رئيس وزراء إثيوبيا الجديد يريد السلام والخصخصة

نشر في 14-06-2018
آخر تحديث 14-06-2018 | 00:00
 إيكونوميست كان وقع الأحداث المتسارعة الأخيرة على الإثيوبيين مفاجئاً، فقد تسلم آبي أحمد منصبه كرئيس وزراء على اعتبار أنه سيصبح رئيس ائتلاف حاكم يعاني انقساما شديدا، وكان يُفترض أن يتسلم بلداً يعيش حالة طوارئ بعد أكثر من ثلاث سنوات على اندلاع احتجاجات مضادة للحكومة وحصول اضطرابات ذات طابع إثني، ولم يتوقع الكثيرون أن يحقق الإنجازات بهذه السرعة.

لكن الأسابيع الماضية حملت مفاجأة سارة، فبعد خطاب التنصيب الذي دعا فيه إلى الوحدة واعتذاره عن إقدام الحكومة على قتل المحتجّين جال هذا الضابط السابق في الجيش البلد لحشد الدعم اللازم، وتلقّى الخصوم المنفيون دعوة للعودة إلى ديارهم، وتشجّع ممثلو وسائل الإعلام المعارِضة والمتمركزة في الخارج على فتح مقار لهم في العاصمة أديس أبابا، كذلك أُسقطت دعاوى الإرهاب المرفوعة ضد عشرات الناشطين، ومنهم المواطن البريطاني أندار غاشو تسيجي الذي كان محكوماً بالإعدام.

حتى هذا الأسبوع بدا وكأن آبي لا يولي اهتماماً كبيراً للاقتصاد الإثيوبي المضطرب، وخلال اجتماع مع كبار رجال الأعمال، قال آبي إن الحكومة ستحافظ على نزعتها الاحتكارية في قطاعات أساسية مثل البنى التحتية والمصارف والاتصالات، لذا لم يعتبره الكثيرون من مؤيّدي الليبرالية الاقتصادية.

يبدو أن المؤشرات الاقتصادية الأخيرة دفعت الحكومة إلى التحرك، فكان برنامج واسع من الاستثمار العام قد زاد نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي إلى 10% تقريباً في معظم فترات العقد الماضي، وذلك رغم انحسار القاعدة الاقتصادية، لكن صندوق النقد الدولي يعتبر أن هذا النمو سيتباطأ بنسبة تفوق 2 في المئة هذه السنة (ستبقى النسبة مقبولة لكنها ستنخفض إلى 8.5%). بلغ الدين العام المؤلف في معظمه من عملات أجنبية نحو 60% من الناتج المحلي الإجمالي، كذلك زادت حالات التخلّف عن دفع القروض الصينية في الأسابيع الأخيرة ويتذمر المقاولون المحليون لأن الحكومة لا تفي بالتزاماتها، ففي وقت سابق من هذه السنة اعتبر صندوق النقد الدولي احتمال تعرّض إثيوبيا لضائقة ديون "مرتفعاً" على اعتبار أنها قد لا تكسب ما يكفي من العملات الأجنبية لدفع ديونها.

على صعيد آخر فإن عائدات التصدير طوال خمس سنوات لا تكاد تتغير، ويبدو أن احتياطي النقد الأجنبي في إثيوبيا يغطّي ما يفوق قيمة الواردات الشهرية بقليل، وتعتبر الشركات من جهتها أن نقص العملات الأجنبية هو الأسوأ في التاريخ الحديث، فقد انتظر الكثيرون لأكثر من سنة كي يتلقوا حصصهم من البنوك المملوكة للدولة. كذلك بدأت الصيدليات تفتقر إلى أدوية أساسية مثل المضادات الحيوية، ويقول سولومون مولوغيتا، المدير العام لاتحاد مصنّعي المعادن، إن المصانع باتت عاطلة عن العمل بسبب حاجتها إلى المواد الخام، ويبلغ مستوى التضخم نحو 15% في السنة.

تتعلق المسألة المحورية الآن بمعرفة ما إذا كان آبي يحمل رؤية اقتصادية تتجاوز بيع المؤسسات العامة جزئياً، فلا تزال إثيوبيا تفتقر إلى بورصة حتى الآن ويترقب القطاع المصرفي الذي سيبقى خارج تداول الأجانب خضّة قريبة نتيجة السماح بإبرام عقود إدارية مع البنوك الأجنبية. كذلك يبدو أن الكسب غير المشروع يشوب نظام الصرف الأجنبي الذي يمنح العملات للقطاعات التي تريد الحكومة دعمها، وتتابع الشركات تعثّرها بسبب الممارسات البيروقراطية المفرطة، وتسيطر التكتلات التي يملكها الجيش والأحزاب على معظم مقاليد الاقتصاد.

كانت إصلاحات السوق، فضلاً عن مقاربة جديدة لعقد السلام مع إريتريا، محطّ نقاش داخل الائتلاف الحاكم خلال الأشهر التي سبقت وصول آبي إلى منصبه، لكن هذا الأخير أعطى بُعداً عاجلاً لعمليات اتخاذ القرارات بعدما افتقر البلد إلى هذه المقاربة منذ وفاة ميليس قبل ست سنوات. يقول أحد المحللين الإثيوبيين: "هذه هي معظم القرارات التي اتخذها المكتب السياسي منذ خمسة أشهر، والفرق الحقيقي يتعلق بوتيرة التغيير الحاصل".

back to top