عجز ميزانية الكويت الأعلى عالمياً رغم ارتفاع النفط!

«ستاندرد آند بورز» ثبتت التصنيف السيادي للدولة عند (+A) مع بقاء النظرة المستقبلية سلبية

نشر في 16-01-2022
آخر تحديث 16-01-2022 | 00:05
علي رشيد البدر - عبدالمجيد الشطي - علي الموسى - د. براك الغربللي
علي رشيد البدر - عبدالمجيد الشطي - علي الموسى - د. براك الغربللي
أكدت وكالة "ستاندرد آند بورز" (Standard & Poor's) التصنيف الائتماني السيادي لدولة الكويت عند المرتبة (+A) مع بقاء النظرة المستقبلية سلبية.

وتناول تقرير الوكالة، الصادر أمس الأول، أربعة أجزاء رئيسية، وهي: النظرة العامة للتصنيف (Overview)، وقرار التصنيف (Rating Action)، وآفاق التصنيف (Outlook)، ومبررات التصنيف (Rationale). وفيما يلي عرض موجز لأبرز محتويات التقرير.

أولاً - النظرة العامة للتصنيف (Overview)

• على الرغم من ارتفاع أسعار وكميات إنتاج النفط، فمن المتوقع أن يصل متوسط عجز الموازنة العامة للكويت إلى نحو 12 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لغاية عام 2025، وهو من بين أعلى المعدلات بين جميع الدول المصنّفة من الوكالة.

• أوشكت الحكومة على استنفاد سيولة صندوق الاحتياطي العام، كما أنها لم تتوصل حتى الآن إلى اتفاق مع مجلس الأمة -الذي تهيمن عليه المعارضة - حول استراتيجية شاملة لتمويل عجز الموازنة، مما يُمثل مخاطر تمويلية للدولة، خاصة إذا انخفضت أسعار النفط.

• بدأت العلاقات بين السلطتين التنفيذية والتشريعية في التحسّن بعد اختتام الحوار الوطني، مما يزيد احتمال موافقة مجلس الأمة على قانون الدين العام وخطة ضبط أوضاع المالية العامة.

• مع ذلك، فإن تعقيد الترتيبات المالية والمؤسساتية في دولة الكويت يُشكل مخاطر على ماليتها العامة، بالرغم من الحجم الضخم لصافي أوضاع أصولها.

ثانياً - قرار التصنيف (Rating Action)

أكّدت "ستاندرد آند بورز" في تقريرها التصنيف الائتماني السيادي طويل وقصير الأجل لدولة الكويت عند المرتبة (A+/A-1) مع بقاء النظرة المستقبلية سلبية.

ثالثاً - آفاق التصنيف (Outlook)

• تعكس النظرة السلبية للتصنيف في المقام الأول المخاطر على مدى 12-24 شهراً قادمة والمتعلقة بقدرة الحكومة على التغلب على العوائق المؤسسية التي تمنعها من تنفيذ استراتيجية لتمويل عجز الموازنة في المستقبل.

• هناك إمكانية لتخفيض التصنيف الائتماني السيادي لدولة الكويت إذا استمر العجز المرتفع للموازنة على المدى المتوسط، مع عدم وجود ترتيبات تمويلية شاملة ومستدامة ومتفق عليها.

ويمكن أن يحدث هذا، على سبيل المثال، نتيجة المواجهة المستمرة بين السلطتين، مما يجعل الحكومة غير قادرة على تنفيذ الإصلاحات المالية، أو تمرير قانون الدين العام، أو التصريح بمصادر أخرى لتمويل عجز الموازنة العامة.

• أشارت الوكالة إلى إمكانية تغيير النظرة المستقبلية للتصنيف الائتماني السيادي للكويت من سلبية إلى مستقرة؛ إذا نجحت الحكومة في معالجة القيود الحالية لتمويل الموازنة العامة، من خلال إقرار قانون الدين العام، والإذن للحكومة بالاستفادة من صندوق احتياطي الأجيال القادمة، وبرنامج ضبط أوضاع المالية العامة.

