تأمّل الطبيعة سرّ الشعور بالسعادة

نشر في 02-01-2019
آخر تحديث 02-01-2019 | 00:00
No Image Caption
إذا رأيت عشباً صغيراً ينبت بشكل مفاجئ بين صخرتين أو نبتة الخزامى وقد أزهرت في وعائها الذي زرعتها فيه، فتمهل قليلاً وراقبهما ولاحظ ما تشعر به. يشير الباحثون إلى أن مراقبة الطبيعة تجعلك تشعر بسعادة أكبر أينما كنت.
«حين ترى العالم في حبة رمل، والجنة في زهرة برية». تعود هذه الكلمات التي نسمعها غالباً إلى الشاعر الإنكليزي وليام بلايك في القرن الثامن عشر، وهي تذكرنا بأن أصغر التفاصيل في الطبيعة يحمل جمالاً ورونقاً لا نهاية لهما.

لنتوقف عند قصيدة أخرى للشاعر الرومانسي الشهير وليام وردسورث يؤكد فيها النقطة عينها بوصفه الفرح الذي يولّده فيه حقل من أزهار النرجس البري التي تتمايل مع النسيم. كتب: «قلبي بالمتعة يمتلئ/ ويرقص مع النرجس البري».

تؤكد دراسة حديثة أن شعراء مثل بلايك ووردسورث توصلوا إلى اكتشاف مهم.

توصلت هولي-آن باسمور، باحثة مشرفة على الدراسة وطالبة في علم النفس تعد رسالة دكتوراه في جامعة كولومبيا البريطانية- حرم أوكاناغان الجامعي في كيلونا بكندا، إلى أن تخصيص بضع دقائق فقط كل يوم لتأمل المشاعر التي تولدها فينا الطبيعة يجعلنا أكثر سعادة ويحسّن خيرنا عموماً.

تأثير إيجابي لشجرة واحدة

استعانت الدكتورة باسمور بنحو 395 طالباً لم يتخرجوا بعد، فوزعتهم عشوائياً على ثلاث مجموعات. طلبت إلى المجموعة الأولى التقاط صور لأشياء أو مشاهد طبيعية تلفت نظرهم، كمشهد غروب جميل يلمحونه من نافذة المطبخ أو زهرة تتفتح متأخرة، وتدوين المشاعر التي تولدها فيهم. ودعت المجموعة الثانية إلى القيام بالمثل مع التركيز على أشياء من صنع الإنسان، مثل أبنية أو آلات. أما المجموعة الثالثة، فشكلت مجموعة ضبط ولم يُطلب إليهاالقيام بأي مهمة.

خلال الدراسة، لم يكن على المشاركين بذل جهد استثنائي. كان يكفي أن يركّزوا على أي مشهد أو شيء يلاحظونه خلال نشاطاتهم اليومية. تذكر د. باسمور: «لم يكن عليهم تمضية ساعات خارج المنزل أو القيام بنزهات طويلة في البرية. كان يكفي أن يتأملوا الشجرة عند موقف الحافلات وسط المدينة والتأثير الإيجابي الذي تولّده هذه الشجرة الواحدة في الناس».

يشير تقرير الدراسة إلى أن الباحثة «فوجئت» برد فعل المشاركين الحماسي، بعدما قدموا أكثر من 2500 صورة وتعبيراً خطياً عن المشاعر.

اكتشفت باسمور أن الطلاب الذين شاركوا في مراقبة الطبيعة أعربوا عن ارتفاع أكبر في معدل سعادتهم وخيرهم العام. كذلك كانوا أكثر انفتاحاً على التواصل الاجتماعي وتشاطر الموارد مع نظرائهم.

تضيف الباحثة: «جاء الاختلاف في خير مشاركي المجموعة الأولى (سعادتهم، وإحساسهم بالترفع، ومستوى تواصلهم مع الآخرين ومع الطبيعة أيضاً) أكبر بكثير، مقارنةً بالمشاركين الذين راقبوا أموراً بناها الإنسان ومجموعة الضبط».

اكتشفت دراسات سابقة أن مَن يعيشون في مناطق تضم مساحات خضراء أكبر يستفيدون من تحسّن صحتهم العقلية، وربما يعيشون حياة أطول كمعدل.

وتستند باسمور إلى هذه وغيرها من اكتشافات مماثلة بغية تحديد الغنى الذي يضفيه قربنا من الطبيعة على حياتنا. تشكّل هذه الباحثة جزءاً مما يُعرف بـ{فريق السعادة» في حرم أوكاناغان الجامعي في جامعة كولومبيا البريطانية: مجموعة من الباحثين تخصص وقتها «لدراسة ما يناسب الإنسان (مثل السعادة) وكيفية تعزيزه».

back to top