ماذا يجب بعد التأجيل؟

نشر في 19-02-2021
آخر تحديث 19-02-2021 | 00:09
 ناجي الملا خلال الشهر مدة تأجيل اجتماعات مجلس الأمة وفق المادة 106 من الدستور يجب أن تضع القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني وكل النشطاء برنامح عمل للحكومة يتضمن مشاريع متمرحلة على أربع سنوات تلامس كل الحلول للأزمات والمشكلات للبلد، إذ ثبت عُقْم البرلمان والحكومة وكذب الحَمْل الذي انتفخت به بطونهم منذ عقود من الزمن.

فمؤخراً نستذكر خطابات المعارضة التي جاءت تحت عنوان رسالة إلى الأمة والتي لم تلامس في مضمونها الأولويات والقضايا الأشد حساسية لدى الأمة، فتمحورت حول العفو الشامل وتعديل الدوائر الانتخابية وبسط سلطة القضاء على موضوع الجنسية حتى لا تستغل للضغط السياسي مروراً بقضايا استنكار عدم إسراع رئيس الوزراء في تشكيل الحكومة وتعطيل أعمال البرلمان.

لقد تبخر موضوع برنامج العمل الذي يعد الأهم والأشد ضرورة، فبرنامج العمل تقدِّمه الحكومة للمجلس فور تشكيلها كما في نص الدستور، أي أنه موجود قبل تشكيل الحكومة وانتخاب المجلس، والسبب أنه وضع على يد منظمات المجتمع المدني والقوى الحية، وتركَّز في الوعي واتجهت الإرادة العامة بقوة إلى تحقيقه بعد أن تشرَّب الرأي العام بمختلف طبقاته ومستوياته ومشاربه هذا البرنامج، فأصبح خريطة الطريق لاختيار النواب، وقبل ذلك اعتباره المرشد الذي يحدد اختيار الطاقم الحكومي ممن يتناسب مع متطلبات تحقيق هذا البرنامج.

فبرنامج العمل الذي يعتبر النجم القطبي للعملية السياسية بجانبيها الحكومي والبرلماني لا وجود له في فضاء العملية السياسية منذ فجر الحياة الدستورية، وهذا الغياب قذفنا في سيناء التيه التي مر عليها ستون سنة لم نستفد من التجربة الديمقراطية التى تحطمت فاعليتها على صخرة العناد من جانب العاكفين على عجل الذهب الأسود، ومن جانب ضلال المعارضة وإدبارها عن برنامج العمل، وعدم أخذ الشعب النص الدستوري الذي ينص على أن الحكومة تقدم فور تشكيلها برنامج عملها للمجلس لكي يضع عليه ملاحظاته، وكما أكدت المذكرة التفسيرية أن الحكومة عليها أن تحل ملاحظات المجلس في المكان اللائق بها وبه كمجلس، وبناء عليه يرى الدكتور عادل الطبطبائي أن الحكومة إذا لم تأخذ بملاحظات المجلس جاز له أن يحرك المسؤولية السياسية بحجب الثقة عن الوزير المختص أو إعلان عدم التعاون. (النظام الدستوري في الكويت، د. عادل الطبطبائي (834– 839).

إذاً دائرة الاحتكاك والصراع يجب أن تكون بالدرجة الأولى في ساحة برنامج العمل، فالمجلس والحكومة وظيفتهما تجسيد إرادة الشعب بقواه الحية التي صاغت هذه الإرادة في شكل برنامج عمل لابد أن يهيمن على العمل الحكومي والبرلماني منذ لحظة تشكيل الحكومة وفي أول جلسة لمجلس الأمة، فيكون برنامج العمل أداة الشعب لإدارة العملية السياسية، والعجيب أن الدستور في مذكرته التفسيرية التي لها قوة الدستور كما ذكرت في مقالي السابق يتلامح منه بقوة اتجاه إلى أن تكون أغلبية التشكيل الحكومي من أعضاء المجلس، فألمح في المذكرة التفسيرية إلى عشرة عندما ضرب المثل في حال وجود وزراء من المجلس في التشكيل الحكومي وتم التصويت على حجب الثقة عن أحد الوزراء، فقال لو كان هناك عشرة وزراء من المجلس فإن الأغلبية المطلوبة ٢١ عضوا من أصل أربعين عضواً.

إذاً أرى المطلوب في بحر شهر قيام القوى الحية بوضع برنامج عمل للحكومة واختيار أعضائها بعد ذلك من قبل رئيس مجلس الوزراء على مقاس هذا البرنامج، وتكون هذه الحكومة مشكلة بأغلبية من البرلمان، حتى نردم الفجوة التي نجمت عن رفض الدخول في الوزارة من قبل من تُعرض عليهم.

أُكرر المطلوب برنامج العمل والضغط على النواب للدخول في التشكيل الحكومي، فهذا الإنجاز هو أولوية الأولويات وقد اجتهدت في رسم خطوط برنامج العمل، فأرجو الاطلاع عليه في مقالي بتاريخ 2020/11/13 في "الجريدة"، فهذا هو الحل للخروج من تيه الستين سنة.

ناجي الملا

back to top