رابعاً – مبررات التصنيف (Rationale)

• أشارت الوكالة إلى أن الكويت مصدّر رئيسي للنفط، وتستفيد حالياً من الارتفاع في أسعاره من أدنى مستوياته منذ بداية الجائحة عام 2020. وبلغ متوسط أسعار خام برنت نحو 71 دولاراً للبرميل في عام 2021، مقارنة بنحو 44 دولاراً للبرميل في عام 2020. ومن المتوقع أن يصل متوسط سعر برميل النفط إلى نحو 65 دولاراً خلال عام 2022 ونحو 55 دولاراً للبرميل اعتباراً من عام 2023.

• وعلى الرغم من هذه الظروف الأكثر ملاءمة، ما زالت الوكالة تتوقع أن تواجه الكويت عجزاً في الموازنة العامة يبلغ متوسطه 12 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي على المدى المتوسط، وهو من بين أعلى المعدلات بين جميع الدول المصنفة من الوكالة.

ووفقاً لإجمالي المصروفات الحكومية الجارية، تُقدّر الوكالة السعر التوازني للموازنة العامة عند مستويات تتراوح بين 85 و90 دولاراً للبرميل.

• بعد انتهاء صلاحية قانون الدين العام في عام 2017، لم تتمكّن الحكومة من الاقتراض، واعتمدت بدلاً من ذلك على صندوق الاحتياطي العام للوفاء بمتطلبات الموازنة العامة، الذي تم استنفاده نتيجة لذلك.

وفي الوقت نفسه، حالت المعارضة البرلمانية المستمرة وعلاقات المواجهة العامة بين الحكومة والسلطة التشريعية دون اعتماد قانون جديد للدين العام، أو تنفيذ خطة إصلاح مالي، أو الإذن للحكومة بالسحب من صندوق الأجيال القادمة.

• بشكل إيجابي، تظهر العلاقة بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية في تحسّن بعد اختتام ما يسمى بالحوار الوطني، الذي بموجبه أصدر سمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد عفواً عن العديد من المعارضين السياسيين، وهو أحد المطالب الرئيسية للمعارضة.

إضافة إلى ذلك، فإن الحكومة الجديدة التي تم تعيينها في بداية يناير 2022 تضم ثلاثة أعضاء معارضين في مجلس الأمة.

• ترى الوكالة أن هذه التحرّكات التصالحية الأخيرة لديها القدرة على تحسين العلاقات المتوتّرة سابقاً بين الحكومة ومجلس الأمة. وهذا يزيد من احتمالية توصّل الجانبين إلى اتفاق بشأن الإصلاحات الهيكلية الرئيسية، بما في ذلك قانون الدين العام ووضع خطة لضبط أوضاع المالية العامة.

ومع ذلك، وحتى الآن لم يتم اعتماد استراتيجية شاملة لتغذية الموازنة العامة بينما تم استنفاد صندوق الاحتياطي العام، وهو احتياطي السيولة الحكومي الرئيسي.

وحسب رأي الوكالة، فإن هذا الوضع يُشكّل مخاطر تمويلية سلبية على التصنيف الائتماني للدولة، خصوصاً إذا انخفضت أسعار النفط عن التوقعات.

• أشارت الوكالة إلى أنه في حال نفاد صندوق الاحتياطي العام تماماً، فقد تواجه الكويت قيوداً صعبة في الموازنة وتتطلب تعديلاً سريعاً وكبيراً في الإنفاق العام.

ومع ذلك، حتى في ظل مثل هذا السيناريو الأصعب، لا تتوقع الوكالة أن تتأثر خدمة الدين لأنها مبالغ صغيرة. وتُقدّر الوكالة إجمالي الدين الحكومي العام لدولة الكويت عند نحو 8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، في حين تبلغ نفقات الفوائد نحو 1 في المئة من إجمالي الإنفاق العام.

ومع ذلك، فإن أي تعديل محتمل للإنفاق العام غير المنضبط يُمكن أن يضعف الاقتصاد ويضعف ثقة المستثمرين الأجانب.

وقد يكون هذا الأخير مهماً بشكلٍ خاص وسط خطط الحكومة للعودة إلى الأسواق العالمية للحصول على التمويل في السنوات القادمة.

