لا مانع شرعاً من بيع الذهب القديم بالجديد

نشر في 14-06-2018
آخر تحديث 14-06-2018 | 00:00
No Image Caption

السؤال: ما حكم بيع الذهب القديم بالجديد؟

المفتي: مفتي الديار المصرية، د. شوقي علام.

الفتوى: لا مانع شرعا من بيع الذهب القديم بالجديد، ومبادلة الذهب القديم أو الكسر بالذهب الجديد أو المَصوغ، مع الاقتصار على دفع الفَرْق بينهما، دون اشتراط بيع الذهب القديم أولا، ثم شراء الجديد بثمنه؛ وهذا لأن الذهب المُصاغ صار شأنه في ذلك شأن سائر السلع من غير النقدين، بعد ارتفاع علة الثمنية بتحقق معنى الصناعة والصياغة الذي جعله كأي سلعة من السلع التي لا يحرم فيها التفاضل ولا البيع الآجل.

وتابع: ورد النهي النبوي عن بيع الذهب بالذهب إلا مع التماثل في العوضين، أي: المبيع والثمن، اجتنابا لربا الفضل، وتقابضهما في مجلس البيع - اجتنابا لربا النسيئة-؛ فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَلَا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلَا تَبِيعُوا الْوَرِقَ بِالْوَرِقِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَلَا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلَا تَبِيعُوا مِنْهَا غَائِبًا بِنَاجِزٍ» (متفق عليه).

قال شيخ الإسلام ابن دقيق العيد في "إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام": "فِي الْحَدِيثِ أَمْرَانِ: أَحَدُهُمَا: تَحْرِيمُ التَّفَاضُلِ فِي الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ، ونَصُّهُ فِي الذَّهَبِ بِالذَهَبِ مِنْ قَوْلِهِ: "إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَلَا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ". الثَّانِي: تَحْرِيمُ النَّسَاءِ مِنْ قَوْلِهِ: "وَلَا تَبِيعُوا مِنْهَا غَائِبًا بِنَاجِزٍ".

وقال الإمام الشيرازي الشافعي في "المهذب" (2/ 26، ط. دار الكتب العلمية): "فأما الذهب والفضة فإنه يحرم فيهما الربا لعلة واحدة، وهو أنهما من جنس الأثمان".

أما الذهب والفضة المَصوغان فإنهما خرجا بذلك عن كونهما أثمانا ووسيلة أساسية للمعاملات المالية، وانتفت عنهما علة النقدية التي توجب فيهما شرط التماثل وشرط الحلول - أي حالًّا يداً بيد - والتقابض، ويترتب عليها تحريم التفاضل وتحريم البيع الآجل، فصارا كأي سلعة من السلع التي يجري فيها اعتبار قيمة الصنعة، وهي هنا عمل الصائغ، ومن المعلوم في القواعد الفقهية: "أن الحكم يدور مع علته وجودا وعدما".

قال الشيخ ابن قَيّم الجوزية في "إعلام الموقعين": الحلية المباحة صارت بالصنعة المباحة من جنس الثياب والسلع، لا من جنس الأثمان، ولهذا لم تجب فيها الزكاة، فلا يجري الربا بينها وبين الأثمان كما لا يجري بين الأثمان وبين سائر السلع، وإن كانت من غير جنسها، فإن هذه بالصناعة قد خرجت عن مقصود الأثمان وأُعدت للتجارة، فلا محذور في بيعها بجنسها، ولا يدخلها: "إما أن تقضي وإما أن تربي" إلا كما يدخل في سائر السلع إذا بِيعت بالثمن المؤجل، ولا ريب في أن هذا قد يقع فيها، لكن لو سُد على الناس ذلك لسُد عليهم باب الدين، وتضرروا بذلك غاية الضرر.

back to top