الانهيار المالي يوصد أبواب المدارس الحكومية في لبنان

• «يونيسف»: ثلث أطفال لبنان من بينهم السوريون لا يذهبون إلى المدرسة
• %38 من الأسر خفضت نفقاتها التعليمية مقارنة بـ26 % في أبريل 2021

نشر في 27-09-2022 | 18:04
آخر تحديث 27-09-2022 | 18:04
كان من المفترض أن تعود كلود قطيش، المعلمة بالمرحلة الثانوية، وابنتها المراهقة وابنها البالغ من العمر عشر سنوات إلى صفوف الدراسة منذ أسابيع لكن الأزمة في قطاع التعليم بلبنان تركتهم يتسكعون في المنزل بعد ظهر يوم الاثنين.

فقد أدى الانهيار المالي في لبنان المستمر منذ ثلاث سنوات إلى خفض قيمة الليرة بشدة واستنزاف خزائن الدولة مما دفع 80 بالمئة من السكان إلى براثن الفقر وأضر بالخدمات العامة، ومن بينها المياه والكهرباء.

كما أدى إلى أن تظل المدارس العامة مغلقة حتى الآن هذا العام الدراسي إذ نظم المعلمون إضراباً مفتوحاً بسبب انخفاض رواتبهم بشدة كما تخشى إدارات المدارس من عدم تمكنها من تأمين الوقود اللازم للحفاظ على الإضاءة والتدفئة خلال فصل الشتاء.

وعلّمت كلود قطيش - 44 عاماً - الأدب الفرنسي في المدارس الحكومية اللبنانية نصف عمرها بالضبط.

وقالت لـ «رويترز» من غرفة معيشتها في بلدة دير قوبل الجبلية المطلة على العاصمة اللبنانية «تعرفي مستوى الأستاذ الثانوي من سنتين ثلاثة لورا كان كتير مقبول، فكنت أتقاضى معاش مرتفع بخولني أحطهن بمدارس خاصة، وقت وصلنا للفترة يا اللي نحن فيها تقهقر وضعنا كمعلمي ثانوي رسمي قررت إنو أنقلهم بكل بساطة ع التعليم الرسمي معي أسوة بالتلاميذ اللي عم أعلمهم ومتلهن متل باقي الأفراد بلبنان».

لكن منذ عام 2019، فقدت الليرة اللبنانية أكثر من 95 بالمئة من قيمتها وزادت التكاليف الأخرى بشكل كبير بعدما رفعت الحكومة الدعم عن الوقود وارتفعت الأسعار العالمية.

وكان راتب كلود قطيش الشهري يبلغ في السابق حوالي ثلاثة آلاف دولار لكنها تتقاضي الآن ما يعادل مئة دولار، مما اضطرها إلى التفكير في اتخاذ قرار صعب الصيف الماضي بشأن إما إعادة ابنيها إلى مدارس خاصة باهظة الثمن أو تحويلهما إلى نظام تعليم عام يصيبه خلاف على الرواتب بالشلل.

وقالت كلود «كنا دائماً بين الإي واللاء ناطرين لتتغير الأجور تبعنا أو يحقق الوزير مطالبنا ويوصلونا للي بدنا إياه، بقينا مكانا كان هيدا القرار أخدته بحسم من دون ما آخذ وأعطي، أنا أولادي مارح أقدر أحطهم بالخاص حتى لو عملولي ديسكونت (خصم) لأنو الخاص كتير ارتفع».

وبحلول سبتمبر، لم يكن هناك تقدم يذكر في زيادة الرواتب بالنظر إلى خزينة الدولة المستنزفة في لبنان.

وفي الوقت نفسه، كانت مدرسة أبناء كلود قطيش الخاصة تطلب دفع أغلب المصروفات الدراسية بالدولار نقداً كي تضمن قدرتها على تحمل تكاليف الوقود الباهظة والاحتياجات المستوردة الأخرى.

وقد تصل المصروفات السنوية بذلك إلى 500 دولار للطالب بالإضافة إلى 15 مليون ليرة أو حوالي 400 دولار.

وقالت كلود قطيش «لقيت رقم كتير عالي وخيالي بالنسبة لإلي فقراري نابع من ثقة، قرار ذاتي أخذته ومش ندمانة أبداً عليه».

رغم أن زملائهم السابقين في الفصل يرتدون زي مدرستهم الخاصة، فليس لدى كلود قطيش وأبنيها فكرة واضحة حتى الآن عن موعد عودتهم إلى الدراسة.

فوفقاً لوزارة التعليم العالي، يعتمد نظام التعليم في لبنان اعتماداً كبيراً منذ فترة طويلة على المدارس الخاصة التي تستقبل ما يقرب من 60 بالمئة من طلاب البلاد البالغ عددهم 1.25 مليون طالب.

ومع ذلك، اضطرت الأسر إلى التحويل بسبب الضغط الذي فرضه عليها الانهيار المالي في لبنان.

وقال البنك الدولي إن حوالي 55 ألف طالب انتقلوا من المدارس الخاصة إلى المدارس الحكومية في العام الدراسي 2020 و2021 وحده.

أضاف البنك الدولي أن التعليم الحكومي يُعاني تاريخياً من نقص التمويل مع تخصيص الحكومة له أقل من اثنين بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020، وهو أحد أدنى المعدلات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

كما أدت مجموعة من الضغوط على مدى السنوات القليلة الماضية من تدفق للاجئين السوريين اعتباراً من عام 2011 إلى جائحة كوفيد 19 وانفجار المرفأ الذي دمر بيروت إلى زيادة صعوبة الوضع في المدارس.

وقال إدوارد بيجبدير، رئيس منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسف» في لبنان، لـ«رويترز» إن حوالي ثلث الأطفال في لبنان، ومن بينهم الأطفال السوريون، لا يذهبون إلى المدرسة.

وتابع «لدينا أرقام مقلقة من زيادة عدد الأطفال الذين يتم توظيفهم في لبنان بالإضافة إلى تزويج الفتيات في سن مبكرة».

ووجدت دراسة أجرتها يونيسف هذا العام أن «38 بالمئة من الأسر خفضت نفقاتها التعليمية مقارنة مع 26 بالمئة فقط في أبريل 2021»، وهذا التوجه يجعل العودة إلى الدراسة أكثر أهمية من أي وقت مضى.

ويأمل البعض في إعادة فتح المدارس في أكتوبر رغم أنه لم يكن هناك أي إشارة من الحكومة على ذلك.

back to top