• أشارت الوكالة إلى أن التصنيف الائتماني السيادي لدولة الكويت جاء مدعوماً بارتفاع الاحتياطيات المالية والخارجية المتراكمة، مما يخفف من الطبيعة غير المتنوّعة للاقتصاد. ولا يزال السيناريو الأساسي للوكالة يفترض أن الحكومة ستكون قادرة على التغلب على المعارضة البرلمانية وتمرير قانون الدين العام أو الإذن بالسحب من صندوق احتياطي الأجيال القادمة في حال عدم توفّر الخيارات الأخرى.

• أشارت الوكالة إلى أن التصنيفات مقيدة بالظروف المؤسساتية الضعيفة نسبياً مقارنة مع نظرائهم غير الإقليميين في نفس فئة التصنيف، إلى جانب حقيقة أن العلاقة بين الحكومة ومجلس الأمة غالباً ما تؤدي إلى الجمود السياسي، وهناك فجوة في المعلومات فيما يتعلق بحجم وتكوين صندوق الاحتياطي العام وصندوق احتياطي الأجيال القادمة.

الملف المؤسساتي والاقتصادي

جاء تحسّن الإجماع السياسي في أعقاب فترة من التقلّبات، لكن لا يزال مأزق تمويل الموازنة العامة قائماً دون حل.

- وفقاً لوجهة نظر الوكالة، فإن التنازلات المقدمة لنواب المعارضة في إطار الحوار الوطني تزيد من احتمالية تبني الإصلاحات الهيكلية.

- مع ذلك، فإن سجل الكويت في تنفيذ الإصلاحات ضعيف ولم يتم حتى الآن تفعيل استراتيجية شاملة لتمويل الموازنة العامة متوسطة الأجل.

- من المتوقع أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي نمواً بنسبة 8 في المئة في عام 2022، مدفوعاً بزيادة إنتاج النفط بموجب اتفاقية "أوبك+".

• تتسم الترتيبات المؤسساتية في دولة الكويت بمواجهات متكررة بين مجلس الأمة والحكومة. وفي السنوات الماضية، أدى ذلك في كثير من الأحيان إلى تقويض محاولات الإصلاح الهيكلي.

وتدهورت العلاقة المتوترة أساسًا خلال معظم عام 2021 بعد أداء المعارضة القوي في الانتخابات العامة في ديسمبر 2020.

• مع ذلك، أشارت الوكالة إلى تحسّن العلاقات بين الحكومة ومجلس الأمة في الآونة الأخيرة، وبعد الحوار الوطني في أكتوبر 2021، اعتمد سمو الأمير مرسوماً بالعفو عن العديد من المعارضين السياسيين والمنفيين، وهو ما كان أحد المطالب الرئيسية للمعارضة.

وترى الوكالة أن هذه التنازلات تبشّر بالخير لتهدئة التوترات الماضية وزيادة احتمالية التوصّل إلى توافق في الآراء بشأن البنود المعلّقة منذ فترة طويلة، بما في ذلك اعتماد قانون الدين العام، والإذن بسحب محدود من صندوق الأجيال القادمة، وإقرار إصلاحات مالية أوسع.

ومع ذلك، تعتقد الوكالة أن المخاطر لا تزال قائمة، وأبرزها المحاولات المتعددة الفاشلة لتبني إصلاحات مماثلة في السابق.

• يبدو أن تبني قانون دين عام جديد هو الحل الأسهل والأكثر جدوى من الناحية السياسية لتلبية احتياجات التمويل قصيرة الأجل.

مع ذلك، من غير المرجح أن يحل قانون الدين العام وحده التحديات المالية في دولة الكويت ما لم يتم تخفيض العجز الكبير للموازنة العامة أو منح الإذن بالسحب من أصول صندوق الأجيال القادمة عند الضرورة.

وأشارت الوكالة إلى أن الكويت هي الدولة الوحيدة التي لا تزال في مجلس التعاون لدول الخليج العربية التي لم تطبق بعد ضريبة القيمة المضافة، بينما يُعد خفض الإنفاق العام صعباً من الناحية السياسية نظراً لأن معظمها يمثل أجوراً ودعوماً حكومية.

• لا يزال اقتصاد الكويت معتمداً إلى حد كبير على النفط، الذي يمثل ما يُقارب نحو 90 في المئة من الصادرات والإيرادات الحكومية.

