، فغضب أحمد فؤاد وترك المسرح، وبعد أن فاض بها الكيل قررت أن تستعين بفرقة أخرى، بناء على نصيحة عبدالوهاب، وأكدت أنها تحب وتحترم أعضاء الفرقة الماسية، والباب مفتوح أمامهم ليعملوا معها في الفرقة الأخرى.

بليغ وعبدالوهاب

وتتحدث بعض الروايات عن الحالة العصبية، التي تتصف بها فايزة أحمد، وأنها لم تكن تتمتع بالدبلوماسية، ومن تلك الروايات أنها هاجمت الملحن بليغ حمدي عقب زواجها من محمد سلطان مباشرة، حيث اتهمت بليغ بالسرقة من الفلكلور، ثم هاجمت «عبدالوهاب» واتهمته بأنه لا يهتم بها ويعطيها ألحاناً صعبة «لا تصل بسهولة للناس».

ومن المواقف الأخرى، تتحدث الشحرورة صباح أثناء لقاء لها مع برنامج «آخر من يعلم»، بأنها صفعت فايزة أحمد أكثر من مرة بسبب «الطبع العصبي الغيور»، مرة لأن «فايزة حاولت أن تقص لها شعرها»، وفي مرة أخرى لأن فايزة اتهمتها بأنها على علاقة عاطفية مع عبدالحليم حافظ.

وفي مقال للكاتبة سناء البيسي، في جريدة الأهرام، ذكرت أن تحية كاريوكا صفعت فايزة عندما أصرّت الأخيرة أن تغني قبل صباح في إحدى الحفلات.

كما يحكي الكاتب الراحل يوسف الشريف في كتابه «مما جرى في بر مصر»، عن واقعة أخرى جرت عام 1962 بعد نشر حوار بينه وبين فايزة أحمد في مجلة روز اليوسف، وفوجئ بها بعد النشر تقتحم المجلة في غضب، وتتوعده وتتهمه بأنه «عميل لصباح». وعندما تدخل الصحافي عبدالله إمام لتهدئتها، وقام بطلب زجاجة «كوكاكولا»، فإذا بها بعد أن شربتها تقذف بها إلى سقف صالة التحرير ليتناثر الزجاج فوق رؤوس الصحافيين.

شهادات

أعجب بصوت فايزة أحمد عدد من النجوم، منهم كوكب الشرق أم كلثوم، التي قالت إنه الصوت النسائي الوحيد الذي تسمعه بنشوة، وأن فايزة أحمد خليفتها في الغناء، أما موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب فوصف صوتها بـ«صوت الكريستال المكسور»، في حين قال عنها رياض السنباطي «أحلى من ينطق حرف الحاء في العالم»، ولقبها الشاعر كامل الشناوي بـ«كروان الشرق»، وﻛﺎن يـؤﻛد ﻟﻠﺟﻣيـﻊ أنهـﺎ ﺗﻣﺗﻠك ﺻوﺗﺎً ﻋظيـﻣﺎً يـﻔوق ﻛل ﺻوت ﺳواه، وﻗﺎل ﻣﻘوﻟﺗـه اﻟشهـيـرة: «إذا ﻛﺎﻧت أم ﻛﻠﺛوم (ﻛوﻛب اﻟﺷرق) ﻓﺄﻧﺎ أرى أن ﻓﺎيـزة ﺗﻠيـهـﺎ ﻓﻲ اﻹﺟﺎدة، وهـﻲ (ﻛروان اﻟﺷرق)».

وﻛﺎن لفايزة ﻗدرة ﻋﺟيـﺑﺔ على ﺗرﻗيـق ﺻوتهـﺎ وﺗﻔﺧيـﻣـه وﺗﻘﺻيـره وﻣده، ﻛﻣﺎ اﻣﺗﻠﻛت اﻟﻘدرة على ﺗطويـر اﻟﻠﺣن وﺗﻠويـﻧـه وإﺿﺎﻓﺔ ﻟﻣﺳﺎت ﺟﻣﺎﻟيـﺔ ﻋﻠيــه.

من جهته، قال الشاعر عبدالوهاب محمد، في لقاء قديم له على ماسبيرو زمان: «(ما تحبنيش بالشكل ده) أول أغنية عاطفية لها عملتها معايا، وأول أغنية لها في مصر، وكانت جاية جديد، وعرفني بها المطرب والملحن محمد فوزي، وفايزة مقلدتش حد من بداية غنائها، بعكس كل المطربات الجديدات». وتابع: «كانت تلقائية وعفوية في حياتها، ومطلعة على كل شيء، وقلبها مفتوح، وبتاخد على الناس بسرعة، وأول واحدة أشوفها بتغني من غير ما حد يدعوها للغناء، وصوتها مش شبه حد» مضيفا: «ساهمت بفنها في أوبريتات وطنية، وكانت تؤمن بأن الغناء ليس له وطن، ومقدرتها الصوتية كانت كفيلة بأن تكمل الصورة الحلوة».

