عيال الأصول

نشر في 18-04-2021
آخر تحديث 18-04-2021 | 00:08
النماذج المشوشة والمضطربة التي طفحت على الساحة تتطلب من الحكومة والمجتمع الكويتي الانتباه للتغيرات الاجتماعية والسلوكية الحالية والمستقبلية في الشخصية الكويتية الأصيلة والتي عرفت بالهدوء والتعقل وحب مساعدة الآخرين، فغول الأنانية التامة والخداع والسعي إلى التخريب والتدمير قد بدأ بالظهور وسيمتد إلى كل مكان.
 حـنان بدر الرومي مصطلح أبناء الأصول أو كما نقول بالكويتي عيال الأصل من المصطلحات الشائعة في معظم الدول، وله معاييره الخاصة بكل مجتمع على حدة، فهو علم متكامل له عشاقه والمتخصصون فيه، في بدايات شبابي اعتقدت أن ابن الأصول هو الثري صاحب المال والوجاهة، وفي مرحلة تلتها عرفت أن الأصول البشرية ترتبط بجذور الأفراد وتاريخ عائلاتهم عبر الأزمنة السابقة، وبعد صولات الحياة وتجاربها أدركت أن لابن الأصول معنيين أحدهما يرتبط بنسبه والآخر هو صنيعة الإنسان نفسه.

تيقنت أن ابن الأصول هو الشخص الذي يمتلك قيماً عالية يؤمن بها ويطبقها في حياته، وبمعنى بسيط جداً هو الشخص المتربي تربية أخلاقية سليمة، ابن الأصول هو من تشاركه في العمل أو في الحياة وحتى في المسكن وتشعر بالراحة والأمان معه، هو الشخص الذي لا يخونك مهما تغيرت الظروف، يحتفظ بالود لك حتى إن فرقتكم الأيام، هو الشخص الذي لا يفضح أسرارك ولا يظهر عيوبك عند الخلاف، يرفض أن يعمل في الظلام لينجح في تخطيك والتفوق عليك، يشاركك الفرح والحزن بنفس طيبة صادقة، ابن الأصول تبتسم بمجرد أن تتذكر اسمه وعندما تلتقيان ولو بعد سنوات يكون اللقاء مفعماً بالشوق والفرح.

ناقشت نفسي كثيراً وأنا أتابع الزخم السياسي المريض في وطني الجميل، إن معظم من يمثلون الشعب الآن لا يعتبرون قدوات سليمة للشباب ولا نماذج سياسية وطنية، حتى إن سعوا هم ومن يقف وراءهم وبالاستعانة بشبكات التواصل الاجتماعي إلى تحريف الحقائق وتصوير أعمالهم بالبطولات، والواقع ما هي إلا ألاعيب صبية في الحارة، فأفعال العظماء تؤرخ وكلماتهم توثق بحروف تتوارثها الأجيال، في حين أفعال من يحلمون بالعظمة في مزبلة التاريخ وصراخهم يتبدد مع هبوب الرياح.

ابن الأصل يحرص على أرواح البشر وحياتهم، وعندما يتقلد أي منصب يجتهد للبناء والتعمير، في حين قليل الأصل تتحكم فيه النذالة، لذلك فهو على استعداد تام للتضحية بالأشخاص وتدمير كل ما يقف في طريقه في سبيل تحقيق غاياته حتى إن أساء الأدب في الكلام والتصرفات، ابن الأصل يتجاوز عن المخطئ ويعفو لتستمر الحياة، في حين قليل الأصل يفسر الأمور بما تتوافق مع مصلحته فقط؛ لذلك فمن السهل تقليب الحقائق وتشويه الوقائع، وبما يتفق مع مصلحته فقط ويطبق قاعدة أنت عدوي ما دمت لا توافقني في أقوالي وأفعالي، وقد يصل العداء إلى الفجور في الخصومة.

النماذج المشوشة والمضطربة التي طفحت على الساحة تتطلب من الحكومة والمجتمع الكويتي الانتباه للتغيرات الاجتماعية والسلوكية الحالية والمستقبلية في الشخصية الكويتية الأصيلة والتي عرفت بالهدوء والتعقل وحب مساعدة الآخرين، فغول الأنانية التامة والخداع والسعي إلى التخريب والتدمير قد بدأ بالظهور، وسيمتد لكل مكان داخل البيوت وفي العلاقات الاجتماعية والإنسانية وفي الأروقة التعليمية والعملية والسياسية، وأكثر ما نخافه هو أن يصبح الولاء الوطني مجرد شعار لعديمي الأصل.

حـنان بدر الرومي

back to top