بروتين يحمي من السمنة بالتعاون مع بكتيريا الأمعاء

نشر في 27-10-2018
آخر تحديث 27-10-2018 | 00:00
No Image Caption
ترتبط السمنة بمعدلات أعلى من الالتهاب في الجسم، إلا أن الآليات الكامنة وراء ذلك لا تزال غامضة. في أحدث الدراسات في هذا المجال، اكتشف فريق باحثين كيفية تأثير أحد البروتينات المضادة للالتهاب في زيادة الوزن.
يذكر تقرير دراسة نُشر أخيراً في مجلة Cell Host & Microbe، أن NLRP12، وهو بروتين مضاد للالتهاب، يحمي من السمنة ومقاومة الإنسولين في حالة الفئران.

أجرى الدراسة باحثون من جامعة كارولاينا الشمالية في تشابل هيل بالتعاون مع معاهد بحث أخرى حول العالم.

يفيد الباحثون في تقريرهم أيضاً بأن جينة NLRP12، التي تشفر بروتيناً مضاداً للالتهاب يحمل الاسم ذاته، تعاني نقصاً في النشاط على ما يبدو في حالة مرضى السمنة.

بالإضافة إلى ذلك، يعزز نشاط NLRP12 نمو سلالات معينة من بكتيريا الأمعاء الجيدة، ما يقدّم تأثيراً حامياً إضافياً من السمنة ومقاومة الإنسولين.

توضح جيني بي-واي تينغ، باحثة أشرفت على تقرير الدراسة: «تتأثر السمنة بالالتهاب لا بالإفراط في تناول الطعام وعدم التمرن فحسب. وتُظهر الدراسة أن الحد من الالتهاب يعزز البكتيريا «الجيدة» التي تسهم في الحفاظ على وزن صحي».

أراد الباحثون في الدراسة الجديدة تحديد كيفية تأثير NLRP12 في احتمال تعرض الإنسان للسمنة. لتحقيق ذلك، عملوا على فئران عُدلت جينياً كي لا تعبّر عن تلك الجينة (فئران معطلة وراثياً). أطعمت تينغ وفريقها الفئران المعطلة وراثياً والفئران العادية على حد سواء نظاماً غذائياً غنياً بالدهون طوال بضعة أشهر.

صحيح أن الفئران في المجموعتين اتبعت النوع عينه من الأنظمة الغذائية، إلا أن المعطلة وراثياً منها راكمت مقداراً أعلى من الدهون بسهولة أكبر وبدأت تظهر عليها أعراض مقاومة الإنسولين، علماً بأن هذه كلها إشارات إلى الإصابة بالسمنة.

علاوة على ذلك، عانت الفئران التي تفتقر إلى جينة NLRP12 مقداراً أعلى من الالتهاب في الأمعاء ومناطق أخرى من جسمها حيث تخزنت الدهون.

ولكن بغية فهم كيفية ارتباط الالتهاب بزيادة الوزن، اتخذ الباحثون خطوات إضافية. نقلوا بعض الفئران المعطلة وراثياً إلى منشأة مختلفة وأعطوها مضادات حيوية بغية تفادي انتشار الممرضات.

تذكر أنييزكا ترواكس، باحثة شاركت في إعداد تقرير الدراسة: «لاحظنا أن الفئران المعالجة بمضادات حيوية اكتسبت مقداراً أقل من الوزن، مقارنة بتلك التي ظلت في المنشأة القديمة».

تضيف: «قادنا هذا الأمر إلى الاعتقاد أن بكتيريا الأمعاء تؤدي دوراً في تعزيز السمنة».

بكتيريا الأمعاء ودور أساسي

درست تينغ وفريقها بعد ذلك فئراناً معطلة وراثياً تعيش في بيئة خالية من البكتيريا واكتشفوا أنها لم تكتسب الوزن، فاستنتجوا أن هذا الأمر يعود إلى أن أنظمة الحيوانات لم تتأثر بالنشاط البكتيري.

في هذه الحالة، لم يكن لواقع أن الفئران افتقرت إلى جينة NLRP12 أي تأثير في اكتسابها الوزن على ما يبدو، ما يشير إلى أن التعرض لأنواع معينة من البكتيريا قد يشكّل أساساً مهماً للإصابة بالسمنة في نهاية المطاف.