وتتوقع الوكالة أن يتعزز الأداء الاقتصادي لدولة الكويت خلال العامين القادمين بعد فترة الجائحة الصعبة خلال عامي 2020 و2021.

ومن المتوقع أن يصل الناتج المحلي الإجمالي للكويت إلى أقل بقليل من نحو 140 مليار دولار في عام 2024، وهو مستوى ثابت تقريباً مقارنة بمستويات عام 2018.

تحركات «المركزي»
ذكرت «ستاندرد آند بورز» أن أداء القطاع المصرفي الكويتي كان طيباً خلال فترة الجائحة. ومن الملاحظ أنه قد دخل مرحلة الانكماش الاقتصادي في وضع قوي نسبياً، إذ كانت نسبة القروض غير المنتظمة منخفضة عند نحو 1.5 في المئة، ونسبة تغطية المخصصات مرتفعة تتجاوز 200 في المئة، وسجلت نسبة الرسملة معدلات مرتفعة.

وفي بداية الجائحة في عام 2020، تحرّك بنك الكويت المركزي على الفور لتنفيذ العديد من تدابير الدعم للاقتصاد والنظام المالي. وخلال عامي 2020 و2021، زادت نسبة القروض غير المنتظمة بشكلٍ هامشي، ويتم تدريجيًا سحب تدابير التخفيف والدعم الرقابية التي اعتمدت سابقاً.

ملف المرونة والأداء

تُشكّل السيولة المنخفضة لصندوق الاحتياطي العام مخاطر، على الرغم من أن إجمالي أصول صندوق الثروة السيادي يتجاوز ما نسبته 460 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي

- يُقدّر صافي الأصول الحكومية العامة لدولة الكويت بنحو 450 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وهي أعلى نسبة بين جميع الجهات السيادية المصنفة من قِبل الوكالة.

- ومع ذلك، فإن عجز الموازنة العامة هو الأعلى على مستوى العالم مع غياب استراتيجية شاملة للتمويل.

- من المتوقع أن يبقى الدينار الكويتي مرتبطاً بسلة عملات يهيمن عليها الدولار الأميركي.

• اتخذت السلطات الكويتية بعض الإجراءات خلال العامين الماضيين لمعالجة الوضع المالي للدولة، بما في ذلك تعليق التحويلات المالية السنوية إلى صندوق احتياطي الأجيال القادمة، كذلك ضخ سيولة إضافية إلى صندوق الاحتياطي العام عن طريق تحويل بعض الأصول الأقل سيولة إلى صندوق الأجيال القادمة، بما في ذلك مؤسسة البترول الكويتية وشركة البترول الوطنية. ومع ذلك، فإن التدابير المُعتمدة حتى الآن أقل بكثير مما هو مطلوب لسد الفجوة التمويلية للموازنة.

• أشارت الوكالة إلى أن تمرير قانون الدين العام الجديد يُمكن أن يوفّر مصدر تمويل للعجز المالي في الموازنة في المستقبل القريب.

وأشارت إلى أن اتباع نهج أكثر واقعية يهدف إلى تقليص الدعوم الحكومية المُهدرة وزيادة الإيرادات العامة من خلال مصادر بديلة يُمكن أن يوفر الاستقرار على المدى الطويل، ولكن لا يزال من الصعب جدًا تحقيقه لأسباب سياسية.

• بالرغم من أن صندوق الاحتياطي العام يتناقص بشكلٍ كبير، فإن حجم إجمالي أصول صندوق الثروة السيادي "بما في ذلك صندوق احتياطي الأجيال القادمة" لا يزال كبيراً وهو العامل الرئيسي الذي يدعم التصنيفات السيادية، كما لا توجد بيانات رسمية متاحة حول إجمالي الأصول الذي تُديره الهيئة العامة للاستثمار.

وتُقدّر الوكالة إجمالي أصول صندوق الثروة السيادي بأكثر من 460 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية عام 2021.

• يعكس التصنيف السيادي للكويت الأوضاع القوية للأصول الحكومية وميزان المدفوعات. ومن المتوقع أن يصل صافي الوضع الدائن الخارجي للدولة إلى نحو 480 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية عام 2021.

