تعمق في فهم سلوك المشاغبين

نشر في 07-07-2021
آخر تحديث 07-07-2021 | 00:08
من المؤكد أن نظامنا التربوي يحارب هذا الفكر، وكذلك الأسرة الكويتية لا تشجع الأبناء على تبني مثل هذا الفكر العدائي، فالمدرسة والأسرة بيئتان مهمتان في التنشئة الاجتماعية، وكلتاهما تحاربان بشدة تنشئة الأبناء على حب الشغب والاعتداء على الآخرين، إذاً هناك بيئة أخرى غرست لدى هؤلاء النواب حب الشغب والتعالي على الوزراء.
 د. عبدالمحسن حمادة والظلم من شيم النفوس فإن تجد

ذا عفة فلعلة لا يظلم

في هذا البيت يرى أبو الطيب المتنبي أن الإنسان شرير بطبعه، وإذا صادفت إنسانا طيبا فلابد أن هناك أسبابا جعلته يغير سلوكه الشرير، وتبنى هذه النظرة رجال الدين المسيحي الذين سيطروا على التعليم طيلة العصور الوسطى، وتأثر بها بعض المربين في القرن الـسابع عشر للميلاد، وأصبح هدف التربية عند من يؤمن بهذه النظرية تعديل السلوك الشرير لدى الإنسان، ومع أن الدراسات الحديثة أثبتت خطأ هذه النظرة، إلا أن السلوك السيئ والرهيب الذي أبداه بعض النواب الذين يدعون أنهم أغلبية، يفرض علينا أن نتساءل: من أين اكتسب هؤلاء هذا السلوك السيئ الرديء؟

من المؤكد أن نظامنا التربوي يحارب هذا الفكر، وكذلك الأسرة الكويتية لا تشجع الأبناء على تبني مثل هذا الفكر العدائي، فالمدرسة والأسرة بيئتان مهمتان في التنشئة الاجتماعية، وكلتاهما تحاربان بشدة تنشئة الأبناء على حب الشغب والاعتداء على الآخرين، إذاً هناك بيئة أخرى غرست لدى هؤلاء النواب حب الشغب والتعالي على الوزراء واحتلال مقاعدهم بقصد إهانتهم، وقد تكون هذه البيئة بيئة حزبية، فالأفراد يتأثرون بفكر الحزب الذي ينتمون إليه وخاصة الأحزاب الدينية المتطرفة، فللأحزاب الدينية في الوطن العربي تجارب كثيرة في محاولاتها الاستيلاء على السلطة في عدد من الدول العربية.

فهدف الأحزاب الدينية إقامة دولة شرع الله وهدم دولة الطاغوت كما يدّعون، فمن لا يؤمن بفكرهم فهو يؤمن بالطاغوت، فهم يحرفون الكلم عن مواضعه، ليجعلوا من أنفسهم أوصياء على شرع الله، ومن ثم سيكونون أوصياء على الدولة، فالهدف إقامة دولة دينية دكتاتورية، فهم يصورون أنفسهم بأنهم الجهة االوحيدة التي تعرف شرع الله وتدافع عنه وعلى الجميع أن يسلم بذلك، ومن يقرأ بعض مقالات الكتّاب الذين ينتمون لهذا الفكر، فسيجد أنهم يصفون الحكومة الكويتية بأنها حكومة العازة والعاجزة، ويطلبون منها أن تستريح، وهم من يجب أن يدير الدولة، فمن الصعوبة أن تستقر الأمور في الدولة وفيها جماعة تسعى إلى هدمها وتفكيكها.

فما طالب به أولئك النواب من تغيير لرئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس الأمة، وبدون وجود مبررات مقنعة تثبت ضرورة تلك المطالب وصحتها، وما اتبعوه من أساليب فجة لتحقيق مطالبهم، وما أدى ذلك إلى تعطيل جلسات مجلس الأمة لفصل تشريعي كامل لم يحقق فيه أي إنجاز، نرجو خلال إجازة المجلس أن تتم مراجعة تلك الأحداث بعناية من قبل السلطتين التشريعية والتنفيذية، ولنبدأ بعد الإجازة بإذن الله بتعاون مثمر بين السلطتين لمعالجة المشكلات التي تواجه الدولة وهي كثيرة، ولا يمكن حل تلك المشكلات إلا بتعاون بين السلطتين، فعسى الله أن يوفقنا لخدمة مجتمعنا ومعالجة مشاكلنا وتناسي ما دار بيننا من خلاف.

د. عبدالمحسن حمادة

back to top