سدانيات: «مفيش فايدة يا صفية»

نشر في 04-09-2020
آخر تحديث 04-09-2020 | 00:05
 محمد السداني الأحداث المتسارعة التي تمر بنا في هذا الوطن الصغير بحجمه الكبير بأخبار الفساد التي ملأت الأسماع والأبصار لمدة ليست بالقصيرة، هذه الأحداث وضعتنا أمام صورة لم تكن غائبة عنا ولكننا كنا نتجاهلها طوال سنوات الوفرة المالية والمليارات المتناثرة هنا وهناك! محزن جدا ما يمر به هذا الوطن الجميل الذي احتضن الكثير من شعوب الأرض بخيراته وسعة صدره وانفتاحه على جميع الثقافات حتى صار وطنا للكثير منهم، والمفارقة العجيبة أننا وصلنا إلى مرحلة لم يكن أحد يتوقع أن نصل إليها من استشراء للفساد في الكثير من قطاعات البلد، بل إنَّنا– وللأسف- حتى في الفساد توغلنا إلى قاعه والدرك الأسفل منه ضاربين بذلك أسوأ مثل في هذا المجال لنجد أنفسنا مخترقين من عامل نظافة أصبح في ليلة وضحاها رجل أعمال يشارك علية القوم ما يجنيه من ملايين هنا وهناك! ونجد طبقة كانت تضرب لها التحيات العسكرية ويقف لها الرجال إجلالا واحتراما نجد أسماءها متصدرة عناوين الفساد والمشاركة فيه بشكل مباشر وغير مباشر.

لا تكمن الأزمة في وجود الفساد، فهو أمر يعد طبيعيا مادامت النفوس البشرية تتصارع في هذه الدنيا، ولكن الخلل الحقيقي في فساد العقد الذي قامت عليه هذه الدولة، فعندما قامت الكويت كانت التجارة للتجار والحكم للشيوخ، وهذا ما تعارف عليه أهل الكويت لعقود طويلة حتى اختلَّ هذا الاتفاق واختلت على أثره موازين الدولة، فصار التاجر جزءا من منظومة الحكم، وصار الشيخ منافسا للتجار في تجارتهم، وعلى إثر هذا الخلل بدأت صراعاتهم تظهر علنا على الساحة لتكشف لنا عن حقبة جديدة في تاريخ الكويت الحديث تحمل في طياتها ضعفا وفوضى في الإدارة، أوصلتنا إلى ما نحن عليه من مستقبل مظلم وصورة سوداوية لما سيأتي بعد هذا الصراع.

إن دور الشعب في هذه المرحلة لا يكمن في مشاركة سياسية لتجربة ديمقراطية عوجاء لم تنتج لنا سوى صراعات لسنا طرفا فيها من بعيد أو قريب، والحقيقة أن الدور المنوط بنا كشعب هو إنقاذ ما تبقى من البلد بالتركيز على القضايا الرئيسة التي تخرجنا من نفق مظلم وتخبط لا يعلم أحدٌ عقباه إلا الله! كفانا مشاركة وتأصيلا لمؤسسة شوهاء لا تمثل الشعب ولا تمثل آراءه، إن طرفي الصراع في هذا المشهد لا يشعران بما يشعر به المواطن من صعوبات ومشكلات، فهما ينظران للشعب كأدوات ضغط وتغليب كفة على كفة!

لم يكن صراع أتباع الطرفين أبدا صراع الشعب لا في الرياضة ولا السياسة ولا أي مجال كانوا يتشدقون بأنهم في صف الشعب ضد أعدائه، والحقيقة أن أعداء الشعب ظهروا جليا في المرحلة الأخيرة فعرفهم كما يعرف نفسه.

خارج النص:

- أبلغ ما قيل في اليأس من الإصلاح على لسان سعد زغلول: "مفيش فايدة يا صفية".

- إن الأغلبية الصامتة التي صمتت طوال هذه السنوات سيأتيها يوم وتتكلم، ولكن في هذا اليوم لن يكون كلامها نافعا أو ذا جدوى.

- الإصلاح من الداخل أكبر كذبة قد تسمعها فلا يمكن أن تصلح اعوجاجا باعوجاج.

- تذكير للمثقفين الجدد "التطبيع خيانة".

back to top