محمد عيروض: بدأت بـ«رأس بيتهوفن» وانتهيت بخط الثلث

شارك في معرض دول الكاريبي بدعوة من الفنان العالمي مارتينيز

نشر في 12-02-2021
آخر تحديث 12-02-2021 | 00:02
من منحوتة لرأس بيتهوفن، بدأ الفنان التشكيلي السوري محمد عيروض مسيرته الفنية، بالتوازي مع مهنته كطبيب أسنان، وتعمق في المجالين معا، حيث تدرج بين المدارس الفنية المختلفة، الكلاسيكية والانطباعية والتجريدية، وأخيرا امتهن التشكيل الحروفي، وقدم العديد من المعارض المحلية والدولية، وآخرها مشاركته في المعرض الدولي الثاني لدول البحر الكاريبي، بدعوة من الفنان التشكيلي العالمي هيكتور مارتينيز.
مع توزيعه وقته بين فنه وعيادته الطبية، يؤكد محمد عيروض أهمية الترابط الوثيق بين ممارسة الطب كحالة إنسانية، وإبداعات الرسم كحالة جمالية. وفي حواره مع "الجريدة" من القاهرة، تحدث عيروض عن محطات مسيرته الفنية، وأعماله، وأحدث معارضه، وفيما يلي التفاصيل:

• ما دوافعك للاتجاه إلى الفن التشكيلي وأنت الاختصاصي في طب الأسنان؟

- حبي للرسم كان في داخلي منذ أن كنت صغيرا يافعا، ودعيت للمشاركة في معارض مدرسية عديدة من قبل أساتذتي، لكنني وقتها كنت أتعلم الموسيقى، فلم أجد الوقت الكافي للمشاركة في هذه المعارض، وتخرجت في معهد الموسيقى على آلة الكمان، وكان عمري 17 عاما، وهنا دخلت مرحلة البكالوريا، حيث كانت تحتاج مني إلى التفرغ الكامل، وبالفعل تأهلت لدخول كلية طب الأسنان، ثم تخرجت وبداخلي نار تتقد، لحبي للرسم، لكن رحلتي هذه في دراستي للطب، من التشريح إلى نحت الأسنان، كان لها دور في محبتي للرسم والنحت، وبدأت أنهل من مدارس الفن، عن طريق نسخ الأعمال العالمية، إلى أن أصبحت لي استقلالية في أعمالي.

وفي عام 1987 تخرجت في الجامعة، وانطلقت ثورتي الحقيقية باتجاه تعلم أصول الرسم، وقمت بالتسجيل في معهد فتحي محمد، لتعلم فن النحت والصب على يد الفنان أحمد ناصيف، وأول وجود لي على الساحة الفنية كان من خلال مشاركتي في معرض أقيم بالجامعة، وقدمت فيه 4 أعمال بالنحت، أهمها منحوتة لرأس بيتهوفن وفينوس، وتحت ضغط العمل كنت أوزع وقتي بين عيادتي ومتابعة هوايتي.

حلب القديمة

• بدأت بالنحت وانتهيت بالتشكيل الحروفي كيف حدث ذلك؟

- النحت كان بداية دخولي عالم الفن، وأحببته كثيرا، لكن بعد فترة توقفت عن العمل بفن النحت، لضيق المكان في منزلي، وأخذت قراري بالدخول في عالم الرسم الكلاسيكي والانطباعي، ورسمت أغلب شوارع وحارات "حلب" القديمة، مثل "بوابة القصب"، و"باب الحديد"، و"باب انطاكية"، والقلعة"، وعندما كنت أقرر رسم حي معين بالمدينة، أقوم بزيارته أكثر من مرة، ومعاينته والبحث في تاريخه ومكانته وقيمته، حتى أعطي العمل البعد التاريخي والجمالي، وبما يستحقه ليخرج بأبهى حلة.

الحرف العربي

• لكن متى بدأت تتجه لاستخدام الحروف التشكيلية؟

- في عام 2010، اتجهت للحروف التشكيلية للغة العربية، وبنموذج خط الثلث، ولتقوية حالتي الجديدة قمت بكتابة أكثر من 100 صفحة بطريقة الحروف الفنية، وقدمت بعدها أكثر من 100 عمل فني بخط الثلث، وكان هدفي الرئيسي من ذلك هو إظهار قيمة ومكانة وجمال الخط العربي، وبسهولة تطويعه كلوحة فنية جميلة تسرق أنظار المتابعين والمحبين.

والعمل الحروفي ليس بالأمر السهل، فهو يستغرق وقتا طويلا حتى يرى النور بشكل متقن ومتناغم ومقنع، وشاركت في 14 معرضا (فردي وجماعي)، وفي احتفالية "حلب" عاصمة الثقافة الإسلامية قامت وزارة الثقافة باقتناء عملين لي أحدهما انطباعي عن حارة "بوابة القصب"، والثاني حروفي بعنوان "من كل شيء خلقه زوجين"، كما شاركت في معرض جماعي بلوحة حروفية، لروح الراحل الفنان التشكيلي وحيد مغاربة.

