ومضة: لبنان والتغيير الجذري

نشر في 25-10-2019
آخر تحديث 25-10-2019 | 00:07
 أسامة العبدالرحيم بالتزامن مع موجة الانتفاضات الشعبية التي تشهدها بلداننا العربية في الجزائر والسودان والعراق، انتفض الشعب اللبناني أيضا لكرامته في احتجاجات شعبية قد تعتبر الأكبر والأوسع في تاريخ لبنان الحديث بعد تراكم الاستفزازات الحكومية في سياساتها الاقتصادية التقشفية وهجمتها على معيشة الناس، وآخرها زيادة الضرائب والرسوم لتحمل المواطن اللبناني البسيط ضريبة فشلها في إدارة الدولة وحل الأزمة الاقتصادية التي يعيشها لبنان منذ سنوات طويلة. هذه الانتفاضة اللبنانية المليونية كانت عابرة لجميع الطوائف والمناطق في لبنان، مما جعلها كاشفة ومربكة لجميع الأحزاب السياسية الفاسدة المشاركة في الحكومة التي تشرعن نظام المحاصصة الطائفية والإثنية كي تعيد إنتاج وتشكيل نفسها بين فترة وأخرى، وتعتاش على الطائفية السياسية والفساد الإداري والمالي، وعند كل أزمة تمارس سياسة الهروب إلى الامام وتصريف الأزمات، وهذا ما بدا واضحاً في خطاب زعماء تلك الأحزاب الفاسدة والمعروفة بتبعيتها للخارج، بعضهم أراد أن يركب موجة الاحتجاجات وفشلها، والآخر أمهل الحكومة ساعات لحل أزمة لم تستطع حلها في 30 سنة! والبعض الآخر يصدح بالمقاومة* والمظلومية والثورة في الخارج على بعض الأنظمة العربية وفي الداخل لا يدعو للتظاهر ولا استقالة الحكومة، فحزبه شريك في فسادها، وهو جزء أيضاً من الحلف الطبقي المسيطر والمنظومة الاقتصادية اللبنانية بسياساتها النيوليبرالية الرأسمالية المتوحشة التي خدمت مصالح الأغنياء والمصارف وسحقت الطبقة المتوسطة وأرهقت الفقراء ومحدودي الدخل.

على الشعب اللبناني أن يكون يقظاً من محاولات تخديره وسرقة إرادته من قبل الطبقة السياسية الحاكمة التي مارست القمع والترهيب والتشويه ضد المتظاهرين المنادين بالتغيير الجذري واستعادة الأموال المنهوبة، وأن يتحد مع قواه الحيّة القريبة من الشارع والمعبرة عن همومه وتطلعاته في تقديم مشروعها البديل لبناء دولة وطنية علمانية يستحقها الشعب اللبناني العزيز تسودها العدالة الاجتماعية والحياة الكريمة بعيداً عن المحاصصة الطائفية.

* المقاومة الوطنية الحقيقية يجب أن تربط بين المقاومة السياسية والاقتصادية ضد النظام الطائفي والمقاومة المسلحة ضد الكيان الصهيوني، غير ذلك هي مقاومة ناقصة ومشوهة ولا يبنى عليها.

back to top