الولايات المتحدة لا تجيد التعامل مع حلفائها!

نشر في 04-04-2021
آخر تحديث 04-04-2021 | 00:00
 ذي أتلانتك تعهد الرئيس جو بايدن بإعادة الولايات المتحدة إلى سابق عهدها، لكن يُفترض ألا يحاول استرجاع الدور الأميركي القيادي في العالم على حساب أقرب أصدقاء البلد، فخلال اجتماع لوزراء خارجية حلف الناتو في الأسبوع الماضي، وجّه وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، انتقادات لاذعة للجهود الألمانية الرامية إلى تلقي كميات إضافية من الغاز الطبيعي من روسيا عبر مشروع خط أنابيب «نورد ستريم 2». قال بلينكن محذراً إن الرئيس الأميركي يعتبر هذا المشروع شائباً ومسيئاً لأوروبا والولايات المتحدة، وهو يتعارض في نهاية المطاف مع الأهداف الأمنية التي يطرحها الاتحاد الأوروبي، فلا تكتفي إدارة بايدن بمتابعة سياسة العقوبات التي طبّقها الرئيس السابق دونالد ترامب ضد حليف مهم، بل إنها تفكر أيضاً بفرض قيود صارمة أخرى.

على مستويات عدة، تبدو معارضة بايدن لمشروع «نورد ستريم 2» نسخة متجددة من اعتراض الرئيس رونالد ريغان على خط أنابيب «قوة سيبيريا» الذي بناه الاتحاد السوفياتي وألمانيا خلال الثمانينيات. ومثلما فشلت مساعي ريغان في الماضي، من المستبعد أن ينجح بايدن في وقف «نورد ستريم 2»، فقد أُنجِز 95% من هذا المشروع حتى الآن وتُصِرّ ألمانيا على تجاهل اعتراضات الولايات المتحدة والدول المجاورة لها في أوروبا الوسطى منذ أكثر من عشر سنوات. تهتم ألمانيا، التي بدأت تتخلى عن قوتها النووية، بمسألة تأمين الطاقة وتُركّز على إيجاد مصادر قليلة الكربون.

سيكون الإصرار على مطالبة الحكومة الألمانية بالتضحية بأهدافها المحلية موقفاً منافقاً لأن بايدن أعطى الأولوية لحماية الأسواق الأميركية في سياسته الخارجية. بعبارة أخرى، لم يكن بايدن مستعداً لدفع ثمن سياسي مقابل إعادة الانضمام إلى الشراكة العابرة للمحيط الهادئ (كتلة تجارية تعارضها مجموعات عمل أميركية كبرى) أو بذل الجهود اللازمة للمصادقة على اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، مع أن الولايات المتحدة تطبّق بنود هذه الاتفاقية ضد الصين. تتوقع واشنطن من الدول الأخرى أن تقدم تنازلات محلية صعبة من دون أن تقوم بالمثل.

يتزامن الجدل القائم بشأن مشروع «نورد ستريم 2» مع تصاعد الضغط الأميركي على الأوروبيين تمهيداً لإقرار مقاربة أكثر تكاملاً بين الحلفاء تجاه الصين، وخلال الرحلة نفسها التي شملت اجتماع الدول الأعضاء في حلف الناتو، تبنى بلينكن موقفاً استعراضياً بامتياز حين تكلم عن إعادة إحياء الحوار بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بشأن الصين. أحرزت واشنطن تقدماً بارزاً في مساعيها لإقناع حلفائها بعدم استعمال معدات شركة «هواوي» في أنظمة الجيل الخامس المحلية، وانضم الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة لفرض العقوبات على الصين، كذلك، ساهمت اعتراضات إدارة بايدن على اتفاق تجاري مقترح بين الاتحاد الأوروبي والصين في منع المصادقة عليه. بدأ الأوروبيون يدركون أن حملة القمع الصينية في «شينجيانغ» تتعارض مع معايير حقوق الإنسان في أوروبا وأن الرد الصيني العشوائي على العقوبات الخفيفة لا يبشر بالخير. يعمل الاتحاد الأوروبي راهناً على تطوير استراتيجية خاصة بمنطقة المحيطَين الهندي والهادئ، حتى أن ألمانيا سترسل سفينة حربية للمشاركة في الدوريات في بحر الصين الجنوبي. إنها اللحظة المناسبة إذاً كي تطرح الولايات المتحدة والديمقراطيات الأوروبية مقاربة مشتركة للسيطرة على الصين.

للحفاظ على الحلفاء، لا بد من تقديم التضحيات المناسبة بناءً على القيم المشتركة. لا يعني ذلك أن تنفذ الدول الديمقراطية الأخرى رغبات الولايات المتحدة في جميع الظروف، بل يجب أن تتوصل إدارة بايدن إلى تسوية معينة بشأن مشروع «نورد ستريم 2» وتضمن تقديم التنازلات القادرة على تهدئة أوروبا الوسطى وأوكرانيا ثم تتخلى عن هذه المخاوف البالية، وفي المقابل لن يثبت الإصرار على اتخاذ موقف صارم من هذا الملف أن الولايات المتحدة عادت إلى سابق عهدها، بل إنه سيحول دون تعميق التعاون بين الحلفاء لحل المشاكل الأكثر إلحاحاً.

كوري شايك - ذا أتلانتيك

back to top