حوار كيميائي: الكويت هي الباقية... وما نحن إلا زائلون

نشر في 02-05-2021
آخر تحديث 02-05-2021 | 00:20
 د. حمد محمد المطر الكويت هي الباقية ونحن الزائلون، ومهما عصفت بها الأزمات واستفحل الفساد وتمكَّن ‏الفاسدون، فستظل الكويت هي الباقية والأفراد هم الزائلين. ولا يُقاس عُمر الأوطان بعُمر الأفراد، ‏فالمجتمعات والشعوب تستمر جيلاً بعد جيل، لتظل الأوطان تُقاس رفعتها وازدهارها بما يقدمه ‏لها أبناؤها.

ومَنْ يستعرض تاريخ الكويت يدرك عدد المحن والأزمات التي واجهتها وخرجت ‏منها أكثر قوة وصلابة، ولا أدل على ذلك- في تاريخها القريب- من محنة الغزو العراقي، ‏التي أدت إلى احتلال البلاد كلها مدة تقترب من سبعة أشهر، ثم تحررت بفضل الله، ثم بجهود ‏أبنائها الذين تكاتفوا صفاً واحداً خلف قيادتها الشرعية، فكان منهم المقاومون في الداخل، ‏والساعون في الخارج إلى إيصال صوت الحق الكويتي إلى جهات العالم الأربع.

وفي التاريخ ‏الأبعد ثمة محن وأزمات كثيرة، بدءاً من علاقتها مع الدول الكبرى آنذاك- كالدولة العثمانية، ‏والمملكة المتحدة- إلى علاقتها مع الأزمات الملتهبة حولها وفي الإقليم، إلى أزمات الداخل ‏من اقتصادية وسياسية، وجميعها تجاوزتها، وفي كل مرة كانت تخرج أكثر صلابة وقوة، إلى ‏أن تم تأسيس الكويت الحديثة، كويت الدستور والديمقراطية، لتتحول إلى منارة حضارية على ‏شاطئ الخليج.‏

تبقى الكويت، لأنها دولة مبنية على أسس صلبة، مستمدة من توحّد أبنائها، وصلابة نظامها ‏السياسي، ودستورها الذي يشكل عقداً اجتماعياً متيناً أثبت قوته في كل الأزمات التي ‏مررنا بها، فخلال الغزو الغاشم شعر جميع الكويتيين بأهمية الدستور، وبنعمة الديمقراطية، ‏وبهامش الحرية المتوافر في الكويت، ودافع الجميع عن البلاد وعن الدستور، الذي شكّل محوراً ‏صلباً التف الجميع حوله، وعادت الكويت لتستمر محافظة على وجودها ومكانتها ونظامها ‏السياسي وأجهزتها ومؤسساتها بفضل هذا الدستور، الذي يستمد قوته من توحّد أبنائها حوله ‏وتمسكهم به.‏

لقد علَّمتنا التجارب أن العمل بالدستور واحترام مضامينه وتطبيقها عملياً، لا بالقول فقط، هو ‏طريق النجاة الوحيد، فلا خوف على الكويت ما دمنا متمسكين بالدستور، ولا خوف على الكويت ما ‏دام الدستور ينظم العلاقات بين سُلطاتها وبين كل الفرقاء، وكل خلاف يؤدي إلى تعطيل ‏مضامينه هو خلاف خطر ويمس الكويت بحاضرها ومستقبلها، وكل خلاف لا يخرج على ‏الدستور إنما هو عرض من عوارض الديمقراطية؛ يثري الحياة السياسية، ويقوي الكويت ولا ‏يضعفها. فلنتمسك بالدستور، وبتطبيقه فعلياً، ولنثق بأن الكويت هي الباقية، وما الأزمات إلا ‏عثرات صغيرة في طريق تطورها وازدهارها.‏

‏***‏

‏"‏Catalyst‏" مادة حفّازة:‏

احترام الدستور + مواجهة الفساد = استقرار الكويت

د. حمد محمد المطر

back to top