أشار الباحثون أيضاً إلى واقع مهم آخر: لم تكتسب الفئران المعطلة وراثياً، التي عاشت في المساحة عينها مع قوارض سليمة تتمتع بجينة NLRP12 نشيطة، الوزن أيضاً. يُظهر هذا الأمر أنها تعرضت لبكتيريا جيدة من الفئران في مجموعة الضبط، ما حماها من زيادة الوزن.

لا شك في أن هذه الاكتشافات مهمة بما أن الدراسات تُظهر أن السمنة ترتبط بخسارة التنوع البكتيري في الأمعاء.

في حالة المعاناة من السمنة، يُثبّط بعض سلالات البكتيريا، ما يتيح لأنواع أخرى من البكتيريا بالانتشار في ظل غياب المنافسة.

مخاطر خسارة البكتيريا

في الدراسة الجديدة، لاحظ الباحثون أن الفئران المعطلة وراثياً، التي تفتقر إلى جينة NLRP12، عانت خسارة كبيرة في التنوع البكتيري.

في حالة هذه الفئران، أدى النظام الغذائي الغني بالدهون، فضلاً عن ارتفاع معدل الالتهاب الذي سهّله غياب NLRP12، إلى نسبة عالية من عائلة Erysipelotrichaceae. واكتشف الباحثون أن هذه البكتيريا تفاقم الضرر الناجم عن النظام الغذائي الغني بالدهون.

في الوقت عينه، خسرت الفئران المعطلة وراثياً أعداداً كبيرة من Lachnospiraceae، وهي نوع من بكتيريا الأمعاء الجيدة يسهم في التصدي للالتهاب ويتنافس مع Erysipelotrichaceae ويحد من انتشارها.

تبين أيضاً أن لبكتيريا Lachnospiraceae تأثيراً حامياً من مقاومة الإنسولين والسمنة لدى الفئران، حسبما يوضح الباحثون.

تشير ترواكس: «لاحظنا أن التبدلات الالتهابية والأيضية التي رأيناها في حالة الفئران المعطلة وراثياً، التي تفتقر إلى جينة NLRP12، أثناء اتباعها نظاماً غذائياً غنياً بالدهون انعكست عندما أعدنا إمدادها ببكتيريا Lachnospiraceae».

يتابع الباحثون موضحين أن هذه النتائج قد تقود إلى طرائق أفضل لمعالجة السمنة. تنتج Lachnospiraceae أحماضاً دهنية قصيرة السلسلة، وهي نوع من الجزيئات يؤدي دوراً مهماً في العمليات الأيضية. ومن هذه الأحماض البوتيرات والبروبيونات، اللذان يتمتعان أيضاً بخصائص مهمة مضادة للالتهاب.

عندما حاول الباحثون مد الفئران المعطلة وراثياً بالبوتيرات والبروبيونات، لاحظوا أن هذه المقاربة وازنت تأثير غياب NLRP12.

احتمالات علاجية هندسية

تُعتبر نتائج الدراسة مشجعة خصوصاً أن البوتيرات والبروبيونات متوافران اليوم كمكملات. علاوة على ذلك، يملك العلماء سبباً وجيهاً للاعتقاد أن البشر يختبرون ردود الفعل عينها، لا الفئران فحسب.

يعود اعتقادهم هذا إلى تحليل إضافي أجروه على عينات من الخلايا الدهنية مأخوذة من أشخاص يعانون السمنة، أشار إلى أن نشاط جينة NLRP12 يزداد على ما يبدو كلما كان مؤشر كتلة جسم الإنسان أعلى.

تختم تينغ: «أظهرنا في حالة الفئران أن NLRP12 تحدّ من الالتهاب في الأمعاء والأنسجة الدهنية. صحيح أن من الصعب تأكيد قيام تأثير سببي مباشر في حالة الإنسان، إلا أن الباحثين الذين تعاونوا معنا برهنوا تراجع معدلات تعبير NLRP12 في حالة مَن يُعتبرون مرضى سمنة».

السمنة ترتبط بخسارة التنوع البكتيري في الأمعاء
back to top