خط الثلث

• ولماذا خط الثلث؟

- خط الثلث من أصعب أنواع الخطوط بشهادة الخطاطين، له شكل فراغي يصعب مجاراته بخلاف باقي الخطوط، وعمره 1100 عام تقريباً بتطوره وضبطه الجميل، ويعتبر الفنان السوري ابن حلب عبدالكريم درويش الرائد الأول في الخط على مستوى الوطن العربي، وعندما دخلت إلى ميدان الخط العربي كانت بهواية التحدي، فأنا لست خطاطاً، بل أرسم الحرف، وأستخدمه بمفردات اللوحة التشكيلية، وفي خط الثلث يجب أن تحقق التوازن في ضبط الحروف، والانتقال من المدرسة الانطباعية إلى الحروفية. ليس بالأمر السهل، فالخبرة والتشكيل جعلاني متمكناً من الحروفية، ومن أعمالي الحروفية ما يستغرق قرابة سنة ومنها أشهراً ومنها أقل، لكن، أغلب اللوحات الحروفية التي أرسمها تعتمد على تكرار الآية الكريمة بشكل متناظر.

مدارس واتجاهات

• هل ترى ضرورة أن يلتزم الفنان باتجاه واحد، أم مدرسة معينة؟

- يحق للفنان استخدام أكثر من مدرسة فنية، وأكثر من تقنية، فلوحاتي الحروفية هي تعبيرية، والتجريدية حروفية.

أما ما يخص المرحلة الانطباعية فهي مرحلة سبقت الحروفية، وهذه المدرسة معروفة عالمياً، وأنا تدرجت بين المدارس الفنية المختلفة، من المدرسة الكلاسيكية، إلى الانطباعية، وثم التجريدية، التي كان فيها الحرف العربي (خط الثلث) اللبنة لبناء أعمالي، وكان القرآن الكريم هو الملهم لأعمالي فأنا المحب له، وبحروفه أزين أعمالي.

خصائص وسمات

• وما أبرز خصائص وسمات أعمالك؟

- اتقان الخط (الثلث)، وهي لبنة أساسية في عملي التشكيلي الحروفي، وثانياً اللون وتدرجاته اللامتناهية، وثالثاً بناء العمل التشكيلي، ورابعاً وهو الأساس المهم، العلم والموهبة.

• يلاحظ أن لوحاتك لا تحمل عناوين دالة عليها، فما سبب ذلك؟

- لا أحب حصر العمل الفني بعنوان، وأفضل تركه للمتلقي، وأعتقد أن مضمون اللوحة هو العنوان.

• بمَ تنشغل راهناً؟

- حالياً أعمل على تنفيذ عمل حروفي عن الإنسان، وعمل آخر عن الأمراض وأثرها على الإنسان.

رسالة

• ما الرسالة التي تود إيصالها من خلال لوحاتك؟

- رحم الله نزار قباني حين قال :آه يا شام كيف أشرح مابي وأنا فيك دائماً مسكون.. ومما لا شك فيه، أن بلادي مرت بحرب ظالمة، ورسالتي ودعوتي هي رسالة ودعوة سلام للعالم أجمع ودعوة محبة وخير، فمن خلال أعمالي التي أحث فيها على التفكر، أدعو فيها الانسان لحب أخيه الإنسان.

• ماذا عن أحدث معارضك؟

- شاركت في الفترة الأخيرة في معرضين افتراضيين هما: المعرض الدولي في كردستان العراق، ودعيت للمشاركة فيه من الفنان التشكيلي العالمي عبدالسلام عبدالله، والمعرض الثاني الدولي لدول البحر الكاريبي (الدومينيكان)، ودعيت له من الفنان التشكيلي العالمي هيكتور مارتينيز.

سطور مضيئة لمسيرة عيروض

ولد د. محمد زاهر عيروض عام 1963 في حلب، والتحق بمعهد الموسيقى العربية في حي السبيل بتشجيع من والدته، حيث يقول عنها: "كان صوتها جميلاً ولديها أذن موسيقية"، وتخرج من المعهد عام 1981، ثم درس بكلية طب الأسنان وتخرج فيها عام 1987، بعدها التحق بمعهد فتحي محمد للنحت وكان مشروع تخرجه عمل نحتي لرأس (بيتهوفن) وهو مجسم ثلاثي الأبعاد يمثل النظرة الثاقبة لهذا المبدع، وفي عام 1991 قدم معرضاً في صالة الخانجي للفن التشكيلي، وشارك في معرض الربيع بحلب في صالة تشرين، إضافة إلى ذلك معرض فردي في صالة الشعب بدمشق، واقتنت وزارة الثقافة خمسة من أعماله الفنية، وفي بداية 2010 امتهن الحروفية التشكيلية.

وقال عنه الفنان التشكيلي خلدون الأحمد: "في كل مرة أتابع أعمال الفنان "زاهر عيروض" ألمس إبداعاً مختلفاً أكثر إتقاناً وجمالاً، لديه القدرة على الرسم بأشكال متنوعة وجذب المشاهد للتمتع بلوحاته، وظهرت قدرته الفنية بشكلها الحقيقي عندما اتجه وتعمق برسم التشكيل الحروفي، وبدا كفنان قدير وواثق من أعماله وفنه، حتى غدا أنموذجاً ومعلماً لمحبي الفن التشكيلي من جيل الشباب.

محمد الصادق

نحت الأسنان قادني إلى فضاء التشكيل الواسع

يحق للفنان استخدام أكثر من مدرسة فنية
back to top