نجوم الغناء العربي

أما الموسيقار الكبير هاني مهنا فقال عنها، في «بلدنا اليوم»: فايزة أحمد ظاهرة لن تتكرر، والذي يميز صوتها أنها لا يمكن أن تنشز، وكما قالت عنها أم كلثوم: «فايزة أحمد عدوة النشاز»، ويكفي أنها الوحيدة التي كانت تطرب «أم كلثوم»، فعندما كانت تحب أن تسمع أم كلثوم صوتا نسائيا، كانت تسمع أغاني فايزة وشادية، لأن صوت شادية كان مبهجا وتبتسم عند سماعها، وصوت فايزة «كان بيسلطن أم كلثوم»، وأنا عايشتها فترة كبيرة، وكان هناك تعاون عملي بيننا في فترات حياتها الأخيرة، وانضممت معها في الفرقة الماسية، وعند تكوين فرقتي الخاصة انضمت لنا وسافرنا في حفلات كثيرة منها لندن والكويت، ولي معها مواقف كثيرة، على الرغم من عصبيتها، لكنها كانت تمتلك قلباً شديد الطيبة.

رحلت فايزة أحمد صاحبة الصوت الماسي المكسور، تاركة في قلوب الجميع وعقولهم ذكرى لصوت لا يغيب وشجن يطرب السامعين جميعا. فايزة أحمد؛ بعصبيتها وغيرتها وطيبتها وحلاوة صوتها التي لا تنسى، ستبقى في قائمة العمالقة ونجوم الغناء العربي تراثاً لا يضيع ولا يموت.

المنافسة مع نجاة

كانت المنافسة الفنية بين المصرية نجاة الصغيرة والسورية فايزة أحمد على الساحة المصرية، وتناقل الوسط الفني أنباء عن اشتداد الخلافات فيما بينهما، وأن كلا منهما تتحاشى الأخرى وترفض الإفصاح عن شعورها الحقيقي.

وفي ذات الوقت الذي اشتدت فيه المصادمات بين نجاة وفايزة، كانت الأولى تتقرب من موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب، واقتنصت العديد من ألحانه الرائعة، وبالتالي قلّ تعاونه الفني مع غريمتها، التي اتهمته بأنه يساند نجاة على حسابها الشخصي، ويرحب بالسهرات في منزله لسماع آخر «التشنيعات» التي تطلقها عليها.

وذات يوم قبلت نجاة دعوة من عبدالوهاب إلى العشاء في منزله، وكانت الدعوة في ظاهرها جلسة فنية وللتسامر بين عدد من الفنانين، ولكن السبب الخفي كان محاولة للتقريب بينها وبين فايزة أحمد، التي أقبلت بالفعل مع زوجها الملحن محمد سلطان، وظل الحضور في انتظار نجاة ساعة كاملة.

ثم اتصل شقيقها سامي معتذراً، وحمل إليهم نبأ إصابتها بأزمة حادة في الكلى، وناشد الجميع الدعاء لها بالشفاء العاجل، وفهمت فايزة أحمد اللعبة أو «المقلب»، وانصرفت مع زوجها صامتين.

شادي عباس

زوج فايزة الأخير ضربها وأهانها وطلب كل ما تملك مقابل الطلاق فوافقت... وسلطان ساندها للخلاص منه

روايتان مختلفتان لإصابتها بالسرطان بين انهيارها من زواجها الأخير ودخولها عالم عمليات التجميل

أم كلثوم كانت تعتبر فايزة الصوت النسائي الوحيد الذي يشعرها بالنشوة

عمر بطيشة: لولا فايزة لبقيت في الظل... و«غريب يا زمان» أقرب أغنية كتبتها لها إلى قلبي و«هدّى الليل» تلمس أحاسيسي

محمد سلطان: الحرب ضد فايزة اتخذت وسائل غير شريفة وكانوا يثيرون أعصابها في الحفلات العامة وقبل بدء وصلتها الغنائية بقليل

فايزة اشتكت من تسلط أحمد فؤاد حسن وتدخله المستمر في البروفات ورفضه الدائم أي اقتراحات تقدمها
back to top