سلة عملات
توقعت «ستاندرد آند بورز» أن يبقى سعر الصرف في الكويت مرتبطاً بسلة عملات غير معلنة، يُهيمن عليها الدولار الأميركي، وهو العملة التي يتم بها تسعير وتبادل غالبية الصادرات الكويتية.

وعلى الرغم من أن هذا النظام قد خدم الكويت بشكلٍ جيد خلال السنوات الماضية، فإن الوكالة ترى أنه يُقيّد قدرتها على إدارة سياسة نقدية مستقلة للمساعدة في التخفيف من التقلبات في الدورة الاقتصادية. كما أن سوق الدين بالعملة المحلية أقل تطوراً مقارنة بأقرانها في ذات التصنيف.

الحكومة لم تنفذ مقترحات «الأعلى للتخطيط»
د

علّق عدد من الاقتصاديين على تقرير "ستنادرد آند بورز"، مؤكدين ان الحاجة إلى الإصلاح الاقتصادي باتت ملحة وضرورية.

وأشار الخبير الاقتصادي، علي الرشيد البدر، إلى أن النظرة مستمرة سلبية، لأنه ببساطة كل الخطط والمقترحات التي قدّمتها الحكومة غير مجدية، لافتا إلى أن شعارات تحسين مستوى الأداء ومحاربة الفساد حلول نظرية وغير مجدية لتحسين التصنيف السيادي.

وشدد البدر على أن هناك إجراءات أكثر أهمية مطلوبة، وحل أساسي لتلك التداعيات الضاغطة، وهي الخصخصة، مشيرا إلى أنه لا حل إلا بتقليص مسؤوليات الحكومة وخصخصة الاقتصاد، لتكون الشركات هي التي تملك وتدير، وغير ذلك من حلول هي عبارة عن تضييع للوقت وهدر للفرص، بلا جدوى.

وقال: لو تمّت المراجعة مرارا وتكرارا من جانب وكالات التصنيف ستكون النتيجة نفسها، لأنه لا توجد سياسة اقتصادية واضحة أو خطة إصلاح مقنعة وقابلة للتطبيق، حيث لم يتم تجاوز العناوين النظرية بأي إجراءات ملموسة، لذلك من الطبيعي أن تستمر النظرة السلبية.

وأضاف: لدى الحكومة منذ سنوات مقترحات من المجلس الأعلى للتخطيط، ولكن لا تجد طريقها للتطبيق، لذلك ستستمر النظرة السلبية، مادام لا يقابلها علاج فعال وناجع وجاد، حيث إن الملاحظات نفسها متكررة، وهو أمر مستغرب ومثير للاندهاش.

من ناحيته، ذكر الخبير المصرفي عبدالمجيد الشطي أن الطريق واضح، والإجراءات المطلوبة أكثر وضوحا، لكن الحكومة "ما يبون" يسلكون الطريق نحو إصلاح الخلل وتلافي الملاحظات التي تسوقها وكالات التصنيف كل مرة. وأضاف: ذلك الملف تم إشباعه بحثا، وكل الآراء الفنية والاقتصادية متفقة على الحلول، وخريطة الطريق واضحة وضوح الشمس، مشيرا إلى أن الأزمة ليست في المقترحات أو سبل المعالجة، بل إن الخلل في الرغبة نحو التنفيذ والجدية في تطبيق المقترحات.

ولفت الشطي إلى أنه يبقى الأمل ومبعث التفاؤل بإشادة "ستاندرد آند بورز" بدور البنك المركزي وسياساته الحصيفة التي يقوم بها، ودوره في العبور من أزمات متتالية صعبة منذ عام 2008.

من ناحيته، نبّه رئيس مجلس إدارة البنك التجاري السابق علي الموسى إلى أن الكويت تتجه نحو منحدر، مشيرا إلى أن مستوى التصنيف السيادي والنظرة السلبية لم تأت فجأة، فهذا الملف يثار منذ أكثر من عامين تقريبا، وفي المقابل نجد عدم اهتمام ولامبالاة.

وقال إن هذا التصنيف وما سبقه من تحذيرات جاءت مع الأسف في الوقت الصعب والخطأ بالنسبة إلى الوضع الاقتصادي عموما.

