أولاً وأخيراً: حاميها حراميها

نشر في 22-01-2021
آخر تحديث 22-01-2021 | 00:04
 مشاري ملفي المطرقّة رغم الجهود الكبيرة التي تبذلها الدولة في مواجهة ظاهرة الفساد وتأكيدات صاحب السمو أمير البلاد أن محاربة الفساد ليست خياراً بل هي واجب شرعي واستحقاق دستوري ومسؤولية أخلاقية ومشروع وطني يشترك الجميع في تحمل مسؤوليته، وأنه لا حماية لفاسد وألا أحد فوق القانون مهما كان اسمه أو صفته أو منصبه فإن مظاهر الفساد لاتزال تتفشى في معظم وزارات ومؤسسات الدولة وذلك بشهادة صادرة عن الهيئة العامة لمكافحة الفساد «نزاهة» التي أعلنت قبل أيام في تقرير لها تسجيل 90 بلاغاً جديداً خلال عام 2020 حول شبهات فساد في 37 جهة حكومية.

والملاحظ أن البلاغات المقدمة إلى «نزاهة» بخصوص وجود شبهات فساد ومخالفات مالية في عدد من الجهات الحكومية كانت ضد مديري إدارات بنسبة 34% يليهم القياديون بدرجة وكيل وزارة مساعد بنسبة تتجاوز 15% ثم مديري هيئات ونوابهم لينطبق عليهم المثل الشعبي الشهير «حاميها حراميها» الأمر الذي يشير إلى خطورة ما وصل إليه الفساد في البلاد، وأن المسؤولين الكبار المنوط بهم حماية المال العام هم المتورطون في سرقته والاستيلاء عليه، وأن كل التدابير والإجراءات والتشريعات الرادعة للفاسدين لم تؤت ثمارها بعد، وأن ضعاف النفوس وعديمي الوطنية يجدون البيئة الخصبة لتحقيق مآربهم الفاسدة.

وفي حقيقة الأمر أن وجود هذا الكم من مظاهر الفساد لا يستقيم في ظل تعدد الجهات الرقابية وما تقوم به من جهود وما تزخر به تشريعاتنا من أحكام تستهدف حماية المال العام والحد من مظاهر التعدى عليه، وبالتالي نحتاج إلى آليات جديدة وتشريعات تغلظ العقوبات وتساهم في الكشف عن بؤر الفساد حتى يمكن اجتثاثها مبكراً، كذلك نحتاج إلى الانتقال من حالة التذمر والشكوى إلى خطوات عملية جادة لمواجهة الفساد تؤدي إلى تجفيف منابعه ومنع أسبابه ومحاسبة المتسببين في جرائم الفساد واسترجاع الأموال العامة التى تعرضت للنهب والسرقة واتخاذ الاجراءات القانونية على الصعيدين المحلي والخارجي بما يستوجبه كل ذلك من جدية التحرك وتضافر كل الجهود وتعاون كل الجهات وتفعيل التنسيق الأمثل بين الجهات الرقابية.

فالمحافظة على المال العام وحماية سمعة دولة الكويت ومكانتها تستوجب اعتماد نهج عملي جاد في مواجهة آفة الفساد، وأن يكون هناك تحرك جاد وقوي من قبل الجهات الحكومية المنوط بها الرقابة، ولا تكتفي بمجرد إصدار البيانات التي ترصد شبهات الفساد إنما تضع الحلول وتحدد الإجراءات التي يجب اتخاذها، وكذلك يجب أن تقوم مؤسسات المجتمع المدني والمواطنين بدورهم في هذا المشروع الوطني المهم، فالكويت تستحق منا جميعاً أن نعمل من أجل نهضتها ورفعتها وأن تكون خالية من الفساد.

مشاري ملفي المطرقّة

back to top