الضريبة على تحويلات الوافدين

نشر في 02-08-2019
آخر تحديث 02-08-2019 | 00:02
 أحمد قبازرد تم طرح فكرة فرض ضريبة على تحويلات الوافدين في بعض الدول الخليجية، وفي الكويت، قدم أعضاء في مجلس الأمة اقتراحاً بقانون لفرضها، وقد تمت مناقشته في اللجنتين المالية والتشريعية. ويبدو أن هذا الاقتراح تم تجميده في العام الماضي في ظل انتقادات متعددة من مختصين ومؤسسات مالية بالإضافة إلى معارضة الحكومة.

ولكن في الآونة الاخيرة تم تداول الفكرة من جديد في بعض اللجان الحكومية كإحدى وسائل علاج خلل التركيبة السكانية، بالإضافة إلى استمرار ظهور آراء مؤيدة للفكرة في الصحافة المحلية، وتقديم نواب طلب استعجال لمناقشة الاقتراح لفرض هذه الضريبة، مما استوجب التعليق.

حسب خبرتي السابقة في مجال العمليات المصرفية وأنظمة المدفوعات والتحويلات المالية، لم أجد أي تجربة ناجحة لهذه الفكرة في أية دولة من دول العالم، وحسب أبحاث صندوق النقد الدولي، فإن التجارب السابقة لتطبيق ضريبة على تحويلات الوافدين في دول مثل الغابون وفيتنام وطاجيكستان كلها كانت فاشلة وتم في النهاية إلغاء تلك الضريبة، كما تقوم بعض دول الخليج بتطبيق ضريبة القيمة المضافة على المبالغ التي تأخذها البنوك وشركات الصرافة في مقابل إجراء هذه التحويلات، لا على مبالغ التحويلات نفسها.

لمعالجة خلل التركيبة السكانية وخلق إيرادات مقابل الخدمات التي تقدمها الدولة للوافدين قامت بعض دول مجلس التعاون بزيادة الرسوم على إصدار تصاريح العمل والإقامة، وهو إجراء سهل التطبيق، بعكس الضريبة على التحويلات التي من الصعب جداً تطبيقها ويسهل الالتفاف عليها، وذلك بقيام أي مواطن بإجراء التحويل نيابة عن الوافد.

تطبيق ضريبة على تحويلات الوافدين سوف يخلق إجراءات بيروقراطية تضيق على التحويلات التجارية لهؤلاء الوافدين والتحويلات التي يقوم بها موظفون أو مراسلون بالنيابة عن مؤسسات أو مواطنين، كما أن فرض هذه الضريبة سوف يخلق قنوات بديلة وسوقاً سوداء تؤدي إلى انخفاض إيرادات البنوك وشركات الصرافة من التحويلات، كما تعمل على تحويل الأموال بعيداً عن رقابة وإحصائيات بنك الكويت المركزي.

تشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن الإيرادات المتوقعة من فرض تلك الضريبة ستكون ضئيلة نسبياً مقارنة بحجم الدخل القومي وميزانية الدولة، إذ إن المبلغ المتوقع لتحويلات الوافدين في الكويت، والبالغ 4.5 مليارات دينار، مبالغ فيه ويشمل تحويلات يقوم بها وافدون، لكنها في الحقيقة تحويلات تجارية أو تتم نيابة عن شركات ومواطنين. هذا بالإضافة إلى أنه مع نمو القنوات البديلة والسوق السوداء، لن تتجاوز هذه الإيرادات عشرات الملايين مقارنة بميزانية الدولة التي تقدر بـ22.5 مليار دينار، كما أن تكلفة الإجراءات البيروقراطية لتطبيق هذه الضريبة وتكلفة الآثار السلبية للتضييق على حرية التجارة وحركة رؤوس الأمول تجعل إيرادات الضريبة غير مجدية، وأيضاً فإن أية ضريبة على أموال الموظفين والعاملين لابد أن تؤدي إلى زيادة المرتبات والأجور التي يدفعها أصحاب الأعمال والشركات، مما يؤدي إلى زيادة أسعار المنتجات والخدمات على المواطنين.

إن فكرة الضريبة على التحويلات المالية للوافدين لا تتماشى مع الدعوة إلى حرية تحويل العملة الكويتية إلى العملات الأخرى، وتعمل ضد جهود المنظمات الدولية الرامية إلى رفع القيود على المدفوعات والتحويلات المالية بين الدول، وتسير في الاتجاه المعاكس لجعل الكويت مركزاً مالياً وتجارياً، وتتنافى مع الأسس التي قامت عليها دولة الكويت تاريخياً كميناء بحري وسوق تجاري حر وبيئة خالية من الضرائب، وحتى إذا استدعت الضرورة فرض ضرائب، فسوف تتأثر سمعة الكويت عندما تبدأ بفرضها على تحويلات الموظفين والعمال من ذوي الأجور والرواتب المنخفضة بينما الأغنى ثروة والأعلى دخلاً معفي منها.

back to top