ونبّه الموسى إلى مخاطر هذا التصنيف بأنه في حال ذهبت الدولة إلى الاقتراض من السوق العالمي ستكون الكلفة أعلى مما لو كانت كل المؤشرات سليمة وقوية، مشيرا إلى أن لكل وضع سعرا.

وشدد على أن ذلك الملف "مو لعب"، بل يكلف الدولة الملايين، حيث تعطي تلك المؤشرات والتصنيفات المقرضين عدم ارتياح، وبالتالي يرفعون المخاطر، ومن ثمّ ترتفع كلفة الدين العام على الدولة.

وأشار الموسى إلى أنه مطلوب معالجة الأسباب بشكل أسرع وبمهنية عالية، والانتقال من مرحلة الشعارات والدراسات إلى مرحلة التطبيق الجاد.

من جهته، قال عضو هيئة التدريس بقسم الإدارة العامة في جامعة الكويت، د. براك الغربللي، إن استمرار النظرة السلبية للتصنيف السيادي للكويت لم يكن مفاجئا أو مستغربا، خصوصا أنه لا توجد أي إجراءات حكومية لمعالجة ملف التصنيف منذ الخفض السابق، حيث سبق أن تم خفض التصنيف في يوليو الماضي من -AA إلى -A، وفي المقابل استمر الوضع دون أي حلول أو إصلاحات، فكان من الطبيعي أن تستمر النظرة السلبية، في ظل مؤشرات عجز كبيرة للميزانية من بين الأعلى عالميا.

وأضاف أن المرحلة الراهنة تحمل تحديات كبيرة، ففي السابق كان يتم تغطية العجز من الاحتياطيات العامة، والآن الاحتياطي العام يعاني مشاكل في السيولة، وبالتالي هذا الوضع يزيد من الضغط أكثر على التصنيف، ويتطلب إجراءات عاجلة دون تردد أو تأخير.

وقال: من أكبر التحديات الحالية عدم وجود أي رؤية أو خطة جادة قابلة للتطبيق للتعامل مع مشكلة السيولة، مشيرا الى أنه منذ سنوات نسمع عن قوانين وحلول، ولا يوجد شيء حقيقي ملموس على أرض الواقع.

وحذّر الغربللي من أنه ما لم يحدث أي تغير، وأكملت الحكومة المشوار بهذا النهج، فسيكون هناك مزيد من الخفض في المراجعة المقبلة، مشيرا إلى أن النظرة السلبية ببساطة هي مؤشر واستشراف للوضع المقبل ما لم تُتخذ إجراءات جادة.

واعتبر أنه حتى لو تم استغلال مرحلة التصالح النسبي حاليا، وتمرير قانون الدّين العام، فإن نجاحه في معالجة ملف التصنيف مرهون بأن ترافقه خطة وبرنامج إصلاحي اقتصادي كامل على مستوى الكويت لتحويل الوضع الاقتصادي وميزانية الدولة لنظام أكثر استدامة، وإلا ستذهب سيولة الدين العام لمعالجة وضع قائم بشكل مؤقت، وبعدها نعود إلى المربع الأول نفسه.

محمد الإتربي

علي رشيد البدر: إجراءات الحكومة غير مجدية وغير مقنعة

عبدالمجيد الشطي: لا يريدون الحل رغم وضوح الخلل كالشمس

علي الموسى: انهضوا... فكل خفض أو نظرة سلبية سيرفع كلفة الاستدانة

د. براك الغربللي: «الدَّين العام» حل مؤقت ما لم ترافقه خطة إصلاح شاملة

الوكالة أكدت في تقريرها أن تحسّن العلاقات بين السلطتين بعد الحوار الوطني يزيد احتمال الموافقة على قانون الدين العام وضبط المالية العامة

الحكومة شارفت على استنفاد سيولة صندوق الاحتياطي العام ولم تتوصّل لاستراتيجية تمويل عجز الموازنة

فجوة في المعلومات فيما يتعلق بحجم وتكوين صندوقي الاحتياطي العام واحتياطي الأجيال

سجل الكويت في تنفيذ الإصلاحات ضعيف والاعتماد على النفط كبير
back to top