وجهة نظر : ما قبل الخصخصة

نشر في 11-04-2021
آخر تحديث 11-04-2021 | 00:30
 سالم الشهاب عادة ما يكون النقاش حول وقف أشكال الرعاية الاجتماعية وخصخصة بعض القطاعات مجدياً ومحل اهتمام في حال عجز الدولة عن الالتزام وتغطية كل مصروفاتها المالية، وهو أمر لا ينطبق على الحالة في الكويت. حتى في حالة العجز المالي الذي تعاني منه الدولة في السنوات المالية الماضية، فإن الدولة لم تستنفد طاقتها القصوى - أو حتى مستوى مقبول - من تنويع مصادر الدخل وزيادة الإيرادات العامة، فقد أشارت خطة الإصلاح الاقتصادي لوزير المالية السابق إلى العديد من هذه الإصلاحات التي يمكن أن تغطي جزءا كبيرا من العجز المالي، مثل زيادة الرسوم على الأراضي الصناعية وفرض ضريبة على أرباح أعمال الشركات (إيرادات تقديرية بـ٥٠٠ مليون عند 5%، وتتزايد مع رفع هذه النسبة) بالإضافة إلى العديد من المقترحات الأخرى التي تساهم في تغطية العجز، إلا أنها لا تتوافق مع مبادئ العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروة في صيغتها المقترحة، مثل زيادة رسوم الكهرباء والماء على الجميع دون اعتبار للفئات محدودة ومتوسطة الدخل، وهو المدخل الثاني في هذا النقاش. إنه لمن الممكن ملاحظة مظاهر التوزيع غير العادل للثروة في الكويت، إلا أن هنالك نقصاً في البيانات والإحصاءات الرسمية التي من شأنها توضيح العديد من الأمور المبهمة للباحث الاقتصادي، مثل مؤشر جيني (GINI Index) الذي يقيس مدى العدالة في توزيع الثروة بالنسبة إلى النمو الاقتصادي، وهو مؤشر مفقود في صفحات البيانات الخاصة بالكويت في موقعي صندوق النقد الدولي والأمم المتحدة، والذي قد يعود لاحتمالين: تقصير في تزويد هذه المؤسسات بالمعلومات، أو أن هنالك من يتعمد إخفاء مثل هذه المعلومات لغاية أخرى.

لذلك، قبل نقاش وطرح أهمية خصخصة القطاع العام، يجب أولاً أن تقوم الدولة ببذل كل الأسباب لتغطية العجز في الميزانية وإضافة موارد جديدة للميزانية العامة. لا يعني ذلك أن استمرار العجز بعد إقرار الإصلاحات يعني - بالضرورة - أن على الدولة أن تلجأ حينها إلى الخصخصة ووقف أوجه الرعاية الاجتماعية، إلا أن النقاش سيكون مجدياً ويحمل نوايا أكثر صدقاً من الحديث عنه في هذا الوقت الذي لم تقدم به على أي إصلاح جدي لتغطية العجز، سوى الإشارة للخصخصة بين الحين والآخر كحل أخير ومخلّص لهذه الأزمة.

سالم الشهاب

back to top