عندك صورة؟

نشر في 12-08-2022
آخر تحديث 12-08-2022 | 00:00
 د. محمد عبدالرحمن العقيل سؤال له قصة معبّرة... قصة من نسج الخيال، كانت في شكل طلب رمزي، طلبه منا أحد المعلمين الأفاضل، ليصف لنا قاعدة مهمة في فهم الحياة، ولايزال لهذا الوصف قيمة أخلاقية وأدبية في نفسي إلى يومنا هذا... وخصوصا في احترام الآراء، وقبول تصورات الآخرين... «عندك صورة؟» هذا السؤال الذي جعلني أراعي القدرات الشخصية، والتفاوت الذّوقي لدى البشر، «عندك صورة؟» هو السؤال الذي زادني تواضعاً لتقصّي الحقيقة، أينما وجِدت، ومع من كانت.

كان المطلوب كالتالي:

تخيلوا لو طُلب منا أن نصّور ذلك البيت الجميل على الشاطئ، الكل عنده كاميرا تصوير ومستعد، كل كاميرا تختلف جودتها ونوعها، عندكم نصف ساعة للتصوير، قبل الغروب... هيا انتشروا وابدأوا في التقاط الصور... صوّروا جميع أركان البيت، صوّروا البيت من الخارج والداخل، الكل يصور ما يستطيع تصويره، ركزوا على التفاصيل التي تقع أعينكم عليها... انتهى نصف الساعة، دعونا نعرض الصور، أنا عندي عشر صور، وأنت عندك خمس صور، وهذا عنده صورة واحدة، وهذا، وهذا، وهذا... دعونا نرَ الصور... هذه صورة واضحة جدا، ولكن زاويتها ضيّقة، وهذه صورة مهزوزة، ولكنها مميزة! وهذه صورة فريدة، وهذه صورة عجيبة، وهذه صورة معبرة، عن ألف صورة... أغلب الصور مختلفة، والتشابه قليل، والتطابق مستحيل... يا جماعة ؛ نريد أن نرى البيت كله بوضوح؟ لابد من جمع كل هذه الصور.

هل تعلمون ما هذا البيت الذي قمنا بتصويره؟ هذا البيت هو الحياة التي نعيشها.. هو المادة التي ندرسها هو الموضوع الذي نتأمله، هو المشكلة التي نريد حلها، هو الإنسان، هو المجتمع، هو الدولة.. هو الواقع الذي نريد أن نفهمه.

هل استطاع أحد منا أن يصور كل تفاصيل البيت وحده؟! وهل سنرى البيت من الصور العشر التي عندي؟ أم بالصور الخمس التي عندك؟

لا تغتر بكثرة الصور التي لديك.. ولا تستهن بقلة الصور التي لديه... فالكل لديه إضافة لفهم الحياة... ولو بصورة.

د. محمد عبدالرحمن العقيل

back to top