فلسطين ضحية الجغرافيا العربية

نشر في 18-05-2017
آخر تحديث 18-05-2017 | 00:19
 د. أحمد الخطيب في كثير من الأحيان تمثل المواقع الجغرافية للبلدان «ميزة» لها، وفي أوقات معينة وفق ظروف ومعطيات محددة تتحول هذه الميزة إلى نقمة!

فالوطن العربي المترامي الأطراف، الممتد من الخليج العربي شرقاً، وصولا إلى المحيط الأطلسي غربا، يقع وسط العالم، والمعروف تاريخيا أنه ممر حيوي واستراتيجي لكل نظام سياسي يريد فرض هيمنته وتوسعه لاستعمار واحتلال المناطق المجاورة للاستفادة من خيراتها ومواردها، فهذه المنطقة العربية غنية بالخيرات والإمكانات، سواء كانت زراعية أو ما تمتلكه من معادن ثمينة أو غيرهما، وزاد البترول من أهميتها، فبات ضروريا لكل الأنظمة ذات الطبيعة التوسعية أن تمنع قيام أي نظام سياسي قوي يحكم هذا الموقع الاستراتيجي المهم.

ولذلك كان لابد من وجهة نظر هذه الأنظمة التوسعية أن تعمل على تقسيم الوطن العربي وتفتيته، فكانت الخطوة الأولى لها فصل المشرق العربي عن غربه، وشاءت الأقدار الجغرافية أن تكون فلسطين هي الحلقة الوسط التي تربط أجزاء الوطن العربي الكبير.

وهكذا تم التزاوج غير المشروع بين المطامع الاستعمارية، الأوروبية والأميركية، والمشروع الصهيوني.

كلنا يعلم مدى الكره الذي كان يحمله رئيس الوزراء البريطاني السابق ونستون تشرشل لليهود، إلا أنه في المقابل كان من أكبر المؤيدين لقيام دولة إسرائيل، كما تم تفصيله في كتاب «امبراطورية تشرشل»، حيث تم تفصيل الخطوات التي اتخذتها بريطانيا لتحقيق ذلك، كما لا ننسى ما جاء في مذكرات غلوب باشا الذي أدار الحرب العربية - الإسرائيلية عام النكبة (١٩٤٨) كقائد للقوات العربية التي قيل وقتها إنها جاءت وحاولت الدفاع ونجدة الفلسطينيين في مقاومتهم للاحتلال الصهيوني، ويضاف إلى ذلك ضغط «البنتاغون» على الرئيس الأميركي السابق روزفلت للتملص من وعده للملك عبدالعزيز بشأن القدس، عندما التقاه في البحر الأحمر أثناء الحرب العالمية.

إن المشروع الوحدوي العربي هو البعبع المخيف للمستعمرين والصهاينة، وللعرب الذين ارتضوا هذه المهانة مقابل المحافظة على كرسي الحكم، فما نشاهده اليوم من أحداث مؤلمة في سورية والعراق وفلسطين يأتي ضمن حلقة هذا المسلسل الدامي الذي يستهدف تحطيم مشروعنا في توحد يراعي تنوعنا الإقليمي ويحترمه كمواطنين متساوين، لا تفرقة بينهم بسبب الجنس أو المعتقد الديني.

ونتساءل: لماذا يترك الفلسطينيون وحدهم لتحمل هذه المأساة، ونبقى متفرجين، وكأن مأساتهم خلقوها هم بأنفسهم، مع أننا نحن السبب في ذلك؟! ألا تخجل أنفسنا؟

back to top