العالم ما بعد «كورونا»

نشر في 09-06-2020
آخر تحديث 09-06-2020 | 00:08
 أ. د. فيصل الشريفي في هذا المقال سأتطرق إلى تبعات جائحة كورونا الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، والآثار المستقبلية المتوقعة خلال الفترة القادمة، ولكي لا يساء الفهم بأني من الدعاة إلى أن المرض لا يشكل خطورة على الإنسان، أترك الإحصاءات الرسمية تتحدث عن نفسها، فهي كفيلة بفرض خطورة المرض من عدمها.

ما زالت كل الإجراءات الوقائية تتداعى أمام قدرة المرض على الانتشار، فهو المرض الغامض الذي يزداد غموضاً يوماً بعد يوم، وهو المرض الذي يتحرك ويضرب كيفما يشاء ووقتما يشاء، فكل الأجناس والقوميات أمامه سواء، فالغني والفقير أمامه ضعيفان، وهو المرض الذي لم يحده حظر كلي ولا جزئي، ولم تنفع معه إجراءات إغلاق المنافذ، تاركاً الدول أمام خيار واحد لا غير، القبول بسياسة مناعة الجميع (المناعة المجتمعية أو مناعة الجموع) فاتحة المجال له للوصول إلى غاية منتهاه بإصابة ما لا يقل عن 80% من سكان الأرض أو أكثر.

هناك نقص كبير في البيانات الإحصائية حتى هذه اللحظة، فلا توجد دراسة يمكن القياس عليها توضح العدد الحقيقي لعدد الإصابات، فبحسب الدراسات فإن ما لا يقل عن 95 إلى 97% لا تظهر عليهم أي أعراض، وإن ظهرت تكون بسيطة، وقد لا يشعر بها المصاب، ومع هذا مازالت منظمة الصحة العالمية تحذر العالم من موجة ثانية تجتاح العالم، وإن بوادرها قد بدأت بالظهور، وقد تكون هذه الموجة أشد فتكاً من الأولى.

ملامح آثار هذه الجائحة عصفت بأكثر الدول انضباطاً وقدرة على التحمل، وما يحدث في أميركا من فوضى وإضرابات إلا واحد من الأمثلة الحيّة، ولم تكن لتحصل بسبب مقتل رجل أسود على يد شرطي أبيض فقط، بل هذه الحالة تتكرر كل يوم سواء في أميركا أو غيرها، لكنها الشرارة التي أيقظت الشعوب، فيكفيك أن تعرف أن هذا الوباء قد تسبب في إخراج أكثر من 20 مليون مواطن أميركي عن العمل، والحال ينسحب على بقية الدول، وربما الوضع أسوأ بكثير مما نظن.

العالم كله يعاني أزمة اقتصادية شلت معظم القطاعات الصناعية والزراعية والتجارية والسياحية وحركة الطيران وصناعته، وهوت بأسعار النفط إلى أدنى مستوياتها، وأوقفت المصانع، والنتيجة عشرات الملايين فقدوا وظائفهم، والمؤشرات تقود إلى كساد اقتصادي وبطالة غير مسبوقة في التاريخ البشري.

الكويت ليست بمعزل عن هذه الآثار ولا عن تداعيات أزمة كورونا، لكن أوضاعها ليست بالسوء ذاته إذا ما نظرنا إلى الفرص المتاحة أمامها، شريطة أن يحدث القائمون عليها تغيراً نوعياً في فلسفتها الاقتصادية، وأن يكون تصدير النفط الخام آخر اهتماماتها، والبدء بإصلاحات اقتصادية حقيقية تكون بعيدة عن جيب المواطن، من خلال تفعيل الرقابة وتعزيز المشاركة الشعبية كي تصل إلى نهضة ورفاهية اجتماعية حقيقية يكون المواطن فيها شريكاً في القرار وشريكاً في المسؤوليات.

الخلاصة:

«قيادي غاية همه معالجة وحل المشاكل الآنية لا يسعى إلى التطوير واقتناص الفرص وجوده من عدمه واحد، فهو مثل ساعة الرولكس غالي الثمن لكنه لا يقدم ولا يؤخر».

ودمتم سالمين.

back to top