كسوف الشمس.. من الأساطير الشعبية إلى العلم الحديث

نشر في 20-08-2017 | 14:27
آخر تحديث 20-08-2017 | 14:27
No Image Caption
لطالما شكل كسوف الشمس مصدر ذعر وإلهام وتفسيرات أسطورية للبشر، من الصينيين الذين كانوا يعتقدون أن تنينا يبتلع الشمس، إلى الفايكينغ الذين كانوا يظنّون أن ذئباً يمسك بها، قبل أن يشرح العلم أنها ظاهرة فلكية تفسّر بقوانين الفيزياء.

فقد كان الأقدمون يصابون بالهلع حين تختفي الشمس فجأة في وضح النهار، وسادت في ثقافاتهم تفسيرات غيبية أسطورية لهذه الظاهرة تنسبها إلى الآلهة أو الشياطين أو الأرواح الشريرة.

في الصين، كان الأقدمون على قناعة بأن تنيناً يوشك أن يبتلع شمسنا، فكان لا بدّ من طرده بسرعة بقرع الطبول والقرقعة بأدوات أخرى.

ويقول روبرت ماسي الباحث في الجمعية الملكية للعلوم في حديث لوكالة فرانس برس «لوقت طويل كان البشر ينظرون إلى الكسوف على أنه أمر سيء».

واستغرق الأمر وقتاً طويلاً قبل أن يُلاحظ البشر أن القمر هو المسؤول عن حجب الشمس في وضح النهار، وليس الآلهة أو التنين أو الأرواح الشريرة.

ويقول باسكال ديكان الباحث في علوم الفضاء «تطلب الأمر مراقبات فلكية ودراسات عن حركة الشمس والقمر ليعرف البشر أن القمر هو الذي يسبب كسوف الشمس».

وفي بعض الحالات يحجب القمر الشمس تماماً، في ما يسمّى الكسوف الكليّ، علماً أن قطره أصغر من قطرها بأربعمئة مرة، لكنه أقرب إلى الأرض منها بأربعمئة مرة، ما يجعل حجمها متساوياً للناظر من الأرض.

آلاف السنوات

يراقب الإنسان كسوف الشمس منذ آلاف السنوات، ومنذ القرن السابع قبل الميلاد وحتى العام 50 بعد الميلاد، كانت مواعيد الكسوف مدوّنة على ألواح بابلية.

وكان الصينيون يبدون اهتماماً كبيراً بالكسوف وبحساب مواعيد وقوعه، وفي العام 2137 قبل الميلاد أمر إمبراطور صيني بفصل رأس شقيقين عالمي فلك فشلاً في تحديد موعد الكسوف.

يروي المؤرخ هيرودوت أن طاليس المالطي تمكن من تحديد موعد كسوف للشمس في العام 585 قبل الميلاد، وتزامن موعد الكسوف مع معركة بين الليديين والميديين، ولما رأى المتحاربون أن الشمس تختفي في وضح النهار، ظنّوا أنها إشارة من الآلهة لوقف القتال، وهكذا كان.

غير أن بعض العلماء يشككون في قدرة طاليس على احتساب مواعيد الكسوف في ذلك العصر.

في القرن الثاني قبل الميلاد، وضع بطليموس كتابه الشهير عن علم الفلك وفيه طرق لحساب مواعيد الكسوف، بحسب باسكال ديكان.

ويقول روبرت ماسي «مع عصر النهضة الأوروبي، وخصوصاً مع اختراع التلسكوب مطلع القرن السابع عشر، ودراسات كوبرنيكوس، صار من الصعب استمرار الاعتقاد بأن كسوف الشمس أمر مخيف».

وكان كوبرنيكوس الراهب وعالم الرياضيات الذي عاش بين العامين 1473 و1543 أول من تحدّث عن أن الأرض هي التي تدور حول الشمس وليس العكس، كما كان يظنّ أرسطو.

قبل 300 عام، توصل البريطاني إدموند هالي إلى تحديد دقيق لمسار الظل في كسوف العام 1715.

أما اليوم، فإن العلم صار قادراً على تحديد كل تفاصيل أي كسوف للشمس بدقة عالية جداً.

وإذا كانت المعتقدات الأسطورية القديمة حول الكسوف قد زالت واندثرت، إلا أن معتقدات أخرى ما زالت شائعة حتى اليوم يجتهد العلماء لتبيين زيفها، كما تفعل وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) على موقعها.

ومن ذلك الاعتقاد أن النساء الحوامل عليهن تجنّب النظر إلى الكسوف لأنه يؤذي الجنين، أو أنه ينبغي عدم تحضير الطعام أثناء الكسوف كي لا يختلط بأشعاعات سامّة مصدرها إكليل الشمس.

ويأمل الموقع الإلكتروني لوكالة الفضاء الأميركية من قرائه عدم الالتفات لهذه الخرافات.

back to top